.
ليه وإزاي؟

الاسطرلابي والفهري: زينة بنات العصر الذهبي للإسلام

كتب: أحمد حسين

فاطمة الفهري؛ زينة بنات القيروان

Untitled

من حوالي سنتين، كان في مناظرات بتحصل في تويتر _من غير أسباب_ بين ناس مختلفة، عن فكرة دور المرأة المسلمة في العالم. وكلام من هنا وكلام من هناك، الإتجاه كان رايح في سكة إن المرأة المسلمة ماكانش ليها أي دور في العالم، بالذات يعني من الناحية العلمية، عمرنا ما سمعنا عن ستّات مسلمات كان ليهم شأن في موضوع العلم ده، بس تقريبًا كده إحنا ماكنّاش بنسمع أوي أو ماكنّاش بنركز في اللي بنسمعه.

سنة 850 ميلاديًا، تقريبًا ظهرت امرأة صغيرة في السن ومتعلمة بشكل جيد اسمها ”فاطمة بنت محمد الفهري القرشي“ اتولدت في القيروان في تونس، درست علم الفلك، والبلاغة والقانون والقرآن والفقة والنحو والتاريخ والجغرافيا والصيدلة والرياضيات وبعض العناصر الكيميائية بس، حاجة بسيطة يعني!

نزحت مع أهلها (والدها وأختها وأخوها وزوجها) لمدينة فاس في المغرب، وبعد فترة العيلة ربنا فتح عليها من وسع وبقى معاهم فلوس كتير، بس الفرحة للأسف ماكملتش لفترة طويلة، وخسرت فاطمة والدها وزوجها وبعد فترة خسرت أخوها وورثت هي وأختها ”مريم“ الفلوس كلها.

في وقتٍ ما، فاطمة حاولت إنها ترد الجميل لأهلها في مدينة فاس، فعزمت على إعادة بناء مسجد القرويين، وضاعفت حجم رقعته بعد ما اشترت الأراضي اللي حواليه، علشان يتحوّل بعد فترة قصيرة لأكبر جامع وجامعة لتعليم العلوم والقرآن والفقة وغيره. بالمناسبة جامع/جامعة القرويين تعتبر ثاني أقدم جامعة في التاريخ بعد جامعة الزيتونة في تونس.

تقريبًا في ناس من كل مكان في العالم درسوا في الجامعة دي، فقهاء وعلماء زي ”أبو عمرو عمران بن موسى الفاسي“، فقيه أهل القيروان، وكمان ابن خلدون المؤرخ ومؤسس علم الاجتماع. وفي النهاية، كل ده بدأ من إمرأة مسلمة متعلمة عرفت في النهاية تفيد جزء كبير من البشرية، مع إنها كانت ممكن تاخد الفلوس اللي ورثتها دي وتبني بيها قصر بعيد عن البشر، وتزرع جناين وتنعم بما لذ وطاب من ملذات الحياة، لكنها فضّلت _في النهاية يعني_ إنها تستفيد وتفيد غيرها، ألف رحمة ونور على روح فاطمة الفهري والله.

مريم الاسطرلابي؛ على فين رايحين؟

مرة وأنا في ثانوي، كنت رايح درس أنا وواحد صاحبي والدرس ده في منطقة غريبة عننا يعني، المهم المدرس قال لنا على اسم العمارة _وهي المفروض عمارة مشهورة هناك_ وقال لنا نستنى عندها. وصلنا في الميعاد المحدد وسألنا سوّاق الميكروباص فين العمارة قال لنا الناحية التانية، فعدينا الشارع وفضلنا واقفين نتلفت حوالينا، سألنا واحد معدي كده فين العمارة دي قال لنا بنبرة صوت واثقة جدًا: “هأ، إنتوا إيه اللي جابكم هنا؟ ده العمارة دي في الشارع اللي ورانا”، ومشينا على حسب وصفته، وسألنا واحد تاني، فكان الرد زي الأول بالظبط!

المهم أنا وصاحبي زهقنا، ووقفنا عن راجل كده عنده محل بقالة صغير كده يعني، وقولنا نسأله عن العمارة اللي مدوخانا دي، فقال لنا بكل بساطة: ”ما هي يا ابني العمارة اللي إحنا واقفين تحتها دي“. القصة دي بقى كانت ممكن تتحل لو كان معانا (GPS)، كنّا بسهولة جدًا هنعرف مكان العمارة واسم كل الشوارع اللي حواليها. لكن تخيّل بقى لو كنّا توهنا مثلًا في القرون الأولى (القرن العاشر مثلًا) كان هيبقى إيه موقفنا ساعتها؟ بسيطة برضه، كنا هنستعمل الاسطرلاب!

علشان نحكي قصة الاسطرلاب دي، لأزم نرجع من الأول خالص، في القرن العاشر في مدينة حلب السورية، عاشت ست اسمها ”مريم الأسطرلابي“، ودي كانت عالمة فلك وبتشتغل كمان في مجال علوم الفضاء في البلاط الملكي. المهم، إيه أهمية مريم بقى في التاريخ؟ أو إزاي قدرت تفيد البشرية في مجال العلوم؟ ببساطة، مريم اخترعت شيء اسمه ”الاسطرلاب المُعقد“، وهو عبارة عن أسطوانة دائرية مرسوم عليها خطوط الطول والعرض للسماء، وفيها أجهزة مُعقدة لتحديد الاتجاهات عن طريق النجوم.

جهاز الاسطرلاب ده كان جهاز لا غنى عنه بالنسبة لأي عالم أو حد مهتم بالفلك بشكل عام، لأنه كان بيحدد أماكن النجوم والشمس، وقدروا يعرفوا عن طريقه تقدير صحيح للوقت عن طريق اختلاف الليل والنهار وارتفاع الشمس في السماء. وظل الاسطرلاب اختراع عظيم جدًا لحد ما تم اختراع البوصلة، والأقمار الصناعية، والـ(GPS)، لكنه في النهاية يعتبر الشرارة اللي بدأ منها كل شيء، والشكر طبعًا موصول لمريم الاسطرلابي، اللي قدرت تخترع شيء عظيم أفاد البشرية كلها.

 


المصادر:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى