اشمعنا ”صلاح“ سقعان و”عاطف“ حران؟
كتبت: يارا كمال
أنا هحكي لكم معاناتي الشخصية في كواليس ”نيون“. أنا كائن بيسقع جدًا، ومعروف عني إني أول واحدة بتشتي في اللي حواليها وآخر واحدة بتصيّف. تيجي قرعتي في مها وآية اللي بيحترّوا جدًا. طول الصيف وجزء من الخريف، وهما مولعين التكييف على حاجة وعشرين طول اليوم، وأنا بالنسبة لي كفاية أوي نفتح التكييف ساعة بالكتير ونقفله، وبكده الأوضة يفضل جوها حلو ساعة كمان أو أكتر.
المهم إني كنت في مفاوضات مستديمة مع آية ومها عشان يتعطّفوا عليا ويوطوا التكييف شوية، وكنت أحيانًا بضطر أسيب شال في المكتب عشان ألبسه لما التكييف يبردني. الغريب في الموضوع إن مها وآية بيبقوا فعلًا حرانين وأنا فعلًا سقعانة. مين فينا بقى اللي عنده مشكلة؟
طب مبدئيًا، إحنا بنحس بالبرد إزاي؟
احنا بنحس بالبرد لما أعصاب جلدنا بتبعت إشارات للمخ عن درجة حرارة الجلد. الإشارات دي مش بتعبر بس عن درجة حرارة الجلد، لأ كمان عن معدل التغير اللي حصل في درجة حرارته، عشان كده لما بتنط في ميه ساقعة، درجة حرارة جلدك بتقل بسرعة، فبتحس إنك بردان، لكن بعد ما تفضل شوية جواها، مابتحسش إنك سقعان أوي كده لإن درجة حرارة جلدك بتبقى منخفضة لكنها ثابتة.
اندفاع النبضات أو الإشارات العصبية اللي بيحصل لما درجة حرارة الجلد بتقل بيكون بمثابة تحذير مبكر لينا من إن درجة حرارة أعضاءنا الداخلية هتقل هي كمان. الإشارات دي بتحمينا من إن درجة حرارة الأعضاء الداخلية تقل للدرجة اللي ممكن تسبب الوفاة.
الإشارات اللي جاية من أعصاب الجلد دي بتروح لمنطقة في المخ اسمها ”تحت المهاد“، والمنطقة دي هي المسئولة عن التحكم في البيئة الداخلية للجسم، وده بيدي تعليمات للجهاز العصبي إنه يمنع انخفاض حرارة الجسم الداخلية.
فيه إشارات عصبية بتتبعت للعضلات عشان ترتعش، وللأوعية الدموية عشان تنقبض وتحتفظ بأغلب الدم عند الأعضاء الداخلية.
الإشارات العصبية بتوصل للقشرة الدماغية، وده الجزء المسئول عن التفكير والمنطق، بتدي للجزء ده معلومات عن مدى شعورنا بالبرد، وبالاتحاد مع الإشارات اللي بتيجي من الجهاز الحوفي، المسئول عن حالتنا العاطفية. بنحس إلى أي مدى احنا حاسين بالسقعة. كل ده بيخلينا نلبس تقيل أو نشرب حاجة سخنة أو نشوف لنا حل في السقعة دي.
اعرف أكتر عن الجهاز الحوفي من هنا.
وخلوا بالكم، فيه فرق بين إنك تكون حاسس بالبرد وإن يكون بالفعل جسمك درجة حرارته بقت أقل. يعني لو نطيت في ميه ساقعة هتحس بالبرد، بس يمكن درجة حرارة أعضاءك الداخلية تعلى نتيجة إن الدم الدافي فضل موجود فيها، وبالتالي درجة حرارة الجسم ممكن تفضل عالية لمدة تصل إلى ساعة، في حين إننا سقعانين من بره أو من عند أطرافنا.
عشان كده لما بنعيا أو بنصاب بحمى ودرجة حرارة جسمنا بتعلى، بنحس إننا سقعانين، لإن الدوائر العصبية اللي مسئولة عن إحساسنا بالبرد بتتظبّط على درجة حرارة الجسم العالية، فدرجة الحرارة المحيطة بالنسبة لك بتكون باردة نسبيا.
وبما إن منطقة تحت المهاد هي اللي بتتحكم في البيئة الداخلية للجسم وبتمثل الترموستات في جسمنا، وإن الغدة الدرقية هي اللي بتنظّم التمثيل الغذائي في جسمنا، فلما الإشارات العصبية بتوصل لهم وتقول لهم إن فيه انخفاض في درجة الحرارة، بيزودوا التمثيل الغذائي عشان الجسم ينتج حرارة أكتر.
الفكرة بقى في إن مش كل الناس أجسامهم بتظبّط حرارتها بنفس الطريقة. يعني الفروق الفردية بين أجسام الناس هي اللي بالأساس بتخلي كل واحد يرتاح لدرجة حرارة مختلفة شوية عن التاني.
فيه شوية عوامل بتأثّر في الفروق دي بين الناس:
- الوزن: لإن دهون الجسم بتعزل الجسم، فكل ما تزيد الدهون في جسمك، كل ما إحساسك بالبرد يقل.
- اللياقة البدنية: لإن كمية العضلات الصلبة عند الإنسان بتساعد الجسم إنه ينظم الحرارة بشكل أكثر فعالية. وعمومًا التمارين الرياضية بتحسّن تنظيم كل أجهزة جسمك.
- النظام الغذائي: لو فيه حد مابيحصلش على الفيتامينات والمعادن والبروتينات والخضروات وغيرها من المواد الغذائية الأساسية لتمثيل غذائي صحي، فده ممكن يخليه حاسس إنه مرهق وسقعان.
وبالذات فيه عنصرين مهمين ممكن يكون نقصهم سبب إحساسك الزايد بالبرد: الحديد وفيتامين ب 12.
الحديد معدن رئيسي لإنه بيساعد كرات الدم الحمراء إنها توصّل الأكسجين للجسم كله، وتوصّل معاه الحرارة والمغذيات التانية لكل خلية في الجسم. زائد إن نقص الحديد ممكن يؤدي لقصور الغدة الدرقية، وده برضه هيخليك تسقع.
الحديد موجود في اللحمة والبيض والورقيات زي السبانخ والمأكولات البحرية. (لو عايز تعرف أكتر عن الحديد وممكن تحصل عليه منين، أقرا موضوعنا عن السبانخ: السبانخ غذاء نافش للعضلات ).
أما فيتامين ب12 بقى، فده بيحتاجه الجسم عشان يعمل كرات الدم الحمرا أصلًا، وبالتالي نقصه بيؤدي للأنيميا، وبالتالي برضه الحرارة ماتوصلش للجسم كله بالشكل المطلوب. فيتامين ب 12 موجود في اللحوم الخالية من الدهون والأسماك ومنتجات الألبان. أحيانًا بيبقى نقص الفيتامين ده في الجسم نتيجة لمشكلة في امتصاص الجسم ليه.
شرب الميه: لو ماشربتش ميه كفاية، هتحس بالسقعة أكتر. الميه بتساعد في تنظيم درجة حرارة الجسم. الميه بتحتفظ بالحرارة وبتحررها ببطء، وده بيخلي درجة حرارة الجسم في النطاق المريح بالنسبة لنا.
زائد إن الميه بتساعد التمثيل الغذائي، ولما التمثيل الغذائي يقل، ده هيترجم لحرارة جسم أقل.
النوع: معدل الحرق عند الستات في المتوسط أقل من معدل الحرق عند الرجالة بحوالي 35%. كمان الستات في العموم أحسن من الرجالة في الاحتفاظ بالحرارة.
يعني أجسام الستات متبرمجة على الاحتفاظ بتيار الدم في الأعضاء الحيوية زي المخ والقلب، وبالتالي الدم مابيبقاش رايح أوي ناحية الأعضاء الأقل أهمية زي الإيدين والقدمين، عشان كده إيدين الستات ورجليهم بتبقى سقعانة بزيادة في الشتا.
وفيه دراسة أجريتها جامعة ”يوتا“ توصلت إلى إن بالرغم من إن درجة حرارة جسم الستات الداخلية أعلى شوية من حرارة جسم الرجالة الداخلية، لكن درجة حرارة إيدين الستات بتبقى أقل بـ2.8 درجة من إيدين الرجالة.
ممكن كمان الحمل يزوّد إحساس الست بالبرد. زائد إن درجة الحرارة عند الستات عرضة دايمًا لعدم الاستقرار بسبب الدورات الشهرية وانقطاع الطمث. كمان الستات معندهمش نفس الكتلة العضلية الصلبة اللي عند الرجالة، وده بيقلل من متوسط حرارة جسمهم.
السن: دايمًا لما يلاقوا حد بيسقع ومتكلفت في البطانية كده، يقولوا عليه ”ده عامل زي جدو“. الناس لما بتكبر، أنظمتهم الهرمونية ممكن تبدأ تشتغل بشكل مختلف. وبما إنهم مابقوش بينتجوا نفس كمية الهرمونات، فبالتالي بيحسوا بالبرد أكتر من زمان.
لكن الزيادات الهرمونية الحادة المرتبطة بانقطاع الطمث ممكن تسبب حاجة اسمها ”hot flashes“، اللي هو الإحساس بالصهد المفاجيء ده.
التوتر: الإحساس بالضغط والتوتر ممكن يقلل دورتك الدموية، وده هيخليك تحس إنك سقعان.
النوم: الحرمان من النوم بيأثر بشدة على جهازنا العصبي، وده بيأثر سلبًا بالتابعية على مهمة المخ في تنظيم درجة حرارة الجسم. وفيه دراسات بتشير لإنك لو ما أخدتش القيلولة بتاعتك ونمتها كويس، نشاط منطقة تحت المهاد هيقل.
وفيه دراسة اتنشرت في”the European Journal of Applied Physiology“، الباحثين وثّقوا فيها انخفاض درجة حرارة 20 شاب بالغ محروم من النوم. كمان نقص النوم بيبطّأ التمثيل الغذائي، وبالتالي جسمنا بينتج حرارة أقل وبيبطّأ الدورة الدموية.
فيه أمراض كمان بتسبب الإحساس الزائد بالبرد، وكلها برضه في النطاق اللي إحنا بنتكلم فيه ده:
يعني مثلًا لو أنت مصاب بالأنيميا، هتحس بالبرد، لإن الأنيميا هي نقص كرات الدم الحمرا. لو أنت بتحس بالتعب ووشك بهتان وضربات قلبك مش منتظمة، ممكن يبقى إحساسك الزيادة بالبرد سببه الأنيميا.
لو حد عنده قصور في الغدة الدرقية، هيحس بالبرد أكتر. زي ما قولنا، الغدة الدرقية هي المسئولة عن تنظيم التمثيل الغذائي، وبالتالي لو فيها قصور، إحساسك بالبرد هيزيد، لإن التمثيل الغذائي قل. من علامات قصور الغدة الدرقية كمان الإرهاق وجفاف الجلد وزيادة الوزن والإمساك والحيض غير المنتظم أو الغزير.
حوالي 4.5% من الأمريكان مصابين بقصور الغدة الدرقية، ومعدلات إصابة الستات اللي كانوا حوامل قريب أو اللي فوق الستين بقصور الغدة الدرقية أعلى (يعني سقعانين من الناحيتين).
لو أنت بقى من الناس اللي بيحسوا إن إيديهم وأقدامهم تلج، وممكن تكون مش سقعان أوي كده في العموم، فممكن تكون عندك مشكلة في الدورة الدموية بتخلي الدم مايوصلش كويس لأطرافك.
وممكن يكون السبب مرض القلب، ويكون برودة الإيدين والقدمين علامة على إن القلب مابيضخش الدم كويس. ممكن كمان تصلب الشرايين يمنع وصول الدم لصوابع إيديك ورجليك، وبرضه اضطرابات التجلط ممكن تكون السبب.
مرض السكري كمان ممكن يسبب حاجة اسمها (اعتلال الكلى السكري)، وهو عبارة عن تلف الكلى نتيجة مرض السكر، ومن أعراض الاعتلال ده هو الإحساس بالبرد طول الوقت.
ومن آثار مرض السكر برضه حاجة اسمها (الاعتلال العصبي المحيطي)، وهو تلف في الأعصاب اللي بتمنحنا الإحساس في الإيد والقدم، وبما إن الأعصاب دي هي اللي بتبعت رسالة للمخ بخصوص الإحساس بالحرارة، فبالتالي تلفها بيسبب إحساسنا ببرودة الإيدين والقدمين.
وفيه حالة اسمها مرض ”رينود“، بتحفّز الأوعية الدموية في الإيدين والقدمين إنها تضيق بشكل مؤقت لما تحس بالبرد. والتدخين طبعًا ممكن يسبب ضيق الأوعية الدموية وده ممكن يزوّد إحساسك بالبرد. وده للناس اللي بيدخنوا عشان يدفوا قال.
المشاكل المرتبطة بالقلب والأوعية الدموية اللي بتسبب برودة الأطراف، من ضمن أعراضها: لون الصوابع الأبيض أو الأزرق، والإحساس بالوخز أو التنميل في الدراعات والرجلين، والجلد الساقع والرطب.
طب يا ترى إيه الحل في موضوع البرد الزيادة ده؟ والله لو أنت كده طول عمرك، فيمكن تكون دي طبيعة جسمك. لكن لو حسيت إنك بقيت بتحس بالبرودة أكتر بكتير من زمان، روح للدكتور واطمن على صحتك.
تصوّر أنا كنت فاكر الجو سقعة.. ده الجو حر جدًا
يا ترى ممكن فعلًا ”صلاح“ يحس إنه حرّان لمجرد إنه شاف ”عاطف“ سقعان؟ فيه دراسة اتعملت على العكس بقى، عن ظاهرة اسمها ”عدوى الإحساس بالبرد- cold contagion“. في الدراسة دي لقوا إن المتطوعين حسوا بالبرد أكتر لما اتفرجوا على فيديوهات فيها ممثلين بيمثلّوا إنهم سقعانين، منهم لما اتفرجوا على فيديوهات الممثلين فيها دفيانين.
درجة حرارة إيدين المتطوعين انخفضت لما اتفرجوا على فيديو الناس السقعانين، والأوعية الدموية في إيديهم تقلصت، بالرغم من إنهم مكانوش في بيئة باردة. وش دلوقتي هتلاقي ناس بدأت الاستعدادات للشتاء وبالذات بالليل وقفلوا التكييفات وناس تانية هيموتوا من الحر وبيقولوا يا ترى امتى الصيف يخلص، عرفت السبب يا سيدي؟ 😀
المصادر: cnn iflscience time webmd mayoclinic nhs.uk