.
نوّرها

العنف المنزلي: دائرة مفرغة لا تتوقف عن الدوران

كتب: أحمد حسين

في الشغل القديم، في قعدة نقاش حلوة كده، اتكلمنا عن موضوع الضرب كأداة للتربية، وكان رأي معظم الناس اللي فوق الخمسين، إن الضرب ده شيء ضروري وأساسي في التربية، وطبعًا اتقالت جملة ”إحنا اتربينا كده وطلعنا زي الفُل أهو“، والحقيقة إنهم في الأغلب مابيكونوش زي الفُل ولا حاجة، بس ما علينا، المهم إن كل واحد فيهم كان بيتفنن بقى في سرد قصص وحواديت، عن طفولتهم وإزاي كانوا بيتضربوا وهما صغيرين لزوم التوجيه والتربية وكده.

اللي جدك عمله مع أبوك، وأبوك عمله معاك ومن بعدها لو ماكنش عندك وعي كفاية هتعمله مع ولادك، الدايرة المفرغة دي بيطلق عليها اسم ”العنف المنزلي – Domestic Violence“، واللي بيقصد بيها العنف بين أفراد الأسرة الواحدة، أو الأفراد اللي بينهم علاقة يعني الأباء، الأبناء، الزوجات والأزواج، الأخ والأخت.. إلخ. وفي الأغلب أكتر ناس بيتم ممارسة العنف المنزلي تجاههم هما الفئة الأضعف واللي عادةً بيكونوا الأبناء وللأسف بعدها الزوجات.

العنف المنزليإحدى صور الحملات الإعلانية المناهضة للعنف المنزلي

العنف المنزلي بينقسم لأنواع:

  • العنف العاطفي: وده نوع من العنف بيكون المعتدي فيه بيشكل تهديد على المعتدى عليه، فيشتمه أو يكسر أشياء من البيت ويتعامل مع البيبان والكراسي وغيره بعنف يثير فزع الشخص التاني. وممكن كمان يضغط عليه بطرق الابتزاز العاطفي علشان يحسسه بالضعف.
  • العنف الجسدي: وده اللي بيكون فيه اعتداء جسدي على المعتدى عليه بالضرب واللي بيوصل لدرجة الضرب العنيف، واللي بيتصنف بكل أنواعه تحت بند العنف الجسدي، يعني ضرب القلم أو الخنق أو الضرب بأي أداة كل ده عنف جسدي.
  • العنف الاقتصادي: أو العنف المالي واللي فيه طرف بيكون محتاج لطرف تاني من الناحية المادية، فالمعتدي يمارس ضغط على الطرف التاني من ناحية الجزء المادي، علشان ينفذ اللي هو عاوزه.
  • العنف الجنسي: وده بقى له أشكال متعددة، يعني التحرش والممارسة الجنسية وملامسة الأعضاء التناسلية وعرضها، وحتى التجسس على شريك المنزل في أثناء الاستحمام أو تغيير الملابس يعتبر داخل نطاق العنف الجنسي.

طبعًا تبعات العنف ده متنوعة، يعني مثلًا، أغلب اللي بيتم ممارسة العنف ضدهم بهذه القسوة والشراسة بيصابوا بحالة اسمها ”اضطراب ما بعد الصدمة – Post-traumatic stress disorder“، ودي حالة نفسية ممكن تبقى مؤثرة على حياة الشخص المصاب لفترة طويلة. في كمان الاكتئاب ونوبات الهلع ومشاكل الهضم والآلام القوية اللي بتصيب الرأس والرقبة والضهر والحوض.

العنف من أجل السيطرة

وطبعًا كل ما كانت الحالة المتعدى عليها أضعف، كل ما كان الألم أقوى. يعني الألم اللي هيصيب الحامل غير الألم اللي هيصيب الطفل غير الألم اللي هيصيب الست أو الشاب الكبار. والموضوع بيكون مرتبط في الأغلب، بقابلية المعتدى عليه لفكرة إنه يبقى تحت طوع المعتدي، بمعنى إن الحكاية حكاية تحكّم وفرض سيطرة وهيمنة. والعنف لأجل فرض السيطرة له دايرة مفرغة بيمشي فيها بخطوات ثابتة:

  • أول خطوة هي الحادث، يعني حدث الضرب أو الاعتداء الأول، ودي اللحظة اللي بيبدأ فيها المعتدي في مد أول خيوط السيطرة.
  • تاني مرحلة هي مرحلة الشد والجذب، ودي مرحلة بيكون فيها هدوء ما من الطرفين والهدوء ده يا إما بيتقلب لعنف تاني، يا إما بينتقل للمرحلة التالتة.
  • المرحلة التالتة هي مرحلة الاعتذار، المعتدي بيبدأ يقدم اعتذارات عن اللي بيعمله، مع عدم تبرير له، زائد وعود بإنه مش هيعمل كده تاني، ويدخل على المرحلة الرابعة.
  • المرحلة الرابعة هي مرحلة الهدوء ورجوع المياه لمجاريها، بس للأسف الموضوع ما بيفضل كده، بيتعاد مرة تانية، وكل مرة المعتدى عليه بيقدم تنازلات أكتر، كل ما فترة الهدوء دي أصبحت أقصر.

طبعًا تكرار الدايرة المفرغة دي بشكل مستمر، بيزود الآثار السلبية عند المعتدى عليه، وده بيوصل له في الأغلب لحاجة من اتنين، إما إنه يكون شخص منطوي جدًا وخجول جدًا جدًا وفاقد الثقة في نفسه والبشر ومكتئب بشكل دائم وبيعاني من كوابيس، يا إما بيبقى شخص عدواني جدًا وبيحاول يعمل اللي اتعمل فيه ده، سواء تجاه الشخص اللي عمله فينتقم منه أو يعمله في شخص تاني فينتقم من الإحساس نفسه، وفي الحالتين الموضوع سئ جدًا ومؤذي.

يعني باختصار، العنف توابعه ونتائجه مفيش فيها غير العنف، دايرة مفرغة مالهاش نهاية، بيكون نتاجها بشر غير أسوياء حوالينا وبعضنا منهم كمان، لذلك أفضل حل، إن الشخص المتعدى عليه، يلجأ لشخص قريب منه يقدر يحميه، أو يلجأ للجهات القضائية أو أي جهات للحماية، أو يحاول يهرب ويبعد عن البيئة دي تمامًا. وأخر نصيحة لضحايا العنف المنزلي أو العنف الأسري، حاول ماتسكتش، حاول تشتكي وتزعق وتاخد حقك، في أغنية لمنير، كان بيقول فيها: ”وإذا كان لابد الموت، أصرخ بعلو الصوت، جايز بشر يسمعك، ويوصل اللي انتهى“، فإنت اصرخ بعلو الصوت، وماتسيبش حقك.


المصادر:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى