.
هجص بلدي

تحويل البشرة من الأسمر إلى الأبيض في ست ساعات!

كتب: أحمد حسين

تقريبًا، أشهر قصة عن تحول لون البشرة من اللون الأسمر إلى الأبيض كانت قصة مايكل جاكسون التي أثيرت في التسعينات وبداية الألفينات. منذ أيام، ظهرت الكثير من المقالات في مجلات موضة ذات انتشار واسع جدًا _خصوصًا في المنطقة العربية_، تتحدث عن باحثين في كلية موسكو للعلوم يطورون عملية كيماوية لتحويل لون الأشخاص ذوي البشرة السمراء إلى بيضاء!

أرجعت تلك المجلات العربية مصدر كلامها لصحيفة ”موسكو تايم“ الروسية، زاعمين نقلها عن الباحثين من ”كلية موسكو للعلوم“ أنه تم التعامل مع 254 شخصًا بهذه العملية، وذلك عن طريق إبقاء الأشخاص لمدة 6 ساعات في حمام به خليط من مادتي الأوكستين والبنزوديازيبين.

مبدئيًا، وبالرغم من وجود الكثير من المعاهد والكليات الخاصة بالعلوم في موسكو، إلا أنه لا يوجد كلية في موسكو بهذا الاسم تحديدًا ”كلية موسكو للعلوم“ من الأساس. أما موضوع نشر صحيفة موسكو تايمز لخبر العملية الكيماوية التي يمكنها تحويل لون الاشخاص ذوي البشرة السمراء إلى بيضاء يمكن نفيه عن طريق بحث بسيط على موقع الجريدة يثبت أنه لا توجد عليه أية أخبار متعلقة بهذا الأمر.

أما المواد المستخدمة في العملية، فكلاهما لا علاقة لهما بعمليات تجميل أو تغيير لون البشرة، فالأوكستين والبنزوديازيبين مواد تدخل في صناعة أدوية عصبية كالمهدئات والمنوّمات ومزيلات القلق ومضادات التشنّج. إذا تخلينا أن هناك باحثًا قرر أن يضع هذه المواد في ماء ليجلس فيه إنسان لمدة ست ساعات فلن يحدث أي شيء فيما يتعلق بلون بشرته من الأساس.

أما عن الصورة المُستخدمة في هذه المقالات، فكانت لشخص جلس لمدة طويلة في الشمس حتى احترق جلده تماما، وأصدقائه يزيلون الجلد المُحترق. وهذا واضح من الشخص الذي يضحك في الصورة، فإذا كانت بالفعل عملية كيماوية فما سياق الضحك في هذه الصورة؟

ما يشغل بالي، في هذا الأمر بالتحديد، هو سبب انتشاره بهذا الشكل، باعتبار هذه العملية ضمن سياق عمليات ”التجميل والتعديل“. يعني، ما الكريه/القبيح في امتلاك الانسان لبشرة باللون الأسمر؟ من قال أن امتلاك الإنسان لبشرة سمراء يعتبر خارج مقاييس الجمال؟ من وضع مقاييس الجمال من الأساس؟ الحقيقة، أنه لا يوجد شيء اسمه مقاييس الجمال، فالأمر لا يتعلق بلون البشرة ولا حجم الأنف ولا أي شيء، الآمر _من وجهة نظري_ يتعلق بقلة الثقة بأنفسنا، وخضوعنا لمعايير الجمال التي تفرضها شركات تصنيع مستحضرات التجميل وغيرها، والذي جعل الكثير منّا يلهث وراء صورة خيالية مثالية عن ما يمكن له أن يصبح عليه.


المصادر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى