الامتناع عن الأكل: هل لو بطلنا ناكل فعلًا هنموت؟
كتبت: مها طـه
طبعًا سؤال يبدو ساذج، لو بطلنا ناكل هنموت بمنتهى البساطة، لكن هل معقول لو إن الامتناع عن الاكل لمدة يوم أو مريت بأي ظروف تخليك يومين محبوس في مكان ما من غير أكل، هتموت على طول! يا ترى بعد وقت قد إيه جسمك هيفيص ويجيب أخره؟ ويا ترى إيه اللي بيحصل في خلال الفترة دي في جسمك عشان يوصل لمرحلة الموت؟!
مراحل الامتناع عن الاكل
لو حضرتك قررت حاليًا تخوض معانا تجربة الامتناع عن الأكل فالموضوع هيتقسم لمراحل.
في أول 6 ساعات من الامتناع عن الأكل مش هتحس بأي حاجة خالص، جسمك بيشتغل بطبيعته، هيستخلص الجلوكوز من أخر وجبة أكلتها بعدها بشوية ولما يخلص مخزون الجلوكوز من أكلك، هيبدأ يشتغل بطبيعته ويكسر الجليكوجين _جزئ بوليمر كبير_ عشان يستخلص منه جزيئات الجلوكوز.
وده كله طبعًا عشان الجسم يضمن مستويات طاقة ثابتة عشان يقدر يقوم بكل الوظائف الحيوية.
25% من الطاقة اللي بيتم إنتاجها نتيجة لحرق الجلوكوز بتروح للمخ لوحده عشان يقدر يقوم بوظايفه على أكمل وجه، أما باقي الطاقة بيروح للعضلات وكرات الدم الحمراء.
بعد أكتر من 6 ساعات من الامتناع عن الأكل مستويات الجليكوجين بتبدأ تنخفض جدًا وده اللي بيدخل المخ في حالة من إعطاء الأوامر بالجوع.
وفي الحالة دي ممكن الجوع يقترن بالعصبية والنرفزة، وده طبعًا شعور اختبره معظم الأشخاص اللي بيعملوا ريجيم، سكر قليل في دمك ومخك مش طايق نفسه وبالتالي حضرتك جعان وعصبي.
في الوقت ما بين 6 ساعات و72 ساعة من الامتناع عن الأكل جسمك هيدخل في حالة بتُسمى ”الكيتوزيز“. ده معناه بالنسبة لخلايا جسمك إنك دخلت في حالة من الصيام أو المجاعة، وده نتيجة لوجود كمية قليلة جدًا من الجلوكوز في دمك، وبالتالي جسمك عشان يحافظ على نفسه بيبدأ في تكسير الدهون عشان يحصُل على طاقة.
الدهون لما بتتكسر بتتحول لأحماض دهنية لكن للأسف الأحماض الدهنية دي مخك ميقدرش يستفيد بيها لأن عبارة عن سلاسل طويلة أكبر من إنها تعدي من حاجز الدم في الدماغ.
طبعا المخ في الحالة دي لازم يتصرف، فبيبدأ يستخدم سلاسل قصيرة من مُشتقات الأحماض الدهنية المُسماه بالأجسام الكيتونية. المخ بيشتغل لمدة عليها لكن ببساطة الأجسام الكيتونية ماتقدرش تشغل أكتر من 75% من طاقة المخ، وبكده فهو مازال محتاج للجلوكوز، وبالتالي بتبدأ الوظائف الإدراكية للمخ تتأثر بنقص الجلوكوز.
طبعًا هنا لازم نقول حاجة مهمة، مش شرط تدخل في حالة من المجاعة عشان تقدر توصل لمرحلة الكيتوزيز أو تحرق الدهون.
الصيام لمدة 8 ساعات كفيل للقيام بالعملية دي لو بتعاني من زيادة الوزن، ولو مش حابب تصوم فإنت ممكن توصل لكده بسهولة لو اتبعت نظام غذائي منخفض الكربوهيدرات، ده غير إنك لو شخص رياضي فإنت غالبًا بتدخل المرحلة دي لما بتفضل لمدة ساعتين مثلًا تمارس رياضة، زي العدائيين في الماراثون.
بعد أكتر من 72 ساعة من الامتناع عن الاكل مش بس المزاج هيتغير والجسم يعاني من نقص الطاقة، لأ ده المخ هيبدأ يكسر البروتين. وهنا الأكيد مش المقصود بروتين الأكل لإن مفيش أكل، ده بروتين جسمك.
البروتين في جسمك لما بيتكسر بينتج أحماض أمينية ممكن تحويلها لجلوكوز، واللي بيكون طبعًا خبر عظيم بالنسبة للمخ لكنه سئ جدًا بالنسبة لعضلات الجسم اللي بتتكون أساسًا من بروتينات، فببساطة جسمك بيبدأ يهاجم نفسه عشان يستخلص احتياجاته عن طريق تدمير كتلتك العضلية.
أما لو حضرتِك بنت أو ست، فللأسف الامتناع عن الاكل بالشكل ده بيوقف عملية الطمث عشان يقدر الجسم يقلل من احتياجاته للطاقة. أما العظام بتبدأ كثافتها تقل بشكل كبير، وده طبعًا يعرضها للكسر بمنتهى السهولة، أما بالنسبة للرغبة الجنسية فبُشرى غير سارة، سواء كنت ذكر أو أنثى هتفقدها بشكل كبير.
في خلال أسبوع أو اتنين من الامتناع عن الأكل الجهاز المناعي هيضعف جدًا، بسبب نقص الفيتامينات والمعادن، وهنا بقى ممكن تبدأ فكرة الموت تظهر مع التعرُض لأمراض كتيرة من غير جهاز مناعي بيشتغل بشكل طبيعي تقريبًا، لكن لو جسمك قاوم فهو هيستغل كل جزئ جلوكوز وكل نسيج دهون وكل كتلة عضلية متبقية.
الموت بقى هنا ممكن ييجي بسبب الأزمة القلبية كنتيجة لتحلُل أنسجة العضلات القلبية، والحجاب الحاجز والجسم نفسه، وهو ده الخوف الأكبر بالنسبة للأطباء في حالات فقدان الشهية، الجسم بيتتابع عليه حالات من الفشل الوظيفي المتلاحقة، يعني فشل كبدي وفشل كلوي وفشل رئوي وفشل قلبي.
حالة المجاعة أو الامتناع عن الاكل ممكن تؤدي للوفاة في خلال فترة قصيرة جدًا، حوالي 3 أسابيع أو 70 يوم، وفقًا لما تم تسجيله في المجاعة الإيرانية اللي ضربت البلاد سنة 1981. المدة اللي بعدها الوفاة فيها بيحددها عدد من العوامل منها، كمية شرب المياه وكمية الدهون الموجودة في الجسم.
حوالي 795 مليون شخص في العالم لازم يواجهوا هذا الواقع المرير بل ويتعاملوا معاه كمان، الشئ الكويس هنا، هو إن أغنى 7 دول في العالم قرروا إنهم ينقذوا حوالي 500 مليون شخص من المجاعات ونقص الغذاء بحلول سنة 2030.
في النهاية مش لازم أبدًا نسمح لنفسنا بالوصول للهوس الغذائي والأحلام ”غير“ الوردية المتمثلة في نقصان الوزن من خلال الامتناع عن الأكل لأنك حتى لو مش هتموت فإنت هتأذي جسمك وعقلك، ولو حتى وصلت للوزن المثالي، فإنت في المقابل خسرت صحتك نفسها.
المصادر: sciencealert independent scienceabc newhealthadvisor AsapSCIENCE
