“داري على شمعتك تقيد”: 3 أسباب علمية عشان ما تحكيش عن أهدافك لحد!
كتبت: مها طــه
في واحد من الاجتماعات الشهرية لنيون، بدأت أتكلم بمنتهى الحماس عن مجموعة من الأفكار الجديدة لمواضيع مقالات، ومن بين الأفكار كانت واحدة ملفتة للنظر جدا، وعلى عكس العادي كان عندي خطة متكاملة للمقال وكأنه مكتوب جوا دماغي وكل الحكاية إنه بس محتاج لصياغة عشان يطلع ويكسر الدنيا، والنهاردة بعد سنتين ونص من الاجتماع ده، المقال لسة محبوس على اللاب توب واتكتبت فيه فقرة احدة بس! ولما لقيت مصيره البائس قلت لازم أعرف ليه المقال ده لحد دلوقتي ماتكتبش؟!
السبب الأول: الإحساس الزائف بالمكافأة
كلنا بنسمع كلام من أهالينا من نوعية “داري على شمعتك تقيد” و “استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان” وكل الكلام اللي أغلبنا مش مقتنع بيه ده، لكن تخيل إن العلم كمان بيقولك كدة، ولأ مش من باب الحسد وكده، لكن لأنك بالشكل ده بتعطل من قدرتك على تحقيق أهدافك أو أحلامك اللي اتكلمت عنها.
سنة 2009، اشترك عالم النفس الألماني “بيتر جولفيتزر”، الأستاذ بجامعة نيويورك، مع عدد من زملاؤه في بحث ملخصه، إنك بمجرد ما بتتكلم عن أهدافك المستقبلية بشكل عام قدام الناس، بيقلل من فرصتك في تحقيق الأهداف دي.
في الدراسة، طلبوا من مجموعة من طلاب القانون يملوا استبيان عن مدى التزامهم في تحقيق أقصى استفادة من الفرص التعليمية المتاحة لهم، والمجموعة اللي أظهروا مستوى عالي من الالتزام بإنهم يبقوا محامين، تم تقسيمهم لمجموعتين.
المجموعة الأولى، عرفوا إنهم هيتم مناقشتهم في الاستنبيان بعد ما يتأكدوا من إن الإجابات اللي كتبوها فعلًا صحيحة ومقصودة. أما المجموعة التانية فكان المطلوب منهم، إنهم بس يحطوا الاستبيان ده في صندوق وفهموهم إن إجاباتهم محدش هيشوفها.
بعد كدة، تم منح 45 دقيقة لكل مجموعة منهم عشان يشتغلوا فيها على قضايا قانونية، المجموعة الأولى – اللي اتعرفت إجاباتهم- قضوا وقت أقل في العمل على القضايا، مقارنةً بالمجموعة التانية اللي كانت إجاباتهم مجهولة.
استنتج الباحثون إنه لما الشخص بيحكي عن هدفه قدام الناس، المخ بيشعر بنوع من المكافأة الإحساس المزيف بإنك خلاص وكأنك حققت الهدف، وكنتيجة لإحساسك بالمكافأة والخديعة اللي مخك بيمارسها عليك، بتقلل من مجهودك. لذلك في الحالة دي الطلاب اللي اتناقشوا في التزاماتهم، حسوا من وكأنهم خلاص بقوا محامين بقى وبيتكلموا عن واقع، وبالتالي لما جينا لوقت الجد، كان الجهد المبذول قليل.
وعشان كدة في جزء من التراث المصري هتلاقي مقولة شهيرة جدًا “اللي بيعمل مبيقولش واللي بيقول ما بيعملش”. ولذلك لو كان هدفك مهم أوي ليك، نصيحة كده بلاش تتكلم عنه، إلا لما تكون قطعت شوط حقيقي في تحقيقه، وبذلت مجهود يجنبك الاحساس الزائف بالمكافأة.
السبب التاني: الثناء على الشخص Vs الثناء على الفعل
في دراسة تانية، حاول الباحثين يقيسوا تأثير أنواع معينة من الثناء على مدى حماسنا لتحقيق الأهداف، وقسموا المشاركين لتلات مجموعات كالآتي:
- مجموعة أولى : تكون ردود الأفعال عليهم متعلقة بالثناء على الشخص نفسه (إنت عظيم/عبقري..)
- مجموعة تانية: تكون فيها ردود الأفعال متعلقة بالثناء على العمل نفسه (طريقة عظيمة/عبقرية..)
- مجموعة تالتة: مفيش ردود أفعال إطلاقًا.
وبعد التقسيم، طلبوا من كل مجموعة تمر بـ3 اختبارات. في الاختبارين الأول والتاني، تلقت المجموعة الأولى ثناء في شكل تعليق مكتوب ” ممتاز.. أنت لديك موهبة طبيعية”، والمجموعة التانية كان التعليق ” ممتاز.. أنت تستخدم استراتيجيات فعّالة حقًا”، والمجموعة التالتة محصلتش على أي ثناء. الاختبار التالت، كان غرضه إن المجموعات التلاتة تحس بالفشل، فتلقوا كلهم ردود أفعال واحدة بتقول بمنتهى البساطة ” أنت لم تفعل ما عليك في هذا الاختبار”.
بعد أول اختبارين، أظهرت النتايج إن مفيش أي تأثير أو حافز تركته الاختبارات، لكن بعد الاختبار التالت (الفشل)، أظهرت النتايج إن الأشخاص اللي تم مدحهم شخصيًا كانوا أقل حماسًا من الأشخاص اللي تم مدح طريقة عملهم، وبالذات بالنسبة للمتخصصين في مجال معين، اللي قالوا إن مدح طريقة عملهم كان بمثابة حافز كبير في مقابل مدح شخصهم أو عدم الثناء إطلاقًا.
وعلى الرغم من اعتقادنا بإن الثناء على شخصيتنا أفضل لينا، إلا إن الثناء على طريقة تنفيذنا للأهداف، غالبًا بتكون مفيدة لينا أكتر، تخيل مثلًا إنك قلت لحد انا من بكرة هتعلم “اللغة الصينية” لوحدي بدون معلم، فتلاقي اللي حواليك بيقولوا “إنت أكيد عبقري”، ولما تفشل في ده، تحس إنك فاشل في العموم، لكن لو أعلنت عن نفس النية، فكان الرد ” إنت طريقتك في المذاكرة دي جيدة جدًا” فتكون بمثابة حافز حقيقي ليك للاستمرار وتحقيق الهدف، ولو فشلت هيكون تركيزك إن تغير الطريقة مش إنك غير كفء أو فاشل.
السبب التالت: لو كنت مبتدئ ابعد عن التعليقات السلبية
سنة 2011، وفي جامعة شيكاغو أجريت دراسة لتحديد مدى تأثير ردود الأفعال الإيجابية والسلبية على السعي لتحقيق الأهداف، وكانت النتيجة إنه لو كانت ردود الأفعال إيجابية فحفزت الإلتزام عند الشخص، فده هيتسبب في زيادة الحماس تجاه الهدف. أما لو كانت ردود الأفعال إيجابية فحفزت الإحساس بالإنجاز، غالبًا هتتسبب في فقدان الحماس ولو بشكل جزئي تجاه الهدف.
على سبيل المثال، الباحثين قالوا إنك لو طالب بتدرس علم الرياضيات، وجبت درجة جيدة في الامتحان، لو ترجمت ده على إنك بتحب الرياضيات فتفوقت فيها، غالبًا هتذاكر بجد أكتر وتحقق درجات أحسن، أما لو ترجمت ده على إنك عملت إنجاز، فغالبًا هتحس بالتحقُق وتقلل شوية من المذاكرة.
ولدراسة النتايج بشكل أفضل، قام نفس فريق البحث، بعمل دراسة تانية على مجموعة من الطلاب الأمريكيين اللي بيدرسوا مادة اللغة الفرنسية، نصهم كانوا مبتدئين، والنص التاني كانوا في مستوى متقدم من اللغة. الباحثين لقوا إن الطلاب المبتدئين فضلوا إن المدرس يكون بيقول تعليقات إيجابية على مستواهم، وعلى العكس تمامًا، كانوا الطلاب المتقدمين بيفضلوا المدرس يكون بيقول تعليقاته السلبية على مستواهم.
وفي دراسة تالتة، تم إعادة الاختبار على طلاب أمريكيين برضه، لكن المرة دي، كان مع تجربة الكتابة باللغة الألمانية، وكانت النتايج متشابهة جدًا مع الدراسة الأولى. كمان أشارت الدراسة دي، لإن كلما كان المستوى متقدم، كلما كان السعي ورا التعليقات السلبية أكتر، لأنه زي ما قولنا لو التعليقات بشكل إيجابي غالبا في المرحلة دي ده هتحفز الشعور بالإنجاز، وبالتالي هتقلل من الشغف لتحقيق بقية الأهداف.
من كل اللي فات ده استنتج الباحثين إن الأشخاص المبتدئين عمومًا، بيهتموا بفكرة تقييم مدى التزامهم بتحقيق الهدف، وبالتالي بيعتبروا التعليقات الجيدة بمثابة حافز عشان يكملوا في طريقهم. أما على العكس، فالأشخاص اللي عندهم خبرة حقيقية بيهتموا أكتر بتقييم مدى إنجازهم في تحقيق الهدف ده.
ومن هنا نقدر نقول إنك لو مازلت مبتدئ في مجال، فإنت في الأغلب محتاج ماتتكلمش عن أهدافك مع أشخاص كتير تعرضك لتعليقات إيجابية وكمان سلبية ممكن تحبطك، فالأفضل تتكلم مع عدد قليل من ناس بتثق فيها في المجال بتاعك لأنك محتاج في الفترة دي للتعليقات الإيجابية والبنُاءة، عشان تضمن تحقيق هدفك والتزامك بيه على المدى الطويل.
وفي النهاية، دي كانت أشهر الأسباب اللي العلم بيقولهالك عشان متحكيش لحد عن أهدافك وطموحاتك وبرضة مفيش مانع تاخد بنصيحة ماما وتداري على شمعتك عشان تقيد، وربنا يوفقك ويوفقنا ونحقق كل الأهداف اللي بنسعى ليها، وأهم حاجة نسعى.
المصادر: petershallard psychologytoday reed chicagobooth