.
هجص بلدي

عن طالب سوهاج: على من نطلق لقب مخترع؟

كتب: أحمد حسين

انتشر خلال الفترة اللي فاتت على الفيسبوك خبر لطالب من سوهاج يقال إنه اخترع أسطوانة أكسجين للغواصين تحت الميه، الطالب بيقول إن الأسطوانة الجديدة بتشتغل اعتمادًا على مواد كيمائية آمنة. القصة بدأت من خبر نُشر في جريدة ”اليوم السابع“، بيقول إن الطالب ”أحمد محمد عبد الله خليفة“ بالصف الثاني الثانوي بمدرسة الشهيد الحسيني أبو ضيف الثانوية بسوهاج اخترع الأسطوانة دي واللي فاز بيها في مسابقة ”ابن الهيثم“ للأفكار العلمية اللي بتتعمل تبع المركز الاستكشافي للعلوم والتكنولوجيا التابع لوزارة التربية والتعليم، كما إنه حصل على المركز الأول على نفس المخترع في معرض الموهوبين اللي أقيم بمحافظة سوهاج.

الفكرة جات لأحمد _بحسب كلامه_ لما كان بيشوف الغواصين نازلين تحت المياه شايلين أسطوانات تقيلة علشان تساعدهم على التنفس، ففكر في إنه يستبدل الأسطوانات دي بجهاز يستفيد من التفاعلات الكيميائية في تحضير الأكسجين وإنتاجه لكمية كافية، فيقدر الغواص يستخدمها لفترة طويلة تحت المياه.

بتشتغل إزاي بقى الأسطوانة دي؟

المفروض إنها أسطوانة صغيرة غير قابلة للصدأ بتحتوي على ثاني أوكسيد المنجنيز وفيها مضخة بتضخ أوكسيد الهيدروجين أو ماء الأكسجين، فينتج عنها أكسجين نقي يسمع للغواص يتنفس تحت المياه فترة طويلة، كمان الأسطوانة دي بتحتوي على منظم يعمل على تنظيم كمية الأكسجين الخارجة من التفاعل للغواص، وأضاف أحمد صاحب الفكرة إن التفاعلات دي آمنة جدًا.

في الأول خلينا نوضح احتواء الأسطوانة دي على مادة زي أوكسيد الهيدروجين أو الماء الأكسجيني (H2O2)، يحتمل شيء من الخطر لأن المادة دي _واللي بتستخدم في تطهير الجروح وبتدخل في صناعات زي معجون الأسنان والصبغة ومساحيق الغسيل_ بتعتبر مادة سامة للخلايا الحية، يعني بتعتبر مادة سامة للإنسان بشكل مباشر. ده لوحده موضوع يحتاج لحسم من جهة علمية لها وزنها تقدر تختبر إذا كانت المادة دي وطريقة وضعها في الأسطوانة وكيفية تصنيعها واستخدامها هيمثل خطر على حياة الغواص ولا لأ. جانب تطبيق الفكرة في حد ذاته مش واضحة تفاصيله، فإحنا كإننا بصدد فكرة أولية غير مبلورة كمان.

كمان البعض علق على الخبر إن الموضوع ده مش جديد ومش مبتكر، واتعمل قبل كده في اختراع قناع اسمه ”تريتون“ في كوريا الجنوبية. القناع ده المفروض إنه بيشتغل كده بشكل زي خياشيم السمك، فبيقدر يحول مياه المحيط لأكسجين فيتنفس الغواص من غير ما يحتاج لأسطوانة الاكسجين خالص. وعلى الرغم من إن الاختراع ده أصبح الآن متاح للسوق _يعني غالبًا خضع لمداولات وتقييم علمي_ إلا إنه تم انتقاده علميًا برضه ومهاجمة الشركة المنتجةليه بسبب استحالة ضغط الأكسجين بهذا الشكل علشان يشغل مساحة القناع الصغيرة دي، يعني موضوع إن في اختراع يتم نقده ده الطبيعي أصلًا ولا يمثل أي أزمة.

تاني حاجة ضروري نتكلم فيها خاصةً مع موجات الاختراعات اللي كل شوية تطلع لنا بطالب جديد مع اختراع ما مجهول جديد هي الجهة العلمية اللي بتقر الاختراع من عدمه؟ خلينا نقول في اختراعات وانت بتقرا الخبر عنها أو البوست بتقول ”أكيد بيهزورا صح؟“ لأن ساعتها الموضوع بيكون مستحيل ناخده على محمل الجدية، في حين إن في اختراعات _مفترضة_ تانية قابلة للأخد والرد.

إحنا محتاجين نعرّف الأول كلمة ”مخترع“ وكلمة ”اختراع“، هل المخترع ده هو أي شخص يعمل فكرة وينفذها وخلاص من غير ما تتجرب؟ هل لو في حد عمل فكرة ونفذها من غير ما تخضع للتجربة والتقييم من قِبل الجهات العلمية المختصة والمعترف بها، أقدر أقول عليها اختراع؟ يعني بحسب القاموس، الاختراع هو الشيء اللي بيتعمل لأول مرة في التاريخ.

والمفروض إنه اللي بيحدد الموضوع ده بيكون جهة علمية مسئولة أو لجنة علمية مكونة من أساتذة ودكاترة متخصصين يقدروا يقيّموا الشيء المُقدم ده على إنه اختراع، ولا هو مجرد إعادة تصنيع لشيء تم تصنيعه من قبل. والسؤال هنا بقى، هل في جهة علمية أجازت اللي توصل له الطالب وصنفته على إنه ”اختراع“ ، وإيه هي الجهة العلمية دي؟

القصد إننا لازم نسمي الأشياء بمسمياتها من الأساس، ما توصل له الطالب قد يكون مجرد ”مشروع“ لأحد الطلاب اللي عنده شغف بالعلوم وله تطلعات في المجال العلمي وتطبيقاته، وهنا دور المؤسسات العلمية إنها توضح الفرق بين الاختراع المعترف بيه والتطبيق أو المشروع اللي على مستوى الطلبة، ودورها كمان إنها تساعد الطلبة دول عشان يطوروا مشروعاتهم بشكل أفضل اللي وارد تتحول لاختراع فعلًا مش مجرد مشروع طالب، وبكده نبقى فعلًا كسبنا مخترع قادر على الابتكار والاختبار والتطوير لأنه مش طبيعي أي حد يعمل أي حاجة تيجي في دماغه ويقول إنها بتعالج أو بتساعد فنقول إن ده اختراع وإلا يبقى كلنا مخترعين يعني بشكلٍ ما.


المصادر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى