.
نوّرها

“الملاريا”: الوباء الذي هدد حياة حياة نصف سكان الأرض!

كتبت: مها طه

أكيد كلنا فاكرين فيلم ”الزوجة التانية“ العظيم، في أول الفيلم العمدة (صلاح منصور) بيمرض بمرض خطير وبيقولوا ده خلاص هيموت، وده اللي بيخليه يتجوز الزوجة التانية (سعاد حسني) عشان تجيب له الولد، المرض الخطير نفسه وأعراضه وطرق علاجه ببتم عرضها في الفيلم وبيبقى ليها توظيف درامي، بيبدأ مع إشارة جاية من المركز على تليفون العمدة، بتقول إنه نظرًا لانتشار وباء حُمى الملاريا أو (المراريا) زي ماكانوا بينطقوها زمان، يتوجب على الأهالي التوجه للمركز للتطعيم.

13077245_1123158001076429_2055216602_n

لما العمدة بيعرف والغفر حواليه بيسألوه إيه هي الملاريا دي، بيقول لهم ”يعني الرعاش يا جهلة“، الفيلم بعد كده بيوضح إن الوباء بينتشر فعلًا في البلد، ناس تعبانة وعندهم حمى وصداع وبيترعشوا من الإحساس بالبرد، بتختلف ردود أفعالهم، في منهم اللي بيلجأ للعلاج عن طريق الشيخ أو القسيس، ومنهم اللي يعمل بخور ويرقي العيان أو يربط له راسه عشان الصداع يخف، وفي الأخر حتى العمدة نفسه اللي واخد احتياطاته بيصاب بالمرض!

السؤال هنا بقى إيه هو مرض الملاريا؟ وليه كان بيُعتبر وباء؟ ويا ترى مازال بيتصنف كوباء؟

مرض الملاريا هو مرض بتتسبب فيه عدوي بطفيل اسمه ”البلازموديوم“، وتم تصنيفه لأول مرة سنة 1880، التسمية جاية من الكلمة الإيطالية mal’aria بمعنى الهواء الفاسد لإنهم كانوا بيعتقدوا إن الإصابة بالمرض ده بتحصل نتيجة الأبخرة الخارجة من مستنقع في روما، خصوصًا بعد ما انتشرت العدوى بشكل كبير في المكان ده.

مرض الملاريا ممكن يُعتبر وباء، لو توافرت شروط انتقاله. الإصابة بمرض الملاريا قايمة على 3 عناصر: الطفيل المُسبب للمرض، والإنسان اللي هيُصاب بالمرض، والتالت والأهم لأنه اللي بيربط بين الإتنين ووجوده شرط أساسي عشان المرض يصيب الإنسان هو ”أنثى بعوضة الأنوفيليس“.

13035404_1123157477743148_1896029278_o

بعوضة الأنوفيليس  من أنواع البعوض اللي منتشرة في مناطق كتيرة من العالم، بس حاليًا الأغلبية منه بتعيش في المناطق الاستوائية، شمال وجنوب خط الاستواء، كمان بيعيش في منطقة الصحراء الكبرى في شمال أفريقيا، ومع ذلك في أنواع منه بتعيش في مناطق تانية من العالم درجة الحرارة فيها منخفضة إلى حدٍ ما. تحديدًا أنثى بعوضة الأنوفيليس هي اللي بتنقل المرض للإنسان لأنها هي اللي بتتغذى على الدم، في حين إن الذكر بيتغذى على الفاكهة.

أما الطفيل المُسبب للمرض، فهو طفيل ”البلازموديوم“ واللي له أنواع كتيرة، لكنه عشان يتنقل للإنسان ويسبب العدوى بيكون محتاج لوجود البعوضة لأن الطفيل ده بيتكاثر بطريقة ”تعاقب الأجيال“، في الطريقة دي لازم عشان الطفيل يكمل دورة حياته يعيش داخل عائلين، واحد منهم أساسي والتاني وسيط. العائل الوسيط هو اللي بيتكاثر جوا جسمه الطفيل بطريقة لا جنسية، أما العائل الأساسي، فهو اللي بيتكاثر الطفيل جوا جسمه بطريقة جنسية، وفي حالة طفيل البلازموديوم بيكون الإنسان مجرد عائل وسيط، بيتطور جواه شكل الطفيل عشان يتنقل للبعوضة.

الإنسان هو اللي بينقل الطفيل للبعوضة مش العكس!

لو اتكلمنا على دورة حياة الطفيل فممكن نبدأها من عند البعوضة المصابة بالطفيل أصلًا، واللي الطبيعي بتقرص أي شخص عشان تتغذى على دمه. البعوضة وهي بتمص الدم بتفرز شوية مواد عشان تمنع تجلطه، فتعرف تاخده سائل، في نفس الوقت لو هي مصابة، بتنقل الطفيل جوا جسم الإنسان.  الطفيل بيبدأ يسافر مع الدم لحد ما يوصل لخلايا الكبد، وداخل خلايا الكبد بيبدأ يتكاثر لاجنسيًا، فتبدأ الخلايا الكبدية دي تنفجر، وتخرج الأعداد الجديدة من الطفيل، وتدخل جوا كرات الدم الحمراء وتتكاثر، وبمجرد ما تبدأ كرات الدم الحمراء تنفجر، تبتدي تظهر أعراض حمى الملاريا.

كرات الدم الحمراء المُصابة
كرات الدم الحمراء المُصابة

عشان الطفيل يكمل دورة حياته، بتيجي بعوضة سليمة، وتتغذى على دم الشخص المصاب (العائل الوسيط)، وطبعًا بتاخد أعداد من الطفيل مع كرات الدم الحمراء، وهنا بمجرد ما بيدخل الطفيل جسم البعوضة (العائل الأساسي) بيتكاثر جنسيًا، ويكوّن كيس بيض بينفجر بعد فترة، ويهاجر الطفيل عشان يستقر في الغدد اللعابية للبعوضة في انتظار شخص جديد عشان تنقل له المرض، وهكذا تتكرر الدورة.

طبعًا طول ما الناس عايشين في مكان متواجدة فيه البعوضة، هيفضل المرض موجود وبيتنقل من شخص لشخص. الطفيل بيتكاثر والبعوضة موجودة، ومفيش أحسن من كدة ظروف، وده اللي كان بيخليه يُعتبر وباء، وجدير بالذكر هنا إن الناموس كائن ليلي، وبالتالي فترة نشاطه بتبقى ما بين المغرب والفجر، يعني غالبًا والشخص نايم.

لك أن تتخيل وباء زي ده في ظل ظروف بيئية موجود فيها الترع والمصارف والبرك بكثرة، وكمان مفيش وسائل منع للناموس غير الناموسية التقليدية، فطبيعي إن المرض كان قادر على حصد أرواح كتيرة جدًا، ويمكن استمر الوضع ده لحد منتصف الخمسينيات كده.

أعراض حمى الملاريا.. المألوفة!

 أعراض المرض مشابهة للإصابة بالبرد زي الصداع والحمى وارتفاع درجة الحرارة والشعور بالإعياء والعرق بغزارة والشعور بالبرد والرعشة لكن لو الأعراض دي ما اتعالجتش بسرعة، ممكن تتحول لأعراض تانية أخطر بكتير زي ضعف الوعي _الخطرفة يعني_ وتشنجات متكررة وضيق في التنفس نتيجة للالتهابات الناتجة عن المرض ونزيف غير طبيعي وظهور الأنيميا بشكل واضح، في النهاية مجموع كل الأعراض دي مع بعضها هو اللي ممكن يؤدي للوفاة.

5

هل مرض الملاريا لسه موجود في مصر؟

الحقيقة إن المرض تراجع جدًا في مصر، لدرجة إن أخر حالة مُسجلة للإصابة بيه كانت سنة 1998، وده نتيجة عدد من العوامل من ضمنها التطعيم ضد الملاريا والتزام وزارة الصحة المصرية بكامل تعليمات منظمة الصحة العالمية وقتها، كمان مع ردم البرك والمستنقعات والترع، قل تواجد ناموسة الأنوفيليس بنسبة كبيرة جدًا، بالإضافة كمان لتوافر المبيدات الحشرية القوية اللي بقت تقضي على البعوضة من الأساس طبعًا.

ونظرًا لإن النهاردة هو اليوم العالمي للملاريا اللي بتنظمه منظمة الصحة العالمية، واختارت له السنة دي شعار:
”end malarya for good“، اللي بتعكس فيه رؤيتها للقضاء على مرض الملاريا من العالم كله من خلال خطة عمل تستمر من 2016 وتنتهي 2030، وبالرغم من إن تحقيق الهدف ده يُعتبر صعب إلا إن الخطة قابلة للتحقيق، وعشان كده منظمة الصحة العالمية بتتوقع إنه بحلول عام 2030، هيتم خفض عدد الوفيات نتيجة للإصابة بالملاريا على الأقل لـ90%.

malaria-photo-630

وفقًا لإحصاءات منظمة الصحة العالمية، فى 2015، كان عدد الدول اللي عدوى الملاريا منتشرة فيها بشكل كبير ومستمر 95 دولة، وإن عدد البشر المهددين بالإصابة بالمرض على مستوى العالم كان حوالي 3.2 مليار شخص يعني تقريبًا نص سكان الكرة الأرضية لكن بفضل الجهود الوقائية والعلاجية اللي بتقوم بيها منظمة الصحة، بين عامي 2000 و2015، انخفض معدل الإصابة بالمرض بنسبة 37%، وانخفض معدل الوفيات بيه لـ60%. تعتبر منطقة جنوب الصحراء الكبرى الأفريقية هي المنطقة الأعلى عالميًا من حيث انتشار المرض بنسبة 88% من إجمالي حالات الإصابة بالمرض، و90% من حالات الوفاة بيه. طبقًا لأخر الإحصائيات في 2015، عدد اللي أُصيبوا بالمرض كان حوالي 214 مليون شخص، توفى منهم 438 ألف.


المصادر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى