.
ليه وإزاي؟

5 أسباب تخلي المدرسة مكان سيء لصحة أولادك النفسية

كتب: أحمد حسين

المدرسة بيتنا التاني زي ما كنا بنقول وإحنا صغيرين. أول مكان اجتماعي _تقريبا_ نعرفه بره البيت. في المدرسة، بنقابل ناس نحبها وناس نكرهها ونتعلم إزاي نتعامل مع ناس غير عيلتنا. لكن الحقيقة أنا بكره المدرسة، بكره كل شيء مُتعلق بالدراسة مش المدرسة بس. بكره فكرة إننا نروح مكان من الساعة 8 الصبح، علشان مجموعة من البشر يفضلوا يحشوا دماغنا بمعلومات رخمة لمدة 6 ساعات تقريبًا، من غير حتى ما يقولوا لنا المعلومات دي هتفيدنا في إيه.  ولما كبرنا، اتأكدت إن المدرسة ممكن تكون مكان سيء عادي ومضر لصحتنا النفسية وصحة أولادكم نفسيا كمان. خليني أقول لكم إزاي ده ممكن يحصل.

التنمر

الصورة: Flickr

وإحنا صغيرين ماكنّاش نعرف حاجة اسمها التنمر، ولا كنا نعرف فكرة ميزان القوى. ممكن أقسّم أنواع الناس اللي موجودين في المدرسة لـ 3 أنواع، نوع مُتحكّم وده بيضمن الطلاب المشهورين واللي ممكن يتخانقوا، نوع بنطلق عليه لفظ الدحيح، وده اللي بيكون مركز في الدراسة أكتر من أي حاجة تانية، ونوع بين الاتنين، لا بلطجي وبيتخانق، ولا مركز مع الدراسة طول الوقت.

ميزان القوى في المدرسة، بيقول إنه الناس البلطجية أو المشاهير ممكن “يهزّروا” مع أي نوع من الاتنين التانيين هزار تقيل، زي إنهم يضربوهم أو ياخدوا ساندوتشاتهم، أو يعملوا فيهم مقلب، زي مثلًا إنه حد يقعد ورا شخص على الأرض، وواحد تاني يقف قدامه ويزقّه فيخبط في اللي وراه ويقع. كل ده كان بيحصل كتير، من غير ما يكون اسمه تنمر، ولا نعرف إن له أثر سلبي على نفسية الطفل، وساعات كمان بيكمّل معاه لحد ما يكبر.

ومش بس الطلبة بيتنمّروا على بعضهم، ممكن مدرس يكون متنمر برضه، ويقرر بالبلدي كده “يطلّع الطالب على الهوا”، ويسأله في حاجة فمايعرفش يجاوب، يروح متقمص شخصية الفنان محمد نجم ويفضل يتريق عليه وينزل بإفيهاته الكوميدية كلها على دماغه، يا إما يتحوّل لمحارب روماني ويمسك عصاية خشب وينزل بيها على إيدين الطالب، وفي الحالتين يضحّك زمايله عليه، ويخلّص -المدرس- يومه ويروّح يتغدى ويتبسط ولا كأنه عمل حاجة.

التنمّر له عدد كبير من الآثار السلبية على نفسية الطالب أو الشخص اللي بيتعرض للتنمر، أهمها الخوف وعدم الثقة في النفس. لما طفل بيتعرّض للتنمر مابيكونش حابب يروح المدرسة، وهنا بقى ييجي دور الأب، في إنه يعلّم ابنه أو بنته إزاي يقفوا قدام المتنمر ده، وياخدوا حقهم، مش بالعنف لكن بكل الطرق الأخرى الممكنة، زي الشكوى للمدرس وإفهام المتنمر ده إنه يبطّل اللي بيعمله علشان هو قادر ياخد حقه، وإن المتنمر لو حاول يضربه، لازم يكون عارف إزاي يدافع عن نفسه ويبعد الأذى عنه.

اعرف أكتر| هل التنمر سبب كافي للقيام بالانتحار؟

الإرهاق

الصورة: Goodfellow

لما بتنزلوا أشغالكم الصبح، غالبًا بتشوفوا المشهد السيء اللي بشوفه. طفل عمره مايعدّيش بالكتير 10 سنين، شايل شنطة تقريبًا مساوية لحجمه، وضهره مُحدّب وشايلها بصعوبة شديدة، كل ده علشان بس يروح المدرسة يتعلم قليل ويرجع، يتكفي على الكراسات والكتب علشان يعمل الواجب، وتاني يوم يعمل نفس العملية مرة تانية، زيّه زي “سيزيف” اللي لعنته آلهة الإغريق بإنه يشيل الصخرة لقمة الجبل كل يوم، وكل ما يوصل للقمة يلاقي نفسه نزل تاني للقاع ويبدأ من جديد في العذاب ده.

الواجب ده أساسًا لوحده كارثة، مش هو في حد ذاته لكن طريقة تعاملنا معاه سيئة جدًا. جمعية التربية الوطنية في أمريكا، بتقول إنه من أول أولى ابتدائي لحد تالتة ثانوي، المفروض يزيد الوقت اللي بيقضيه الطالب في عمل الواجب كل سنة 10 دقائق بس، يعني الواجب في أولى ابتدائي ياخد 10 دقائق، في تانية ابتدائي ياخد 20 دقيقة، في 3 ابتدائي ياخد نص ساعة وهكذا.

تعالوا بقى نطبّق ده على اللي بيحصل عندنا، بذمتكم الواجب اللي المدرسين بيطلبوه من الطلبة بياخد أقل من ساعتين على الأقل في الحل؟ والمشكلة إن كل مدرس فاكر إنه الطالب مابيدرسش غير مادته، فيروح طالب منه واجب كبير، فتلاقي نفسك كطالب بتقضي حوالي 6 أو 7 ساعات في المدرسة، وفي البيت بتقضي بتاع 3 ساعات بتعمل واجب، فتلاقي 10 ساعات من يومك ضاعوا، وماستفدتش بأي حاجة تانية، لا قراءة ولا رياضة ولا تنمية مواهب ولا أي حاجة أبدًا.

الكلام ده، بيخلّي الطالب رايح المدرسة مُرهق جدًا، فلا بيعرف يركّز في دروسه، ولا بيعرف يركّز في تنمية مهاراته الاجتماعية. ويرجع البيت ينام قليل، والنوم القليل بيؤدي إلى العصبية وعدم الراحة، واحتمال كمان يؤدي إلى الاكتئاب. فيعني واحدة واحدة على ولادكم وماتضغطوش عليهم زيادة في الواجبات، ورسالة خاصة منّي للمدرسين، حرام عليكم والله، خفّوا شوية علشان ربنا يكرمكم وبلاش مبالغة في تقدير الواجبات على الطلبة.

اعرف أكتر| ”التعليم: إعادة شحن وتفريغ!“ كيف تستقبل عقول أطفالنا المعلومة؟

الامتحان

الصورة: imagenesmy

الامتحان ده كان أكبر مُصيبة بالنسبة لي خلال سنوات الدراسة كلها. خلال حياتي العملية كلها لحد دلوقتي ماشوفتش شيء يوازي في صعوبته صعوبة إني أروح امتحان، ده الرعب الأكبر وأكتر حاجة مخيفة كانت بتحصل في حياتي. تخيل كده تبقى صاحي الصبح عادي جدًا، تلاقي حد بيقول لك “يوم الامتحان يُكرم المرء أو يُهان”، تخيل تتهان علشان خاطر نسيت معلومة تافهة من معلومات كتير تافهة مطلوب منك تفتكرها، والمفروض الكلام ده يشجعني إزاي لامؤاخذة؟

ده بيؤدي في النهاية لحالة اسمها “قلق الامتحان – Test Anxiety”، ودي حالة بتخلي الطالب يوصل لمراحل عالية من التوتر ويُصاب بالغثيان والتعرّق الزائد. سنة 2007 عملوا دراسة ولقوا إن حوالي 25% من الطلبة في أعمار من 13 إلى 18 سنة بيحسوا بقلق الامتحانات بالأعراض اللي قولنا عليها دي. وسنة 2010 عملوا دراسة تانية، ولقوا إنه من 10 إلى 40% من الطلبة كلهم بيُصابوا بقلق الامتحانات، كل ده بسبب الامتحانات الموّحدة.

الامتحانات الموّحدة معناها إننا كلنا نمتحن نفس الامتحان، بغض النظر عن قدراتنا ومواهبنا المختلفة. يعني مثلًا لو أنا شخص بارع في الرياضيات، وإنت شخص بارع في اللغة الإنجليزية، ماينفعش نمتحن بس في اللي بنفهم فيه أو بمعنى أدق اللي إحنا حابينه، لأ، نمتحن في كل المواد، حتى لو ده هيخلينا نحس بالعجز قدام مادة ما، بسبب قدراتنا اللي مش قادرة تتقبل دراسة المادة دي، أو بسبب مثلًا اختلاف في قوة ذاكرتنا.

المشكلة الأكبر إن ده بيتحدد عليه جزء من مستقبلك، يعني لما يبقى امتحان ودرجات هما اللي هيحددوا هتدخل كلية إيه، يبقى لازم تنجح بدرجات عالية علشان تختار براحتك. لكنك برضه مش هتختار براحتك أوي، لأنك لو جبت درجات عالية تدخّلك هندسة مثلًا، وحبيت تدخل أداب قسم فرنساوي، هتلاقي أهلك وأصحابك -غالبًا- بيقولوا لك حرام الدرجات العالية اللي جبتها دي تضيع على كلية الآداب، وكأنها مثلًا نقيصة أو شيء يعيب إنك تبقى متخرج من كلية الآداب.

عمومًا يعني، لحد ما يتغيّر موضوع الامتحان الموحّد ده، حاولوا كأهل إنكم ماتعملوش ضغط إضافي على الطالب، يعني هو متبهدل علشان يعمل اللي عليه، خلاص حصل خير لو جاب درجة مش عالية أوي، سيبوا له الحرية في تحمّل الدرجات اللي جابها دي، ويدخل الكلية اللي يختارها، ويتعامل هو بقى. هو شخص كبير ولازم يتعلّم يتحمّل نتيجة أفعاله، فخفّوا عليه ضغط شوية. مش هيضيع في الحياة لو مادخلش هندسة وطب يعني.

الاندماج الاجتماعي

الصورة: Flickr

زي ما اتفقنا قبل كده، المدرسة مش مكان لدراسة العلوم والرياضيات واللغات بس، المدرسة كمان مكان مهم جدًا بتقابل فيه أنماط كتير من البشر، وبتخرج فيه من الدائرة الآمنة ليك (عيلتك القريبة)، وبتطلع لدائرة مختلفة عنك، وبتبدأ تكوّن صداقات وعداوات وواحدة واحدة بتتكوّن معاهم شخصيتك. وده طبعًا شيء ضاغط ومحتاج متابعة من الأهل، وكمان معرفة من الطالب نفسه بفكرة العلاقات الاجتماعية دي على قدر سنّه وفهمه يعني.

من زمان وإحنا كبشر بنعمل قبائل وننتمي ليها علشان نحس بالآمان. وده اللي المفروض يحصل في المدرسة، إن الطالب ينتمي ليها وللطلبة اللي فيها، ومايحسش بإنه غريب عليها، لأن الاحساس دي ممكن يؤدي إلى الإصابة بأمراض نفسية مختلفة، منها اضطرابات القلق وجنون الشك والاضطهاد (بارانويا). ودي حاجات علاجها مابيكونش سهل أبدًا.

في استطلاع رأي عملته شركة أمريكية اسمها “جالوب – Gallup” متخصصة في استطلاعات الرأي العامة، لقت إن 44% بس من الطلبة بيحسوا بالآمان والسعادة في المدرسة، ودي مشكلة كبيرة جدًا، لأنها بتعني ببساطة إن أكتر من نص الطلبة بيحسوا بعدم الآمان والسعادة في المكان اللي المفروض يقضوا فيه حوالي 6 أو 7 ساعات من يومهم. طيب بذمتكم ده مناخ ينفع حد فيه يتعلم أي حاجة، سواء لغات وعلوم أو تنمية مهارات اجتماعية؟

الحل هنا في التواصل بين الأهل وأولادهم. اعرفوا رأي ولادكم في أيامهم في المدرسة، وعلموهم إزاي يتقبّلوا الاختلاف، ويقدّروا الصداقات ويبعدوا عن الأذى. علموهم يتعاملوا إزاي مع المواقف المختلفة اللي بيقابلوها في المدرسة. كل ما كان التواصل بينكم كويس، كل ما ولادكم حسوا بالثقة في نفسهم وفي تصرفاتهم وفي اختيارتهم، سواء للمواد المفضلة أو للأصدقاء المُقرّبين. ده إلى جانب دور الإرشاد الاجتماعي اللي مفترض يكون موجود متخصيين ليه في المدرسة وظيفتهم يساعدوا الطلبة فعلا على التفاعل اجتماعيا ومواجهة أي عقبات مش إنهم ياخدوا الغياب من المشرفين أكيد.

الاكتئاب

الصورة: Pixabay

شايفين الأربع أسباب اللي فوق دول؟ أي واحد فيهم ممكن يوصّل الطالب إلى الإصابة بالاكتئاب. وهنا ماقصدش الاكتئاب بمعنى الحزن الشديد، أقصد الاكتئاب المرضي أو السريري، المرض اللي بيغيّر في توازن كيمياء المخ، وبيتعالج عن طريق طبيب نفسي مختص، ومابيتعالجش بإنه يفضفض ويحكي ويعبّر عن حزنه بس، الأمر بيكون أكثر تعقيدًا من كده شوية.

فكرة التكوين في مرحلة المراهقة صعبة بالأساس، التغيّرات الفسيولوجية (الجسمانية) والتغيرات اللي بتحصل في الهرمونات، كل ده بيخلي معظم المراهقين عصبيين وانفعالاتهم قوية. زوّد على ده بقى الضغط والتوتر وأعباء الدراسة والامتحانات والعلاقات الاجتماعية في المدرسة، كل ده بيستهلك من صحة الطلبة النفسية، وبيأثّر عليهم تأثير سلبي جدًا، فتضعف صحتهم العقلية، ويُصابوا بالاكتئاب في النهاية

لذلك ممكن نقول إن الوقاية منه تبعدك عن الدخول فيه من الأول. مفيش عيب في إن الشخص يكون مُصاب بالاكتئاب، العيب إنه أهله مايكونوش سامحين له بمساحة تواصل يقدر عن طريقها يقول لهم إنه مُصاب، ويحاولوا معاه في العلاج عن طريق الطبيب. لكن من الأول لو الأهل أخدوا بالهم وقللوا الضغوط شوية، ممكن ده يخلّي الطالب يبعد عن الاكتئاب شوية. وفي النهاية أتمنى الشفاء لكل المُصابين، سواء بالاكتئاب أو غيره.

اعرف أكتر| بعض الأمور التي يجب أن نعرفها عن الاكتئاب


المصادر: listverse  psychcentral  psychologytoday  healthline

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى