.
ليه وإزاي؟

سيكولوجيا السب .. إزاي الشتيمة بتساعدنا على تحمّل الألم؟

كتب: أحمد حسين

اللغة والإشارة طريقتين من طرق التواصل والتفاعل الاجتماعي بين البشر. أغلب اللغات بتتكوّن من أبجدية فيها حروف ليها أصوات مُحددة لما تتحط جنب بعضها تعمل كلمات، والكلمات تعمل جُمل، والجُمل دي يكون ليها سياق، بيتحدد من خلاله الاستجابة مع الكلام باستحسان أو باستنكار. وبشكلٍ ما، عدد من الناس اجتمعوا وقالوا إن الشتيمة مستنكرة، بس بعض علماء النفس قالوا إنها بتساعدنا.. إزاي؟ خلونا نشوف.

الشتيمة والتواصل

عالم النفس “تيموثي جاي” بيقول إن عدم دراسة النوع ده من اللغة (الشتيمة) معناه إننا بنتجاهل جزء مهم من تكويننا الإنساني. وبيعتقد أي حد مش واخد باله من أهمية الشتيمة كجزء أساسي من أي لغة في العالم يبقى بيتجاهل ده عن عمد. اللغة جزء أساسي من تعبيرنا عن مشاعرنا، لما بتكون عايز تعبّر عن شعورك بإنك مش عايز تكلم حد، فبتقول إنك حزين أو غضبان، والعكس صحيح في حالة كونك فرحان أو هادي.

اعرف أكتر| تاريخ الرياضيات: اللغة اللي اتكتب بيها الكون!

وبما إننا بنتكلم عن المشاعر، فالشتيمة شغلت بال عدد من علماء النفس، فطرحوا أسئلة زي ليه الشتيمة شيء واخد حيّز كبير من حياتنا؟ وليه عادةً بنقف قدامها وبنعدّي كلمات تانية؟ العالم الإدراكي/المعرفي “بنجامين بيرجين”، المحاضر في جامعة كاليفورينا الأمريكية وصاحب كتاب “What the F”، بيقول إننا من وإحنا صغيرين بنسمع إن الشتيمة دي عيب، وإن اللي بيستعملها بيتعاقب، وده بيدّي الأطفال فكرة إن الكلمات دي قوية بشكلٍ ما ومؤثرة أصلًا.

الصورة: Flickr

لذلك بنلاقي عادةً الشتيمة في المواقف القوية، حادثة أو خناقة أو إصابة. بس برضه ده يتعلّق بالسياق الخاص بالشتيمة. يعني مثلًا مفيش أي مشكلة أو أزمة في استعمال كلمات نابية بين الأصدقاء وبعضهم، وده بيحصل في سياقات مضحكة وطبيعية. ده غير إن الشتيمة نفسها بتختلف بين مجموعة والتانية، يعني بعض الكلمات ممكن تعتبرها شتيمة وغيرك يعتبرها عادية، أو بتتحول من كلمات مستنكرة إلى كلمات عادية عبر التاريخ، والعكس صحيح.

بس إحنا عمومًا مش هنا لمناقشة تطوّر الشتيمة وأبعادها لغويًا. إحنا هنتكلم عن علاقة الشتيمة بالمشاعر، وعلاقتها بالمواقف القوية، وتأثيرها الكبير علينا وعلى غيرنا، وأهميتها في التعبير والتواصل.

اعرف أكتر| اللامفرداتية.. أو العيش بلا مشاعر!

اشتم تقلل الوجع

سنة 2009 اتنشرت دراسة في “Journal NeuroReport” عن قدرة الشتيمة في مساعدتنا على تحمّل الألم. عملها باحثين من جامعة كيل البريطانية، وشارك فيها 67 طالب من نفس الجامعة. الباحثين طلبوا منهم يحطّوا إيديهم في إناء فيه ميّه وتلج مرتين، في المرة الأولى طلبوا منهم يشتموا براحتهم، والمرة تانية طلبوا منهم يستخدموا تعبيرات غير نابية، زي التأوّه مثلًا أو الصراخ أو الجزّ على الأسنان. وبعدين طلبوا منهم يقيّموا التجربتين، ويملوا استبيان عن القلق والخوف من الألم.

واكتشف الباحثين إن الشتيمة ساعدت المشاركين بالفعل في إنهم يسيبوا إيديهم جوّه الإناء وقت أطول، عكس الأوقات اللي اتطلب منهم مايشتموش فيها. لذلك استنتج العلماء إن الشتيمة بتساعدنا على تحمّل الألم. زي مثلًا ما تلعب كورة وصاحبك يخبطك، فتحس إنك عايز تشتمه وتشتم الكورة واللي اخترعها. أو زي ما تبقى ماشي في البيت وصباع رجلك الكبير يخبط في الكوميدينو، فتشتم النجّارين وأصحاب مصانع الخشب حتى لو مالهمش ذنب، بس علشان تحسّن حالتك وتقلل وجعك.

الصورة: Flickr

بيرجين قال إن الشتيمة بتعمل حالة تشبه القتال أو الهروب (Fight or Flight)، ودي حالة بنختبرها لما بنكون في موقف صعب، ساعتها الأدرينالين بيعلى في الجسم، وبؤبؤ العين بيتوسّع، وبتزيد سرعة وعدد دقّات القلب. والسبب في ده زي ما قال بعض علماء النفس هو إن الكلمات دي بتُعتبر ممنوعة أو مُحرّمة، لذلك بتحمل دايمًا مشاعر قوية، زي الغضب الشديد أو الفرحة الشديدة أو الذعر أو الصدمة.

اعرف أكتر| اندفاع الأدرنالين؛ اجري يا مجدي!

وتابع نفس العلماء دراسة تأثير الشتيمة علينا سيكولوجيًا، ولقوا إن تأثير الشتيمة في تقليل الألم بيكون أقوى في الناس اللي عادةً مابيستخدموش الكلمات النابية في كلامهم. وعملوا دراسة أخرى منفصلة متصلة، عن تأثير الشتيمة على الرياضيين، وهل حالة القتال أو الهروب دي بتخليهم يأدّوا بشكل أفضل ولا لأ؟

اكتشف العلماء إن أداء الرياضيين فعلًا بيعلى مع استخدام الكلمات النابية أثناء اللعب زي ما كانوا متوقعين، اللي ماتوقعهوش بقى إن الرياضيين ماحصلهمش أي تغيرات بدنية، ولا ضربات قلبهم زادت ولا ظهر عليهم أي علامات لتأثير القتال أو الهروب. وساعتها العلماء قرروا يقولوا إن الشتيمة بتقلل الألم وممكن تزوّد القوة بس هما مش عارفين السبب في ده بالظبط لحد دلوقتي. طيب تمام، بس ليه بنستخدم الشتيمة في الخناقات والمواقف القوية برضه؟

اخشع يلا!

خلونا في الخناقات والحوادث، ليه بنستخدم الشتايم في المواقف دي؟ الموضوع ده له علاقة برضه بقصة التعوّد على إن الشتيمة عيب أو غلط، وده بيخلق صدمة عند البعض لما بيسمعوها، والصدمة دي هي اللي مطلوبة بالظبط. في الخناقات مثلًا، الأطراف بيحاولوا يجذبوا الانتباه ليهم، علشان اللي حواليهم يعرفوا إن فيه خطر هنا ويجوا يتدخّلوا ويحاولوا ينهوا الموضوع.

والسبب التاني هو محاولة تخويف الطرف الآخر، بما إن الشتيمة شيء مستنكر، فإنت بتحاول توصّل له رسالة إنك قادر تستخدم كلمات مرفوضة ومستنكرة عادي، وإنك بالبلدي يعني مقطّع بطاقتك ومش فارق معاك حاجة. أما في أوقات الحوادث، فالأطراف برضه بيحاولوا يجذبوا الانتباه ليهم علشان المساعدة، وفي نفس الوقت يتحمّلوا الألم شوية لحد ما شخص ما ينقذهم.

الصورة: Twitter

لحد دلوقتي العلماء -تحديدًا علماء النفس- مايعرفوش بالظبط الناس ممكن تشتم ليه، ممكن علشان المشاعر اللي بنحتاج نعبّر عنها بتكون غامرة (Overwhelming)، فما بنعرفش نعبّر عنها بكلمات عادية مقبولة اجتماعيًا. يمكن علشان بنحتاج نتخلّص من المشاعر دي، سواء سلبية أو إيجابية، علشان نقدر نكلم حياتنا بشكل طبيعي من غير ما نبقى شايلين حمل المشاعر دي.

في النهاية، دي مش دعوة للشتيمة واستخدام الكلمات النابية، ومش دعوة ضد استخدامها، دي محاولة لمعرفة سبب الاستخدام ومدى تأثير ده على مشاعرنا. علشان على الأقل نبقى عارفين لو بنشتم بنشتم ليه.


المصادر:  time  mzellner  eurekalert  youtube

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى