.
ليه وإزاي؟

الأطفال المشاهير بين وطأة الشهرة وقهر الأهل

كتب: أحمد حسين

شهر نوفمبر اللي فات كان في حزن شديد لما سمعنا خبر وفاة بطلة مصر في المصارعة ريم مجدي، اللي حصلت على الميدالية الذهبية لبطولة إفريقيا للشباب وكمان الميدالية البرونزية في مسابقة العالم. بعد وفاة ريم، بنت الخمستاشر سنة، بكام يوم النيابة وجهت اتهام لوالد ريم وحبسه 4 أيام بتهمة ضرب أفضى إلى موت، ودي كانت أخبار مفاجئة نوعًا ما.

ريم مجدي - الصورة من المصري اليوم لايت
ريم مجدي – الصورة من المصري اليوم لايت

في التحقيقات، والدة ريم قالت إن في مشادة كلامية حصلت بين ريم ووالدها وقت ما كانت ريم بتدرّب وبسبب المشادة دي والدها ضربها برجله، وبعد التمرين ركبوا العربية وانطلقوا للبيت بس المشادة كانت لسه مكملة، والدها في الوقت ده كان بيعنفها لعدم تركيزها في التدريبات، فما كان منه إلا إنه ضربها بالقلم على وشها، فكان رد الفعل منها إنها رمت نفسها من العربية وهما على طريق الإسماعيلية الصحراوي وتوفيت على الفور.

السلوك القهري اللي مارسه والد ريم عليها، هيفكرنا بسلوك قهري مارسه أب على طفله واللي بعدها بقى أشهر مطربي البوب اللي مرّوا على الكرة الأرضية “مايكل جاكسون”.

مايكل جاكسون: هل رأيتم طفولتي؟

مايكل جاكسون افتتح واحدة من أغانيه المعروفه بسؤال “هل رأيتم طفولتي؟ أبحث عن العالم الذي جئت منه”، يمكن الأغنية دي كانت أفضل تلخيص من مايكل لعلاقته بطفولته المفقودة. بيحكي مايكل في برنامج “العيش مع مايكل جاكسون”، واللي كان برنامج كاشف جدًا بالنسبة لجوانب كتير في حياة مايكل جاكسون.

مايكل هو أصغر فرد في فرقة (Jackson 5)، بدأ حياته الفنّية معاهم من وهو عنده 8 سنين تقريبًا، وبيحكي إنه في الفترة دي كان والده بيصحيه الساعة 8 الصبح مش علشان يخرجوا يشتروا آيس كريم مثلًا أو علشان يتفسحوا، بل كان بيصحيه علشان يتفرج على حفلات لمطربين زي جيمس براون، ويحاول يتدّرب علشان يغني ويرقص زيهم، ولما كان مايكل –باعتباره طفل يعني- يتحايل على والده بإنه يروح يلعب مع الأطفال، كان رد فعل باباه بيكون عنيف جدًا تجاهه وفيه تريقة على شكله ومناخيره الكبيرة وشكله الوحش والأفضل له إنه يتدرب، ولما كان مايكل يتضايق ومايرضاش يتدرّب كان بيتعرض للضرب المُبرح، اللي كان بيمنعه ساعات فعلًا من التدريب بسبب الألم.

مايكل جاكسون

مايكل بيقول إنه كان بيتدرّب على الرقص والغناء لمدة لا تقل عن 10 ساعات يوميًا، وده كان مُرهق جدًا لطفل في عمره، فكان ساعات مابيعملش حركات الرقص كويس أو بينشّز في الغناء، فوالده يضربه تاني ويهينه بأي طريقة يقدر عليها، وده خلاه ببساطة كاره اللي بيعمله، لكنه اتغير شوية لما بقى يطلع في التليفزيون ويسافر مع أخواته يعملوا حفلات في ولايات مختلفة من أمريكا.

المرحلة التانية من حياة مايكل جاكسون “المراهقة”، كان حاسس فيها بوحدة وغُربة شديدة عن اخواته، وبيحكي إنه في بعض اللحظات تعرّض لمواقف كانت سيئة جدًا بالنسبة له، من ضمنهم الموقف اللي حكاه؛ لما كان في إحدى المطارات وفي بنت قالت بصوت عالي “مايكل جاكسون” وجريت عليه، فهو ابتسم في وشها، بس هي أول ما قرّبت منه ظهرت علامات الاشمئزاز والتقزز على وشها وقالت له “وشك كله حبوب”، بالطبع الجملة دي كفيلة تحط أي مراهقة تحت ضغط كبير، هو بيكون بالفعل بيمر بتغُيرات هرمونية مخلياه مزاجي مشاعره متقلبة، فالضغط في الوقت ده بيكون بالنسبة له أكثر مما يحتمل.

مايكل جاكسون

وتقريبًا ده اللي حصل بالفعل مع ريم، ضغط شديد من والدها اللي شايفها جسر للفلوس والشهرة والميداليات أو حتى ضغط عشان يشجع بنته عشان تحقق نجاح أكبر _من وجهة نظره_، أدى إلى إنها في النهاية ترمي نفسها بالعربية وهما ماشيين بسرعة على طريق الإسماعيلية. نفس اللي حصل مع ريم ده بيحصل مع أطفال كتير غيرها ومنهم أمثلة لمشاهير في هوليوود تحديدًا، بس معظمهم بيكون لهم رد فعل مختلف، طبعًا بعضهم بينتحر من كُتر الضغط الواقع على أعصابه، لكن البعض لهم طرق مختلفة في التعامل مع موضوع الشهرة المبكرة ده منها:

-اللجوء للمخدرات والكحوليات:

وده في الأغلب بيكون عن طريق ما يُسمى بالـ(Entourage) ودي المجموعة القريبة من النجم، وغالبًا بتكون من شباب أغنياء وعايشين حياتهم بشكل “جامح” شوية، يعني مخدرات بقى وكحوليات وكده، يدخل التجربة شخص، وبيخرج منها شخص تاني خالص خاصةً لو ماكنش مستعد لها ولا فاهم هو بيمر بإيه. من الفنانين اللي مروا بتجارب شبيهة كانت: ليندساي لوهان، كانت بتمثّل من وهي عندها عشرة اتناشر سنة تقريبًا، بس التحولات اللي حصلت لها في حياتها، وكانت بتعاني من عدم وجود الأب والأم في حياتها، افتقدت توجيههم وماكنوش واقفين جنبها في كل موقف صعب حصل لها، فدخلت في دائرة مغلقة من الإدمان، وراحت تتعالج منه أكتر من 6 مرات ولا تزال مش قادرة تبطّله، غير تحولات متطرفة في شخصيتها نفسها.

الأطفال المشاهير

-العودة للطفولة:

أول ما بيبدأ الأطفال ينفصلوا عن أهلهم ويكون معاهم فلوس خاصة بيهم وقدر كبير من الحرية ماكانش بيُمنح لهم زمان، بيرجعوا للشيء اللي فقدوه زمان وهو طفولتهم. مايكل جاكسون عمل مزرعة كبيرة اسمها “نيفرلاند” على اسم المدينة الخيالية اللي عاش فيها “بيتر بان”، واللي هي بالمناسبة شخصيته المفضلة، ولما سأله المذيع إشمعنى بيتر بان؟ قال إنه هو الوحيد اللي مابيكبرش أبدًا، وإنه هيعيش طفل للأبد.

مايكل في نفس حلقات برنامج “العيش مع مايكل”، عَرَض الملاهي اللي عاملها في المزرعة والجزء اللي عامله زي ديزني لاند كمان، زائد إنه لما راح يشتري أنتيكات من محل ما، كان أشبه بطفل دخل محل حلويات ومعاه فلوس كتير، عمّال يشاور على كل اللي في المحل ويقول “عايز ديه وديه وديه”، باختصار مايكل جاكسون كان بالفعل طفل كبير والسبب في ده عدم عيش طفولته بشكل صحيح

دول نقطتين مهمين في الغالب بيوصل لهم المشاهير، وفيه أمثلة كتير لده زي الممثل “شايا لابوف”  وأشهر ممثل طفل في التسعينات “ماكولي كولكين” اللي عمل أفلام (Home Alone) الجزء الأول والتاني. فيه أكتر من مشكلة أخرى بتصيب الأطفال دول بسبب الشهرة، زي مثلًا إنهم مايتعلّموش كويس، الفكرة في التعليم إنه بيديهم الفرصة في توسيع أفقهم بحيث يقدروا يتعاملوا مع الحياة، ويعرفوا إن ليهم فرص في أعمال مختلفة في الحياة لو شغلهم في السينما توقّف.

ماكولي كولكين

وطأة الشهرة والطفولة المفقودة

بالأساس، الأطفال بيكونوا متعودين على إن كل الناس بتهتم بيهم، بس بيُدركوا في وقتٍ ما إن الكون مش بيدور حواليهم وإن الناس مش هتهتم بيهم طول الوقت، والمفروض يعتمدوا على نفسهم، وساعات بيكون الطفل نفسه عايز يتمرد ويعتمد على نفسهم ويجرب.

تخيلوا بقى طفل بيتعرّض كل يوم لمئات من جمل المديح على أدائه في العمل الفلاني، واللي يطلبه في برنامج واللي يطلب توقيعه مع توافر للمادة بشكل واسع للغاية، كل ده بيحط الطفل تحت ضغط الشهرة، ولما يفتقدها بيتحول لشخص هيستيري مُتطلّب للاهتمام، أو مدمن علشان يقدر يتعايش مع فكرة إن مفيش حد بقى بيهتم بيه.

“درو بيريمور” الممثلة الأمريكية اللي ظهرت في فيلم (ET) وهي عندها 7 سنين، حكيت إنها بعد الفيلم انهالت عليها عروض الظهور في برامج بقى وعمل مقابلات صحفية وتوقيع اوتوجرافات وطلبات لجلسات تصوير، وإن كل ده كان ضاغط جدًا بالنسبة لطفلة كل اهتمامتها في الحياة إنها تلعب وتاكل آيس كريم مع صحباتها.

درو بيريمور

درو بتحكي إنها بعد سنة بالظبط كان الضغط عليها لا يُحتمل، فاتعلمت وعمرها 9 سنين إنها تشرب كحوليات وتدخّن، بعدها بحوالي سنة بدأت تدخّن ماريجوانا ولما وصلت لسن 12 سنة كانت بدأت تتعاطى الكوكايين، كل ده وهي طفلة لسه بتبدأ طور المراهقة مش أكتر.

بس “درو” تعتبر من الفنانات اللي كان حظهم حلو وتعافت من كل ده ورجعت تمثّل تاني، لكن لو فرضنا إنها ماكانتش تعافت، كانت ممكن جدًا تتحوّل لمدمنة مش قادرة تتعالج، أو تتوفى بجرعة زائدة أو حتى تنتحر عمدًا!

طيب، إيه اللي المفروض يحصل علشان الأطفال مايوصلوش للمصير ده؟

“ناتالي بورتمان”، الممثلة الأمريكية بدأت تمثل وهي عندها حوالي 13 سنة، وبقت نجمة شهيرة في وقت قصير، اللي كان مفيد لناتالي، إن أهلها لا قهروها وضغطوا عليها، ولا سابوها تمامًا بلا رعاية، بالعكس كانوا معاها طول الوقت، وحرصوا على إنها تكمل تعليمها لحد ما حصلت على بكالوريوس في علم النفس من جامعة هارفارد.

في النهاية، ممكن نكون أدركنا إن الضغط شيء قاسي، الحياة بالأساس صعبة علينا كلنا، فمفيش أي داعي لضغط إضافي من الأهل على أولادهم الموهوبين، لأي سبب بقى، إنهم بيحققوا فيهم اللي ماعرفوش يحققوه بنفسهم، أو إنهم يستخدموا ولادهم كجسر للمكاسب الشخصية والمادية، كل ده نتائجه بتكون سيئة جدًا لو مفيش رعاية جيدة بالطفل، فالأهل مش هيجنوا من وراء أولادهم حاجة، بالعكس دول هيجنوا عليهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى