.
ليه وإزاي؟

مسلسلات رمضان: عنف في سياق الدراما!

كتب: أحمد حسين

السمة الأساسية للتليفزيون في رمضان بتنقسم لتلات حاجات، إعلانات كتير، وبرامج كتير (معظمها مقالب واستظراف)، ومسلسلات، ونخص بالذكر الأخيرة دي، لأنها هي موضوعنا بالأساس. كل سنة لازم تطلع حملات لمقاطعة المسلسلات علشان الشهر الكريم، وحملات مضادة برضه بتقول لا اتفرجوا على مسلسلات وكده، بس ده مش موضوعنا، اللي هنتكلم عنه هو العنف اللي بيتعرض على الشاشة وتأثيره علينا وعلى أطفالنا.

السنة اللي فاتت مثلًا كان في مسلسل من بطولة غادة عبد الرازق اسمه الكابوس، المسلسل ده كان فيه مشهد قتل شديد العنف والدموية، وده كان غريب بالنسبة لي، لأن المفروض المواد دي يكون في تحذير قبلها أو إشارة لإن المسلسل 18+ أو يتعرض حتى على قنوات مشفرة، لأنه لو ماحصلش كل ده، ممكن بكل سهولة طفل صغير يشوف المشهد العنيف اللي بيتعرض على التليفزيون بشكل عادي جدًا، وده شيء في حد ذاته مؤذي له وفي بعض الأحيان بيبقى مؤذي للي حواليه كمان.

أما السنة دي، فالفنان يوسف الشريف بيطل علينا بمسلسل إعلانه بس مات فيه 6 أشخاص على الأقل مثلًا، واتضرب فيه بتاع حوالي 20 شخص تقريبًا، ودي كمية عنف كبيرة على إعلان مدته دقيقتين أو أقل. في أي مكان تاني في العالم، بيتم تصنيف المسلسل ده على إنه عنيف أو مليان مشاهد عنيفة، وبيتم الإشارة لده قبل بداية المسلسل. في حد ممكن يقول وإيه اللي فيها يعني، وإنها مبالغات، وده مجرد مشهد وهيعدي!

العنف اللي بيتعرض على التليفزيون ده، مش مجرد مشهد وهيعدي لأ، خصوصًا لما يكون الأمر مع طفل قدراته العقلية لم تكتمل حتى، وفكره لم ينضج بشكل كافي لتقبل أشياء زي دي، فبيحصل له تأثير أشبه بتأثير ما بعد الصدمة (Post-traumatic Disorder)، وده بيأثر على كيمياء مخه بشكل كبير وممكن يسبب له أشياء زي الهلاوس والضلالات وأحلام اليقظة المزعجة والكوابيس.

زائد كمان إن الطفل تحديدًا، نظرًا لعدم نضجه بشكل كامل، ممكن يميل لإنه يقلّد اللي بيحصل قدامه على الشاشة، وعلى حسب كمية العنف اللي بيتعرض لها هتنتج تصرفاته، يعني لو بيتعرض لكمية كبيرة من العنف، فهو غالبًا هيميل لاستخدام العنف ده تجاه الأخرين، أم لو كمية العنف مثلًا أقل شوية، فممكن بعض الأطفال اللي بيكونوا حسّاسين زيادة يحسوا إنهم هما اللي بيتم ممارسة العنف عليهم، ويصابوا بحالات من الاكتئاب والحزن الشديد، وممكن ده يخليهم يميلوا للعزلة والإنطواء والبُعد عن البشر.

لذلك بكل بساطة بيتم تصنيف كل مسلسل أو فيلم، على حسب محتواه، يعني المسلسلات أو الأفلام اللي بتحتوى على مشاهد غير مناسبة للمشاهدين الصغار، بيتم الإشارة لإنها 18+، والمسلسلات والأفلام اللي موضوعها/حبكتها بتكون مناسبة للأطفال فبيتم الاشارة لإنها مسلسلات وأفلام عائلية. وللأسف إحنا ماعندناش هذه التصنيفات اللي المفروض تشير بس إلى المحتوى المُقدّم على الشاشة، علشان مفيش طفل يتفاجئ بمشهد عنيف جدًا يأثر عليه في حياته الواقعية وإدراكه بشكل قوي، يتحول بكل سهولة لبلطجي أو متنمّر (Bully)، ودول المؤذيين اللي بيأذوا لمجرد الأذى وتفريغ الكبت لا لأي شيء آخر.

طيب دلوقتي إيه ممكن يكون دور الأهل في شيء زي ده؟

الأهل غالبًا بيكون عندهم القوة الكافية اللي يفرضوا بيها أشياء على أطفالهم، بس مش باستخدام العنف برضه لأ، بمحاولة مراقبة المواد اللي بيتفرج عليها الأطفال، خصوصًا لو كانوا أطفال في سن صغيرة ماتسمحلهمش إنهم يُدركوا إن ده تمثيل يعني مش حقيقي.

والمراقبة هنا مش بمعنى التجسس والتلصص مثلًا، لأ معناها إن الأب والأم المفروض يتفرجوا مع أولادهم على الأفلام والمسلسلات ويحاولوا يشرحوا لهم أي مشهد غير لائق أو غير مناسب بطريقة بسيطة علشان يقدروا يستوعبوه.

كمان، لازم الأب والأم يكونوا عارفين إذا كان المسلسل ده هيبقى عنيف وغير مناسب للأطفال، بمعنى إنهم لو مش هيقدروا يستوعبوه خالص ولا هيفهموه بشكل كافي، يبقى الأفضل إنهم مايتفرجوش عليه، أو مثلًا يتحدد لهم وقت مُعيّن يتفرجوا فيه على التليفزيون، ويكون الوقت ده اللي مش بيتم عرض أي مواد غير مناسبة فيه.

كسر بعض الحواجز مع الطفل مهم جدًا، وتشجعيه على إنه يتفرج على قنوات بتقدم محتوى مناسب وفي نفس الوقت مفيد لسنه شيء مهم جدًا جدًا، يعني مثلًا تشجيع الطفل على قنوات زي ناشيونال جيوجرافيك هيوسّع خياله وهيشجعه _بمساعدة الأب والأم طبعًا_ على التفكير الإبداعي. زائد إنهم كمان ممكن يشجعوا الأطفال على أشياء غير التليفزيون، زي ممارسة الرياضة، والرسم والفن بشكل عام، والحِرف والشغل اليدوي، والكتابة والقراءة وغيرهم كتير.

بالطريقة دي، هيقدروا يحموا أطفالهم من مواد قد تكون غير مناسبة لعقولهم في السن ده، وفي نفس الوقت هيعلموهم شيء مفيد ليهم في حياتهم.


المصادر:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى