.
النشرة

الخلايا البكتيرية أصغر مُقل للعيون فى العالم

كتبت:  مها طه

فى اكتشاف يُعد كمفاجأة، وجد العلماء أن البكتريا ترى العالم بكفاءة كالبشر تمامًا، لوجود خلايا بكتيرية تعمل وكأنها مُقل مجهرية للعيون، حيث قدم مجموعة من الباحثين البريطانيين والألمان هذا الاكتشاف عن طريق الصدفة عند دراسة البكتريا الزرقاء المائية، والتى تمثل فى بعض الأحيان الخيوط الخضراء التى تغطى بعض الصخور والحصى.

توصل العلماء لأن البكتريا بإمكانها أن تتنبئ بوجود الضوء بالفعل، وتتجه نحو مصدره فى ظاهرة تُسمى ”الانجذاب الضوئي- photo-taxis“، ولكن حتى تلك اللحظة لم يكن من المعلوم كيف تفعل البكتريا هذا؟

قال ”كونراد مولينكس“، عالم الميكروبيولوجى فى جامعة الملكة مارى فى لندن لـ”جوناثان ويب “من BBC News، أن هذا الاكتشاف تم عن طريق الصدفة حيث أنهم كانوا يسلطون الضوء من جانب واحد على مجموعة من الخلايا البكتيرية ليروا حركتها نحو مصدر الضوء، فوجدوا فجأة هذه النقاط المضيئة داخل الخلية، وكانت المفاجأة.

ما اكتشفه العلماء كان عند دراسة أحد أنواع البكتريا الزرقاء، والتى تعيش فى البحيرات العذبة والأنهار، حيث وجدوا أن خلاياها تتصرف وكأنها عدسات، عندما يصطدم الضوء بالسطح الكروى للخلية فإنه ينكسر إلى نقطة على الجانب الآخر من الخلية، وهو ما يحفز الخلية للحركة بعيدًا عن بقعة الضوء المركزة، وبإتجاه مصدر الضوء. تستخدم الخلية تراكيب تشبه المجسات وتُسمى ”الشعرة – pili“ لتتحرك للأمام.

المذهل هو أن العلماء درسوا البكتريا لعدة قرون دون أن يدركوا هذا التشابه الوظيفى بين خلاياها وعدسة الكاميرا أو مقلة العين. ما هو أكثر من ذلك، أنه عندما اكتشف “مولينكس” وزملاؤه هذا، فقد اكتشفوه فى كائن صغير جدًا لا يتعدى قطره 3 ميكرومتر (0.003 ملم)، وعن طريق الصدفة.

أضاف مولينكس، فى المؤتمر الصحفى أن ملاحظة أن البكتريا هى كائنات بصرية شئ واضح، ولكنهم لم يدركوه حتى رأوه بالصدفة، وأن العلماء لم يدركوا هذا من قبل بالرغم من أنهم يعكفون على دراسة البكتريا تحت المجهر لمدة الـ340 سنة ماضية.

لا تعنى هذه النتائج التى تم نشرها أن البكتريا قدرتها على الإبصار تساوى قدرة البشر على الرؤية، ولكنها تعنى أن الآلية التى تعمل بها الخلايا البكتيرية لتحديد الضوء هى نفسها الموجودة فى عدسات عيون البشر. ووفقًا للباحثين فخلايا هذا النوع من البكتريا أصغر بحوالى نصف مليار مرة من العين البشرية، ودرجة وضوحها أقل كثيرًا.

قال ”آنيجريت وايلد“، عضو فريق البحث من جامعة فرايبورغ بألمانيا، أن المبادئ الفيزيائية لاستشعار الضوء فى البكتريا والحيوانات الأخرى الأكثر تعقيدًا متشابهة، ولكن الخلايا البيولوجية القادرة على الرؤية هى التى تختلف. تعتبر هذه الخاصية أشبه بخدعة حيوية، فبدون استشعار الضوء، والتحرك نحوه لن تستطيع هذه الكائنات القيام بعملية البناء الضوئي، والتى تعتبر السبب فى بقاء هذه الكائنات على قيد الحياة منذ أبد بعيد.

قال ”جاسبار جيكلي“، الباحث بمعهد ماكس بلانك لعلم الأحياء التطورى فى ألمانيا، والذى لم يكن مشاركًا فى البحث لـBBC، أن هذه الآلية كانت غائبة عن العلماء، وأن اكتشافها يُعتبر مفاجأة مثيرة للدهشة. كما أضاف أن البكتريا الزرقاء عمرها على الأرض يُقدر بـ2.7 مليار سنة أى أنها أقدم كثيرًا من أى حيوان، وبالتالى فهذه الآلية كانت موجودة منذ وقت طويل جدًا حتى قبل وجود الحيوانات التى تعمل عيونها بنفس الآلية.


المصادر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى