.
حيّ يرزق

عن تخفيف الألم: انا هاعمل الصح وأشرب حشيش

كتبت: مها طــه

على مدار سنين طويلة من دراسة العلوم وبعدها الشغل في مجال توصيل العلوم، كل شوية تلاقي خبر جديد عن استخدام “طبي” جديد للحشيش أو الماريجوانا بالأمريكاني، والخبر يتقال من هنا وينتشر بسرعة الصاروخ، لكن اللي كنت دايمًا بقف عنده، طالما هو مفيد أوي كدة ليه بنتعامل معاه كمخدرات مش كمسكنات مثلًا.

الفرق بين الحشيش والماريجوانا

وإنت بتبحث عن أصل الحشيش/ الماريجوانا هتلاقي إنهم جايين من نبات واحد وهو نبات القنب، ويمكن ده سبب انتشارهم كمخدر ذو أصل طبيعي مستخرج من نبات، ومن هنا كمان بييجي الترويج له كنوع من العلاج لحالات مختلفة زي ما هنتكلم بعد شوية. وعلى الرغم من الاعتقاد الشائع بإن الماريجوانا ما هو إلا الاسم الأمريكي للحشيش، إلا إنهم في الحقيقة مختلفين.

نبات القنب زي أي نبات تاني بيتقسم لأجزاء مختلفة، على قمته بتنمو الزهرة اللي اكتشفها البشر الأوائل كواحدة من أقدم المواد المخدرة في تاريخ البشرية، وهي دي بقى الماريجوانا. أما الحشيش فهو المادة الصمغية الموجودة على ساق النبات، واللي بيتم تجفيفها واستخدامها كمخدر، ولذلك الحشيش بيكون له طبيعية زيتية شوية مش زي الماريحوانا خالص.

اعرف أكتر|الداتورة في الإسطورة الإغريقية بين الخيال والعلم

صورة: Cannabis Business Times

الحشيش والماريجوانا ليهم تأثير كبير على الجهاز العصبي للبشر، وبالتالي لهم القدرة على التحكم في كتير من العمليات الحيوية في الجسم، زي التحكم في الشهية وتنظيم النوم وحتى المشاعر، وكل ده بسبب وجود مواد كيميائية اسمها “كانابينويدات –  cannabinoids” واللي ليها مستقبلات خاصة في جسم الإنسان بتخليه يقدر يتفاعل معاها، وبالتالي أثرها يظهر عليه.

الدراسات أثبتت إن المواد دي بعد ما بتدخل جسم الإنسان بتمشي فيه مع الدم، وتبدأ تدور على المستقبلات الخاصة في الأعصاب الطرفية وترتبط بيها، وتمنع إشارات الألم من الوصول للمخ، ولذلك لما حد بيشرب حشيش/ ماريجوانا بيبدأ يفقد إحساسه بالألم، وده اللي بيخلي بعض الدراسات تؤمن بقدرة المواد المخدرة في القنب على تخفيف الالتهابات وتقوية الجهاز المناعي.

ومن هنا بدأ العلماء ياخدوا بالهم من نبات القنب ويركزوا مع الفوايد الطبية المحتملة له في علاج وتخفيف الألم في عدد من الأمراض العصبية والالتهابية، ونظرًا لإن الماريجوانا أكثر انتشارًا من الحشيش في أوروبا وأمريكا، ولأنها كمان أخف من الحشيش من حيث قوة المخدر، بدأت الأبحاث على مدار السنين اللي فاتت تتوالى فيما يخص الفوايد الطبية للماريجوانا.

اللي تحسبه اصطباحة يطلع علاج

الدراسات العلمية اللي اتعملت على الماريجوانا في السنين الأخيرة أدت لموافقة هيئة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) على نوعين من الأدوية -الأقراص-  اللي بيدخل في تركيبهم مواد “الكانابينويد”، على الرغم من إنها ولحد اللحظة دي لم تسمح بالتعامل مع الماريجوانا نفسها (نبات القنب) كنبات له استخدامات طبية.

الجسم بيفرز مواد الكانابينويد أصلا بشكل طبيعي في الجسم، ولذلك ليها مستقبلات خاصة بيها في الجهاز العصبي، وبتساهم في تنظيم كتير من العمليات الحيوية وعلى رأسها تخفيف الألم، لكن طبعًا وفي بعض الحالات بتكون الكمية ونوعية المواد دي مش كافية عشان تقلل الألم والالتهاب في حالات زي التهاب الأعصاب والفيبروميالجيا.

صورة: myDr

العلماء مهتمين بنوعين تحديدًا من الكانابيونيدات وهما (CBD) و(THC) واللي بيشتغلوا بشكل أساسي على تقليل الالتهابات والألم وما يصاحبهم من التورم والاحمرار وكمان المشاكل المرتبطة بالتحكم في العضلات، ولذلك بيتم استخدامهم كعلاج في السيطرة على نوبات الصرع وعلاج بعض الأمراض العقلية وعلاج الإدمان كمان، لأنهم بيدوا للجسم نفس شعور تسكين الألم من غير ما نوصل لمرحلة الشعور بالنشوة والخدر.

اعرف أكتر| ما بين المرض العقلي والعصبي والنفسي

بعض الدراسات الحديثة على الحيوانات أثبتت إن مستخلصات نبات القنب ممكن تساعد في قتل خلايا سرطانية معينة وتقليل حجم خلايا تانية، ومن ضمن أشهر النتايج دي كانت النتيجة اللي ظهرت في تجربة الفئران المصابة بواحد من أخطر أنواع سرطان المخ، واللي فيها تم الاستعانة بمواد (CBD) و(THC) مع العلاج الإشعاعي.

يعني العلاج سجارتين على الريق؟

طبعًا التدخين عمومًا سواء كان تبغ – حشيش – ماريجوانا أو غيرهم يعتبر مؤذي بشكل عام، وبيؤثر على الجهاز التنفسي بشكل مباشر. كمان ممكن يؤدي للإصابة بالجلطات والشلل وغيرهم من المشاكل الصحية الخطيرة، ولذلك نحب نلفت نظر أي حد فرح بالأخبار المتتالية عن الحشيش والماريجوانا، إنه ياريت ماتفرحش أوي كده عشان اللي في دماغك مش حقيقي.

المواد المستخلصة اللي بيتم استخدامها في العلاج تعتبر مواد غير مُسكِرة أصلًا، وبالتالي المريض بياخد الفوايد الطبية بس من غير ما يتعرض لمشاكل صحية تانية، وعشان كده تم التصريح بالموافقة للأدوية المحتوية على المستخلصات دي. ومؤخرًا كمان بدأ كتير من العلماء يشتغلوا على تطوير طريقة تعاطي جرعات الأدوية دي، والتساؤل عن أحسن طريقة لضمان الكفاءة.

الماريجوانا أمل جديد لعلاج أصعب الأمراض

حاليًا كتير من التجارب العلمية بتحاول إثبات الفوايد الطبية للماريجوانا في علاج أمراض صعبة زي الإيدز والتصلب المتعدد (MS)، وغيرهم من الأمراض العصبية والعضلية اللي بتتسبب في الشعور بآلام مبرحة، واللي ظهر على رأسها مؤخرًا مرض الفيبروميالجيا.

اعرف أكتر| الفيبروميالجيا: “آه يا عضمك ويا عضلاتك يا رضا!”

وبما إن مرض الفيبروميالجيا واحد من أصعب الأمراض العصبية العضلية نظرًا لإنه ولحد اللحظة دي يعتبر مجهول إلى حدٍ ما وتشخيصه صعب، بسبب إن أعراضه متداخلة مع أمراض تانية كتير، وبيتسبب في آلام مبرحة في العضلات وتغيرات مزاجية حادة وشعور عام بالإرهاق ومشاكل متعلقة بالنوم والذاكرة، وبيعتمد فيه العلاج على المسكنات ومضادات الإكتئاب، كانت الماريجوانا هي الأمل.

صورة: healthyfoodhouse

بعض الدراسات اللي اتعلمت في 2014 عن تأثير مستخلصات الماريجوانا على مرضى الفيبروميالجيا، قالت إنها ساهمت في تخفيف الألم والأعراض  المصاحبة ليها في 62% من الحالات اللي تم دراستها. وفي 2016، تم الإعلان عن صدور لاصقة طبية بتسمح بتوصيل “الكانابينويدات” عن طريق الجلد، وبكده ممكن تستخدم في تخفيف الألم والتهاب الأعصاب والفيبروميالجيا، وإن تأثيرها بيظهر أسرع من الأقراص لأنها بتدخل من الجلد على مجرى الدم مباشرةً.

في النهاية، مازالت الأبحاث مستمرة ومحتاجة لكتير من التجارب السريرية على المرضى لحد ما نقدر نثبت بشكل قاطع براءة الماريجوانا والحشيش ونعترف بإن إحنا اللي غلطنا في استخدامهم عشان نبقى مبسوطين شوية زيادة، وساعتها بقى نقدر نقول إن الحشيش زيه زي النعناع والكمون وغيرهم من النباتات الطبية صاحبة السمعة الحلوة.


المصادر:  medicinenet  webmd  drugabuse  cannabis  fibromyalgianewstoday

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى