.
نوّرها

عن مشاهدة الأفلام الإباحية: عصر الخداع!

كتب: أحمد حسين

موضوع المواد الإباحية ده من المواضيع اللي بحب أسميها مواضيع ”التراب تحت السجّادة“، نوعية المواضيع اللي بتكون مؤثرة علينا وعلى حياتنا وارتباطنا بالآخرين، وإحنا بنفضّل نناقشها في السر وعلى نطاق ضيق ومحدود جدًا زي ما بتشوف شوية تراب كده وبدل ما تكنسهم تقرر تداريهم تحت السجادة وتفتكر إنك كده حليت المشكلة.

كلنا عارفين إنه التعاطي أو التفاعل مع المواد الإباحية أمر غير مقبول اجتماعيًا على مستوى قاعدة عريضة من الناس. لذلك لما أي أب وأم بيشوفوا ابنهم أو بنتهم بيبدأ يتفرج على المواد دي بيتم نهيه عنها، ده تفكير أو منطق مُتبع كدة في العالم كله بالـ Common sense. بعض الأباء اللي بيحاولوا يمنعوا أولادهم من رؤية المواد دي بيقولوا إنها بتأثر على صحتهم، أو إنها بتأثر على مخهم، أو إنها بتأثر على علاقتهم بالجنس الأخر، باختصار بيمنعوها لأنها مؤذية وخلاص.

بس هي كل حاجة للأسف ماينفعش تبقى بالمنطق السليم (Common sense) وخلاص، يعني كده الأرض تبقى مُسطحة مش بيضاوية، وبالمنطق كدة الأرض ثابتة مابتلفش، وبالمنطق برضه المياه دي سائل مش نتاج تفاعل كيميائي بين غازين. بس العلم بيقول لكل ده إنه غلط، وإن منطقه غلط تمامًا، فهل رأي العلم في موضوع التفاعل مع المواد الإباحية زي رأي المنطق برضه ولا لأ؟

إدمان مشاهدة الأفلام الإباحية.. حقيقي؟!

سبب من أسباب اعتراض البشر على المواد الإباحية إنها بتؤدي في النهاية إلى الإدمان زيها زي المخدرات. وعليه هيكون السؤال هل فعلًا في حاجة اسمها إدمان المواد الإباحية؟ والإجابة هي أيوه، في حاجة اسمها ”إدمان المواد الإباحية“ أو بمعنى أصح الإفراط في مشاهدة المواد الإباحية بكل أنواعها.

”د. جيرت مارتن هالد“، باحث في جامعة كوبنهاجن، كتب إن مجموعة من الدراسات العالمية قالت إن من 50 لـ99% من الرجالة بيستهلكوا المواد الإباحية بنسب متفاوتة، وإن من 30 لـ86% من النساء كذلك.

بعض الخبراء النفسيين مش بيعتبروا مشاهدة المواد الإباحية إدمان، والسبب في ده إنها مابتندرجش تحت قائمة الأمراض العقلية (Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorders-V) لكنها في النهاية يظل شيء ممكن تدمنه. السؤال هنا بقى، امتى أحس إني مدمن فعلًا على المواد الإباحية؟

في بعض المراحل اللي بيعدي عليها الشخص اللي بيدمن المواد الإباحية:

مرحلة التعرّض لها: ودي المرحلة اللي بيبدأ فيها الشخص يتفرج لأول مرة على المواد الإباحية، بعض الناس في المرحلة دي بيصيبهم إعياء من تعرضهم للمادة الجديدة عليهم دي والبعض الأخر بتصيبهم نشوة شديدة (كعادة أي شيء ممنوع بتعمله لأول مرة وكمان بيلعب على غريزة قوية).

مرحلة الإدمان: بيتم الوصول ليها تدريجيًا، فتبدأ معدلات مشاهدة الشخص للمواد الإباحية يزيد، وبتصبح المواد دي جزء أساسي من حياته، ساعتها مابيقدرش يتوقف عن مشاهدتها.

مرحلة التصعيد: ودي مرحلة من المراحل المُتأخرة شوية، واللي بيبدأ فيها الشخص يدور على مناطق جديدة من المواد الإباحية يدخل فيها، بمعنى إن مثلًا نوع المواد اللي كان بيرفضها في البداية علشان بيشمئز منها، أصبحت بتصيبه بإثارة!

مرحلة فقد الإحساس: ودي المرحلة قبل الأخيرة، واللي بيحس فيها الشخص إنه أصبح ”فاقد الإحساس“ بالنسبة للمواد الإباحية ومابقتش تثيره خالص. ودي مرحلة متأخرة للأسف وبتؤدي لمرحلة أسوء.

مرحلة التصرّف بدافع جنسي: ودي المرحلة اللي بيتحول فيها الإدمان لخطر فعلي، مش على الشخص نفسه بس لكن على كل من حوله. في المرحلة دي الشخص بيبقى خلاص تشبّع تمامًا من المواد الإباحية اللي بيشوفها من ورا شاشة وبيكون عايز يمارس اللي بيشوفوه ده في الحقيقة، سواء بطريقة قانونية أو غير قانونية.

كونك في مرحلة إدمان المواد الإباحية فده شيء يمكن معالجته، لكن كل ما حسيت إنه المواد دي أصبحت مؤثرة على يومك في الشغل أو في علاقتك مع البشر، ده معناه إنك بتقرب من المرحلة اللي بعدها، وساعتها يفضل تستشير طبيب نفسي أو أخصائي.

كتر المواد الإباحية بيصغّر حجم المخ!

في مايو سنة 2014، انتشرت إحدى الدراسات اللي بتقول إن إدمان المواد الإباحية بيخلي مخك أصغر ومش شغّال بنفس الكفاءة اللي كان عليها قبل إدمانك ليها. ”د. إيلين هندريكسن“ كان ليها رأي مخالف لده لسببين، الأول: إن كل اللي شاركوا في الدراسة كانت صحتهم العقلية كويسة وماكانوش بيعانوا من أي مرض عقلي يؤثر على صحتهم أو حياتهم اليومية.

والتاني: إن التغيرات اللي بتحصل في المخ فعلًا مابيكونش إدمان المواد الإباحية سبب مباشر فيها، كل شيء أنت بتدمنه ممكن يأثر على مخك بنفس التأثير، سواء كان شيء ضار زي التدخين أو شيء نافع زي عزف آلة موسيقية مثلًا.

اللي شوفته في الجواز مش هو اللي كنت بشوفه في الفيلم!

نيجي بقى للنقطة الأهم والأخطر، التأثير على العقل والخيالات اللي بتصيب الشخص اللي أدمن المواد الإباحية، وبتخلي عنده تصور إن اللي بيحصل في الفيلم اللي بيتفرج عليه ده هو اللي هيحصل في الحقيقة بمنتهى السذاجة مع إن الأفلام دي معظمها صناعة ترفيهية تجارية غرضها الربح.

يعني إيه الكلام ده؟ يعني اللي بنشوفه ده مش حقيقي 100% وقت الفيلم الطويل ده بتتخلله لحظات من القطع والوصل على المونتاج ووقت مستقطع للممثلين علشان ياخدوا راحة. ده غير طبعًا الأدوية والعمليات اللي بيعملوها علشان إطالة وقت القذف وغيره.

طيب إزاي الكلام ده بيأثر على العقل؟ سنة 2013، باحثون في جامعة برمنجهام وجامعة ميسوري عملوا بحث على الأزواج اللي لسه بيشاهدوا مواد إباحية بعد الجواز، النتائج كانت إن الرجالة المتجوزين اللي بيشاهدوا المواد الإباحية غالبًا بيكونوا ”أقل جودة“ من الناحية الجنسية لأنهم بيتخيلوا أشياء كتير مابتحصلش فبيصيبهم إحباط،  والإحباط ده بينتقل بالضرورة لشريكهم. الغريب إن الستات المتجوزين اللي بيشاهدوا المواد الإباحية بعد الجواز، كانوا أكثر ”حميمية“ أثناء ممارسة الجنس.

الأسباب اللي عملت الفرق ده كتير، منها مثلًا إن الرجالة بيميلوا لإنهم يتفرجوا على المواد دي لوحدهم، في حين إن الستات بيفضلوا إنهم يتفرجوا عليها مع أزواجهم وبيعتبروها نوع من التجارب الحميمية الجديدة. ده غير إن وجهة نظر الرجالة في الأفلام الإباحية مختلفة عن الستات، فالرجالة ممكن يتفرجوا على فيلم حتى لو ماظهرش فيه وجه الممثلين أصلًا، في حين إن الستات بيفضلوا إنه يكون فيه بعض حميمية في الموضوع.

ممكن نقول إن ده بيحصل في أمريكا مثلًا وإنه مش موجود عندنا هنا، طيب إيه اللي ممكن يكون بيحصل عندنا؟ ممكن يكون بيحصل عندنا التأثير النفسي التاني للمواد الإباحية وهو ”الملل“، بمعنى إن الراجل اللي بيشاهد أفلام إباحية كتير بيكون عنده تصور خاص وخيالات خاصة بيه وبشريكته. الخيالات دي مابتتحققش لأسباب كتير تتعلق بعدم التفاهم ونفسية البنت نفسها ورؤيتها ووجهة نظرها في الموضوع، فبيصاب بالملل وهي كمان بعد فترة. لذلك بيكون في مشاكل كتير من الناحية الجنسية حتى بعد الجواز.

ده غير سببين مهمين تانيين، الأول: إنه العقل بيفرز هرمون الدوبامين (هرمون الحب والنشوة) كل ما الشخص بيتفرج على المواد الإباحية باعتبار تأثيرها مشابه لتأثير الممارسة الجنسية. بعد فترة بيبدأ العقل (أو بمعنى أصح النواقل العصبية) يتعود على إفراز الدوبامين في حالة مشاهدة الشخص للمواد الإباحية، ولما الشخص ده بيبدأ يمارس الجنس بشكل طبيعي، في بعض الحالات مابيوصلش للمتعة نفسها والعقل بيكون مشتت نظرًا لأنه مش متعود يفرز الدوبامين غير في حالات المشاهدة فقط. الكلام ده اتكتب في دراسة عملها باحث في علم الأعصاب اسمه ”نورمان دويدج“ سنة 2007.

السبب التاني: هو ميل بعض الرجالة لاستخدام العنف تجاه شريكتهم، وده غالبًا مابيكونش لطيف بالنسبة للشريكة. السبب في ده إنه _ وبحسب بعض الإحصائيات_ 88% من مشاهد الأفلام الإباحية فيها عنف جسدي تجاه الشريك، و49% منها بتحتوي على عنف لفظي على الأقل. ده غير إن في منهم بيكون وصل لمرحلة الإصابة بأمراض ضعف جنسي، زي سرعة القذف أو ضعف الإنتصاب فبيحاول يعوّض عن الضعف ده بالعنف تجاه الآخر.

في النهاية إدمان أي شيء  أمر خطير وعواقبه سيئة للغاية عشان كده الأفضل دايمًا هو البُعد عن الشيء اللي بيكون فيه احتمالية الإصابة بالإدمان. وإن كان لابد منه يعني، فتقليل التعرض للمواد دي قدر الطاقة هيكون كويس جدا، ولازم نفصل بين اللي بيحصل على الشاشة وإنه كأي فيلم بيمر بمرحلة تعديل وإنتاج ورتوش من هنا وهناك ومش بالضرورة خالص يكون له علاقة بالحقيقة. في أي وقت هتكون حاسس فيه بإن الموضوع بدأ يتخطى مرحلة الإدمان فالأفضل إنك تستشير الطبيب.


المصادر: apa quickanddirtytips  yourbrainonporn focusonthefamily psychguides

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى