.
ليه وإزاي؟مقالات مترجمة

متلازمة الشر : هل الشر مرض؟ داعش والوحشية في علم الأعصاب

نُشِر المقال في دورية New Scientist العلمية – ترجمته إلى العربية: مها طــه

من الصعب أن نفهم كيف تحوّل الجماعات النازية وغيرها من الجماعات المتطرفة كداعش أشخاصًا عادية إلى قتلة متوحشين، لكن ربما كان الشر مرض وربما أيضًا يمكننا علاجه. ما الذي يدفع شاب بالغ طبيعي تخرج في الجامعة للظهور في وقت لاحق في شريط فيديو يُنفذ فيه حكم إعدام عدد من الأشخاص بدمٍ بارد باسم الجهاد؟ إن مجرد التفكير في وجود جماعة تُسمي نفسها داعش وتُعلن الحرب على الكفار يُعد لغزًا محيرًا، لكن منذ 70 عامًا كان يتم طرح نفس الأسئلة بخصوص حراس معسكرات الاعتقال النازية، وللأسف توافرت العديد من الفرص فيما بين الجماعيتن للتفكير في هذه الأسئلة مجددًا.

ما الذي يحوّل شخص عادي إلى قاتل؟

تعتبر فكرة أن يُصبح إنسان متحضر قادرًا على القيام بالأعمال الوحشية بعيدة كل البُعد عن التحضُر، وغالبًا ما يقع اللوم فيها على غرائزنا الحيوانية. حيث تعمل المناطق البدائية بالمخ على الاستيلاء على المناطق الأكثر عقلانية وتخربها، لكن هذا النوع من التفكير الجديد _فرضية أن الشر مرض_ هدم هذا الاعتقاد السائد رأسًا على عقب، فتقول الفرضية أن أدمغة الأشخاص الذين يقومون بأعمال وحشية أكثر تطورًا وأعلى أداءًا. وأُطلِق على هذه التغيرات في أداء المخ ”متلازمة E“. و حرف الـE هنا يأتي اختصارًا لكلمة evil أو الشر.

في عالم أصبح القتل فيه على أساس اختلاف الأيدولوجيات منتشر، هناك حاجة ماسة لوجود رؤى جديدة لحل هذه المشكلة. لكن إعادة التعريف بالشر كمرض تُعتبر قضية خلافية، حيث يعتقد بعض الناس أنها يمكن أن توفر مبررًا للقيام بأفعال وحشية وشنيعة على يد منظمات متطرفة وهو ما يجتذب المزيد من الشباب لهم. بينما يرى البعض الآخر أنه ينفي حقيقة أن لدينا جميعًا القدرة على الشر في داخلنا. مع ذلك فإذا كان الشر مرضًا، فيتحتم على المجتمع تشخيص هذا المرض لدى الأفراد الأكثر عُرضة للإصابة به والحد من انتشار هذه العدوى بين الناس. فلو كان لنا أن نفعل ذلك، ربما نستطيع أن نضع حدًا للتطرف بل نعكس تأثيره أيضًا.

حراس معسكرات الاعتقال النازية ونزعات العنف

في أعقاب الحرب العالمية الثانية، أصبح سلوك حراس معسكرات الاعتقال النازية موضوعًا للدراسة، حيث يراهم بعض الباحثين كجلادين لديهم الاستعداد والدوافع الأيدولوجية للقيام بهذه الاعمال الوحشية، فيما يراهم البعض الآخر كأشخاص يطيعون الأوامر دون التفكير فيها. تجدد هذا الجدل في منتصف التسعينيات في أعقاب الإبادة الجماعية في رواندا ومذبحة سربرنيتشا في البوسنة. في عام 1996، أشارت افتتاحية مجلة ”لانسيت“ إلى أن أحدًا لم يعالج الشر من وجهة النظر البيولوجية. لذا قرر ”إسحاق فرايد“، جراح الأعصاب بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، قبول هذا التحدي.

في ورقة بحثية لفرايد، نُشرت عام 1997، قال أن تحوّل الشحض غير العنيف إلى قاتل محترف يُكرر فعل القتل يتميز يمجموعة من الأعراض التي تُشير إلى ما أطلق عليه اسم ”متلازمة الشر“، والتي تتميز بسبعة أعراض وهي:

  • العنف القهري المتكرر
  • المعتقدات الوسواسية
  • قلة الحساسية نحو العنف
  • الحالة العاطفية السطحية الجامدة
  • فصل للعنف عن الأنشطة اليومية
  • الطاعة التامة للسُلطة
  • التعامل مع أعضاء المجموعة التي ينمتى لها كجماعة فاضلة

أشار ”فرايد“ إلى أن هذا يحدث كنتيجة لـ”الكسر المعرفي“، والذي يحدث عندما تتوقف المنطقة العليا في الدماغ وقشرة الفص الجبهي (PFC)، واللتان تختصا بعمليات التفكير العقلاني واتخاذ القرارات، عن الانتباه إلى الإشارات التي تأتي من المناطق الأكثر بدائية في المخ .

قال ”فرايد“ أن هذه الفكرة استولت على خيال الناس، لأنها استطاعت وصف وتحديد هذا العيب الأساسي في حالة الإنسان. وأضاف أنه كما يعني وجود مجموعة من الأعراض كالحمى والسعال الإصابة بالإلتهاب الرئوي، فتحديد مجموعة من الأعراض الدالّة على هذه المتلازمة، قد يعني أنه يمكن التعرف على الشخص المُصاب بها في مراحل مبكرة. لم تكن هذه أكثر من مجرد نظرية تبحث عن دليل ليؤيدها، لكن من وقتها وحتى الآن قطع علم الاعصاب شوطًا طويلًا، ولذلك نظّم ”فرايد“ مؤتمرًا في باريس في وقتٍ سابق من هذا العام لإعادة النظر في هذا المفهوم.

بشكل أساسي يُعد فهم سلوك القتل ما هو إلا فهم لعملية صُنع القرار، وهو ما انطلق منه علماء الأعصاب في هذا المؤتمر. طبقًا لنظرية ”فرايد“، فإن الناس عادةً ما يكن لديهم نفور طبيعي من إيذاء الآخرين، وفي حالة صحة هذه الفرضية، فإن المناطق العليا من المخ تتجاوز هذه الغريزة لدى الأشخاص المصابين بمتلازمة الشر، فكيف يمكن أن يحث ذلك؟

كان ”اتيان كويشلين“، من مدرسة المعلمين العليا في باريس، قادرًا على إلقاء بعض الضوء على هذا الأمر من خلال النظر إلى الناس المُطيعة للقواعد التي تتعارض مع تفضيلاتهم الخاصة. فوضع المتطوعين داخل الماسح الضوئي للمخ، مع السماح لهم بالاختيار بين اثنين من المهام البسيطة استرشادًا بتجاربهم السابقة المتمثلة في الأكثر جدوى من الناحية المادية (دفع 6 يورو مقابل 4 فقط). بعد حين تم اختيار مجموعة منهم بشكل عشوائي، وطُلب منهم اختيار واحدة من المهمتين لكن بناءًا على لون مُعين لكل مهمة، حيث سيكون اللون هو ما سيتم على أساسه الاختيار قيل للمتطوعين أنهم إذا رفضوا المهمة، فلن يحصلوا على أي مبلغ من المال.

كالعادة اتبع المتطوعون القاعدة، حتى ولو كانت المهمة المطلوبة ستجني عليهم المبلغ الأقل من المال في التجربة الأولى. ولكن هناك أمرًا غير متوقع حدث، فعلى الرُغِم من أن اتباع أمر معين في التجربة معناه أن القرار أسهل، إلا أن المتطوعين استغرقوا وقتًا أطول للقيام بذلك، كما لو أنهم يعانون من تضارب داخلي.

في مسح المخ، كانت المناطق الجانيبة والوسطى من قشرة الفص الجبهي مضيئة. الجزء الأول معروف بحساسيته تجاه الأوامر، أما الجزء الثاني فيستقبل المعلومات من الجهاز الحوفي، وهو جزء قديم من المخ مسئول عن معالجة المشاعر والحالة العاطفية، ولذلك يُعتبر حساس للتفضيلات الفطرية لدى البشر. بعبارة أخرى عند اتباع القاعدة، تظل التفضيلات الشخصية الفطرية للشخص موجودة في عين الاعتبار، لكن يطغى عليها فقط الجزء الجانبي من قشرة الفص الجبهي المعروف بحساسيته تجاه الأوامر.

بطبيعة الحال فإن حالة التجربة واللعب بورقات اليورو بعيد كل البعد عن اختيار إنسان لقتل إنسان آخر. مع ذلك يعتقد ”كوشلين“ أن نتائجه تُظهر أن القيم الغريزية لدينا تصمد وتبقى حتى عندما تتغير قواعد اللعبة. حيث قال أن القواعد لا تغير القيم لكنها تُغير السلوكيات، ولقد فسر ذلك على أنه سلوك طبيعي وليس مرضي، حيث أن مناطق المخ العليا تتجاوز في إشاراتها المناطق البدائية في المخ.

لو كانت نظرية ”فرايد“ صحيحة، فإن هذه العملية تساعد في شرح كيفية تغلُب شخص عادي على الحساسية المُفرطة تجاه القتل. نفس التفسير من وجهة نظر علم الأعصاب كان هو الدافع وراء التجارب الشهيرة التي أجراها الطبيب النفسي ”ستانلي مليجرام“ في جامعة ييل في الستينيات، والتي كشفت عن مدى غرابة التصرفات لدى الأشخاص الخارجين للتو من طاعة السُلطة، لدرجة أن حكمهم على الأمور من وجهة نظرهم كانت بمثابة صاعقة للغرباء.

ما يمر به الشخص عند تجربته الأولى للقتل واتباع الأوامر

أشار ”فرايد“ إلى أن تجربة الأشخاص مع القتل لأول مرة يتبعها رد فعل معوي كتقلصات البطن والتهاب الأمعاء، ولكن بمرور الوقت تختفي هذه الحساسية تجاه القتل. الغريزة الفطرية بعدم إلحاق الضرر بالآخرين يمكن التغلب عليها بسهولة عند الأشخاص الذين فقط يتبعون الأوامر. في بحث غير منشور استخدم ”باتريك هاجارد“، من جامعة كلية لندن، مسح الدماغ لإظهار أن إتباع الأوامر كفيل بجعل الأشخاص أقل مسئولية تجاه أفعالهم، وقال ”هاجارد“ أن هناك شئ ما يحدث لدى الأشخاص المجبورين يجعلهم يشعرون بأشكال مختلفة من القوة، وحتى لو كان هؤلاء الأشخاص قادرين على الابتعاد عن هذه الأحداث غير السارة، فإنهم يؤيدون نفس الأفكار.

ما يلفت النظر أنه في العديد من حالات القتل الجماعي، سواء المعاصرة أو التاريخية، فإن الجناة غالبًا ما يختارون القتل حتى لو لم يكن هناك أمرًا مباشرًا للقيام بذلك. في كتابه ”الرجال العاديين“ روى المؤرخ “كريستوفر براونينج“ عن حالة وحدة نازية تُسمى كتيبة الشرطة الاحتياطية (101) قائلًا أنه لم يكن هناك أحدًا من أعضاء هذه الوحدة مجبرًا على القتل، مجموعة قليلة منهم مارسوا القتل منذ البداية، لكنهم جميعًا كانت لهم ميول سيكوباتية أو سادية، مع ذلك فإن الغالبية العُظمى ممن كانوا منهم يترددون في القتل، خضعوا للتحول بسرعة، ليصبحوا أشخاصًا بلا رحمة. وأطلق عليهم ”براونينج“ اسم ”القتلة الروتينيين“، كما لو أنهم بمجرد أن قرروا القتل، فسرعان ما أصبحت هذه عادة لديهم.

القتل الروتيني وكسر دائرة العادة

تم اعتبار العادات منذ وقت طويل كأفعال لا إرادية، وسلوكيات لا يتحكم فيها المخ العلوي، ويبدو أن هذا دعّم فكرة أن الدماغ البدائي هو الذي يتحكم عندما يتحول الأشخاص العاديين إلى قتلة. لكن هذا التفسير تمت مواجهته ببحث جديد لعالمة الأعصاب ”آنّ جرايبيل“ في معهد ماساشوستس للتكنولوجيا، حيث قالت أنها تدرس الأشخاص الذين يعانون من الاضطرابات النفسية الشائعة مثل: الإدمان والإكتئاب، والتي تقود أصحابها إلى قرارات سيئة عادةً. في الأوقات عالية الخطورة، يميل هؤلاء الأشخاص إلى التقليل من العواقب في مقابل المنفعة التي سيحصلون عليها، فيتقبلون مستوى غير صحي من الخطر، وتُشير ”جرايبيل“ إلى أن الدماغ العليا هي المسئولة في هذه الحالة.

في مجموعة من التجارب، تم تدريب الفئران لاكتساب عادات معينة _مثل اتباع بعض الطرق في المتاهات_، ثم قام الباحثون بقمع نشاط الخلايا العصبية في منطقة قشرة الفص الجبهي، والتي تمنع الإشارات القادمة من الجزء البدائي في المخ والمُسمى باللوزة، وعلى الفور غيّرت الفئران من سلوكها في الحركة، بمعنى أن العادات تم كسرها.

قالت ”آن جرايبيل“ أن الفكرة القديمة التي تقول أن الدماغ المعرفي لا تتدخل في تقييم السلوك المُعتاد، وأنه بعيد عن سيطرتها، ما هي إلا فكرة خاطئة، وأضافت أنها على العكس تخضع للتقييم والسيطرة لحظة بلحظة، وهو ما يعد اكتشافًا مثيرًا حسب قولها لأنه يُشير لوجود طريقة لعلاج الأشخاص المصابون بعادات لا يمكنهم السيطرة عليها كالوسواس القهري أو حتى ربما متلازمة الشر.

ما جعل هذه التجربة ممكنة على الفئران هو تقنية معروفة باسم علم البصريات الوراثي، والتي تسمح للضوء بتنظيم نشاط الخلايا العصبية المُبرمجة وراثيًا في قشرة الفص الجبهي في الفئران. ولكن هذا غير مسموح به في البشر، ولكن العلاجات المعرفية والسلوكية أو الأدوية يمكنها تحقيق نفس التأثير. تعتقد ”جرايبيل“ أن هذه الطريق يمكنها أيضًا منع الناس من اتخاذ قرار القتل في المقام الأول، عن طريق توجيههم بعيدًا عن هذا النوع من التفكير التحليلي للعواقب والمكاسب، والذي يؤدي في النهاية للتفكير في القتل. مثلًا تفجير النفس داخل حافلة مزدحمة لمجرد الاختلاف الأيديولوجي مع أحد الركاب.

في تجارب أخرى منفصلة لفريق ”جرايبيل“ على الفئران المخاطرة، وجد الفريق أن نشاط الخلايا العصبية يتناقص في جزء من الجهاز الحوفي، وهو الجزء الذي يتصل بقشرة الفص الجبهي، ما جعل الفئران أكثر نفورًا من المخاطر. قالت ”جرايبيل“ أنه يمكن فقط عكس الإشارات وبشكل جذري سوف يتغير السلوك.

كما أوضحت ”جرايبيل“ أن طريقة تغاضي المجتمع أو تقبله لهذه السلوكيات تُعد أمرًا مختلفًا، فإذا كان الشخص الإرهابي من وجهة نظر بعض الأشخاص، فإنه مقاتل من أجل الحرية من وجهة نظر البعض الآخر، إذًا فمن سيحدد السلوك غير القادر على التأقلم؟ هذا ما يعززه عالم الأنثروبولوجيا ”سكوتّ أتران“ في جامعة ميتشيجان، والذي خاطب مجلس الأمن الدولي حول أبحاثه عن العنف بدوافع أيديولوجية، وقال إن القاعدة وداعش وصفوا الهجمات على هيروشيما وناجازاكي بالشر، دون اعتبار سقوط ضحايا من المدنيين.

”أتران“ عارض فكرة جعل الشر مرضًا، وآخرين شاركوه نفس الشكوك، عالم النفس الإجتماعي ”ستيفين رايشير“ في جامعة سانت أندروز بالممكلة المتحدة، قائلًا أن مشكلة متلازمة الشر هي أنها تقسم العالم إلى جزئين هم ونحن، فإنها تفترض أن الأشخاص أصحاب العقول المعيبة فقط هم القادرون على الشر، في حين أن الكل قادرٌ عليه، وأضاف أنه إذا كنا نريد جعل هذا العالم مكانًا أقل عنفًا، فعلينا النظر في هذا السياق، وهو ما يتطلب منا التراجع عن التفكير في الفرد، وإلقاء نظرة على الجماعة.

قال ”رايشر“ أن الملاحظات التي خرج بها ”فرايد“ من تجاربه الشهيرة تُعد كاشفة، حيث أنها تُظهِر أن الناس في الواقع عُرضة لسلسلة كاملة من الاستجابات، بدايةً من المشاركة الحماسية وحتى الرفض عبر التردد القلق. ما يحدد استجابة الفرد هو تحيزهم في التجربة ناحية السلطة أم الضحية، ويعتقد أن السؤال الأهم هو كيف يُعرّف مرتكبي الجرائم نفسهم؟ مع من يتعاطفون؟ ومن يرون أنه يشكل تهديدًا لهم؟ وهو ما يُعد أمر منطقي بالنظر إلى ما نعرفه عن السلوك الجماعي.

تطور البشر كحيوانات فائقة الإجتماعية، تعتمد على وجود المجموعة للبقاء على قيد الحياة. فنحن لدينا ميل مُكثف نحو البقاء في جماعة، حيث مجرد لمح طيف للون معين كفيل بأن ننضم لشخص غريب يرى نفس اللون. أستاذ علم الأعصاب المعرفي ”جولي جريزيه“، في مدرسة المعلمين العليا، شرح أن الانتماء إلى مجموعة صغيرة وغير دائمة حتى، يحدد الكيفية التي ننظر بها للغرباء، حيث نكون أقل تعاطفًا مع من هو خارج مجموعتنا، ويمكن حرفيًا أن ننفي عنهم إنسانيتهم. لأننا نميل إلى تبني المعتقدات والقيم في المجموعة التي ننتمي إليها، فإن مجموعاتنا تؤثر أيضًا في تصرفاتنا تجاه الغرباء، هل هذا التصنيف _من هو من جماعتنا ومن خارجها_ ما يجعل من الإبادة الجماعية فعل فاضل ويصف القتلة كأنبل من فينا؟

على الجانب الآخر الجماعة يمكنها أن تكون قوة جيدة وحضارية للغاية كذلك. في الواقع، مقاومة العنف تميل إلى أن تحدث من خلال المجموعات، كما هو في حالة الشبان الثلاثة الأمريكيين الذين أحبطوا محالة هجوم مُسلح على قطار فرنسي أغسطس الماضي، في حين أن الحالات الفردية، تكن فريسة سهلة لأولئك الذين يتبنون التطرف العنيف.

هنا تكمن المشكلة والعلاج، كما قال ”رايشر“ فإنه يجب التشجيع على الانضمام للجماعات، لأنها قد تكن أفضل حماية من الاعتقاد غير السليم بأن الأفراد داخل المجموعة أكثر فضيلةً من الأشخاص خارجها، كما يجب علينا أيضًا تثقيف الناس على أن يكونوا حذرين من هذه الفرق المعنوية الحادة فإما الأبيض أو الأسود ولا شئ بينهما.

اكتشاف الأعراض

إذًا متى يرحل عنا هذا الشر؟ كلٌ من رايشر وأتران يعتقد بأن البحث في المستقبل ينبغي أن يركز بدرجة أقل على ”لماذا يقرر بعض الناس القيام بأعمال متطرفة؟“ وأن يركز بدرجة أكبر على ما يدفعهم للتوجه للتنظيمات المتطرفة من الأساس. في حديثه للأمم المتحدة، قال أتران أن الشباب بحاجة إلى الحلم. وأضاف أن النداءات من أجل الاعتدال لا تكن جذابة للشباب، الذين يطوقون للمغامرة والمجد وتخليد أسمائهم.

قال ”فرايد“ أنه متفائل بأن علم الأعصاب سيعزز من فكرة متلازمة الشر، ولايزال يؤمن أننا يمكن أن ننتفع بالتفكير فيما يجري داخل دماغ القاتل. ما هو أكثر من ذلك، أن ديناميكية الجماعة يمكنها أن تفسر السبب وراء اعتبار قشرة الفص الجبهي مسئولة عن الشر، في النهاية فإن الأجزاء التي تطورت لاحقًا في المخ تستجيب للقواعد، لأن القواعد ضرورية لضمان حُسن سير المجموعات، فربما تكون احتمالية أن تتحول هذه الاستجابة المفيدة إلى تطرف هي الثمن الذي يجب أن ندفعه.

”فرايد“ ليس من مؤيدي استخدام الأدوية لعلاج متلازمة الشر، وبدلًا من ذلك فإنه يعتقد أننا يجب أن نستخدم المعرفة العلمية العصبية المتنامية لتشخيص التطرف في وقتٍ مبكر، وعزل المصابين ومساعدتهم على التغيير. أضاف ”فرايد“ أنه ينبغي نشر العلامات والأعراض المعروفة على نطاقٍ واسع، حتى يتمكن الناس من اكتشافها، أما بالنسبة للوقاية، فإنه يعتقد أن التعليم ربما يكون المفتاح في ذلك، وفي هذا على الأقل رأيه يتفق مع منتقديه.

رابط المقال الأصلي: Is evil a disease? ISIS and the neuroscience of brutality

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى