.
نوّرها

المعركة التاريخية بين الفيزياء النظرية والفيزياء التجريبية

كتب: أحمد حسين

في كتير من حلقات المسلسل الأجنبي المشهور ”نظرية الانفجار الكبير“ أو ”The Big bang theory“ بيسخر شيلدون كوبر (الفيزيائي النظري) من لينارد (الفيزيائي التجريبي)، لإنه ميقدرش يضيف أي جديد للعلم، ودوره ينحصر في إثبات النظريات الفيزيائية اللي بيكتبها علماء الفيزياء النظرية.

4239039

الكلام ده مش غلط في العموم، لأن الفيزيائي النظري هو الشخص اللي بيدرس كل شيء في الكون من حوله عن طريق بعض المعادلات الرياضية، بمعنى أنه مش محتاج أكتر من ورقة وقلم وكتير من العلم والخيال كمان. بينشغل دايما بتقديم كل ما هو جديد للعلم، وتفسير الكون بصورة مختلفة عن قبل كدة.

اعرف أكتر| 5 أفكار لآينشتاين أدت فيما بعد لنظرياته!

أما الفيزيائي التجريبي فهو شخص بيتعامل أكثر مع الآلات والتحليلات لتفسير النظريات الفيزيائية الموجودة مسبقًا، والعمل على إثبات صحتها من الناحية العلمية. ولذلك، الفيزيائي النظري بيعتمد على الخيال والتأمل بشكل أساسي كمحاولة لتخيل أشياء ممكن تحصل بعيدًا عن الحيّز المكاني والزماني له، أما الفيزيائي التجريبي بيعتمد أكثر على المراقبة بصورة أساسية كمحاولة لتطبيق النظرية اللي بيشتغل عليها على أرض الواقع.

الفيزياء النظرية والتجريبية .. بين نيوتن واينشتاين

يعتبر ”نيوتن“ واحد من أوائل علماء الفيزياء في العالم، وصاحب أشهر قصة لفيزيائي (التفاحة والجاذبية). يعتبر ”نيوتن“ عالم فيزياء تجريبية، بمعنى إنه لم يتخيل أبدًا وجود طاقة تجذب الإنسان لأسفل فيقف ثابت على الأرض إلا لما وقعت التفاحة على راسه – وغالبًا دي مش رواية حقيقية أصلًا – ولذلك نيوتن مكتبش ولا معادلة واحدة توصف قوى الجاذبية إلا بعد وقوع التفاحة.

في حين إن آينشتاين يعتبر فيزيائي نظري بحت، عمره ما جرب أي نظرية كتبها في يوم من الأيام زي النظرية النسبية العامة والخاصة، آينشتاين مكنش بينتظر حدث معين ومن خلاله يتوصل أسباب تؤدي لكتابة النظريات دي، وإنما كتبها اعتمادًا على خياله وقدرته على صياغة المعادلات الرياضية ببراعة. كانت نظريات اينشتاين محل اهتمام عديد من العلماء التجريبيين للعمل عليها، ومعرفة إمكانية تطبيقها بشكل عملي على أرض الواقع من عدمها، وكيفية تظبيقها.

الفيزياء النظرية وتغييرها لشكل العلم

في قصة طريفة منشورة في كتاب ”الاكتشافات“ لـ ”آلان لايتمان“ بتقول إن في نهاية القرن التاسع عشر وصل شاب ألماني اسمه ”ماكس بلانك“ لجامعة ميونخ للدراسة، وكان محتار بين اختيار دراسة الرياضيات أو دراسة الفيزياء.

ماكس بلانك – صورة: britannica

فقابل “د. فيليب فون جولي” أستاذ الفيزياء بالجامعة، وسأله: “هل أدرس الفيزياء أم أدرس الرياضيات؟” فنصحه د. فيليب بدراسة الرياضيات لأن الفيزياء أصبحت علم منتهي/مكتمل لا جديد فيه، وعبارة عن نظريات معلّبة بيتم تناولها مرارًا وتكرارًا.

أما الرياضيات فهي علم متجدد وهيغير شكل العالم في المستقبل. فشكره ماكس بلانك وقال له أنه مش عايز يغير العالم، وأنه بيفضل دراسة الفيزياء على الرياضيات.

لكن، من سخرية القدر إن بلانك قدر يحرج كل العلماء (التجريبيين والنظريين) اللي قالوا إن الفيزياء علم مكتمل، بكتابته لفكرة “نظرية الكم” واللي حصل بسببها على جائزة نوبل في الفيزياء عام 1918. طرح بلانك لنظرية الكم غيّر شكل الفيزياء للأبد، وبسببها تم إنشاء علم كامل اسمه “فيزياء الكم” أو “ميكانيكا الكم” وكان من أشهر علماءه ”هايزنبرج“ صاحب مبدأ ”عدم اليقين الكمّي“.

اعرف أكتر| 6 معادلات فيزيائية غيرت وجه التاريخ!

لذلك بتعتبر الفيزياء النظرية هي نقطة التحول بين الفيزياء القديمة/الكلاسيكية وبين الفيزياء الحديثة (Modern physics) بفضل علماء زي آينشتاين وماكس بلانك. لكن ده لا يعني بالضرورة أن عالم الفيزياء التجريبي دوره بسيط أو سطحي، فدوره لا يقل أهمية عن الفيزيائي النظري، لأنه بيعمل على إثبات النظريات اللى بيقدمها علماء الفيزياء النظرية ويحولها لشيء واقعي زي نيوتن والتفاحة والجاذبية أو ”روبرت ميليكان“ وقياسه لشحنة الإلكترون ما ترتب عليه ظهور كل الأجهزة الالكترونية في العالم.


المصادر:الكون الحي بين الفيزياء والميتافيزياء  britannica  books.google  nobelprize

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى