.
هجص بلدي

”طاقة“ من غير لا وقود ولا طاقة!

كتب: أحمد حسين 

المراجعة العلمية: د.عبد المجيد عبد الله – رئيس قسم هندسة التصنيع وتكنولوجيا الإنتاج بالأكاديمية الحديثة للهندسة والتكنولوجيا

من فترة نُشر في جريدة الأهرام خبر عن أحد المهندسين خريجي جامعة المنوفية اخترع ”أول وحدة توليد ذاتي لتوليد الطاقة الكهربائية، عن طريق تغيير وتحديث نظام التوليد الكهربائي وميكانيكا التوليد ما بين المجال المغناطيسي والمجال الكهربائي من خلال ثبات الموبينا (الجزء الدوار أو البوبينا) ودوران المجال المغناطيسي وبدون استخدام أي نوع من أنواع الطاقة“ كما ذكر المقال.+

لو مافهمتش حاجة من الكلام ده، فده طبيعي جدًا لأنه الكلام فعلًا مش مفهوم، حتى لو دارس فيزياء وميكانيكا، الكلام مكتوب بطريقة ما متعمدة إنك ماتفهمش حاجة من كلام مجعلص لكنه يبدو علمي بشكل علمي جدًا فيقنعك لا إراديًا!

مبدئيًا: يعني إيه توليد طاقة كهربائية بدون أي نوع من أنواع الطاقة؟ تقريبًا كل اللي درس فيزياء عارف إن فيه قانون أساسي اسمه ”قانون حفظ الطاقة – Conservation of energy“ بيقول باختصار إن ”الطاقة لا تفنى ولا تستحدث ولكن يمكن تحويلها من شكل إلى آخر“ ويمكن لو الناس مش عارفة اسم القانون نفسه، فأغلبنا عارفين الجملة دي كوبس، فمش وارد بأي حال من الأحوال إن حد يدّعي إنه أنتج طاقة من غير طاقة! باختصار ماينفعش تنتج كهرباء من غير ما يكون في طاقة تانية تمثل الأساس للطاقة الكهربية دي.

يعني إيه الكلام ده؟ يعني ماينفعش يبقى فيه مخرجات ومفيش مدخلات، إنت علشان تكتب حرف على الشاشة لازم تدوس على الكيبورد، ماينفعش الحرف يتكتب لوحده أبدًا، كذلك الكهرباء لازم يكون في مدخلات (inputs) علشان يكون في مخرجات (outputs). ومن المعروف لمعظم الناس إن كفاءة أي مُعدّة لابد تكون أقل من 1، بمعنى أن المدخلات دائمًا تكون أكبر من المخرجات، نظرًا لوجود طاقة مفقودة أو مُهدرة.

مثال تاني على توليد الطاقة، السد العالي بيوّلد طاقة كهربائية، صح؟ دي حاجة تقريبًا كلنا عارفينها، وعارفين كمان إن المياه اللي في السد بتحرك التوربينات فبتتولّد طاقة كهربائية، ده معناه إن في مدخلات (اللي بتمثلها طاقة سريان المياه في الحالة دي)، وعليه كان فيه مخرجات (اللي هي الطاقة الكهربائية). لما وصلت البشرية إلى استغلال كل المساقط المائية والشلالات على مجاري الأنهار ومع تعاظم الطلب على الطاقة الكهربية، اتجه الإنسان إلى استغلال نوع آخر من الطاقة لتحويلها إلى طاقة كهربية ألا وهي الطاقة الحرارية. 

جدير بالذكر بدء بعض المصانع دلوقتي في استخدام المواد العضوية (الخشب- الفحم – المواد البتروليه …) لإنتاج طاقة حرارية تستخدم في تحويل المياه إلى بخار عن طريق التسخين، وطاقة البخار بتحرك التوربينات.

طيب، إزاي تم توليد طاقة من العدم؟ اللي مكتوب بيقول إن في مجال ”مغناطيسي“ دوار على موبينا ثابتة (في الحقيقة اسمها بوبينة وهي اللي بتولد الشرر اللي بدوره بتولد الطاقة الكهربائية)، لو افترضنا وجود مجال مغناطيسي دوار، هل المجال ده فرض نفسه على الجهاز؟ يعني ظهر فجأة فظهرت معاه الطاقة الكهربائية؟

الحقيقة إنه مفيش حاجة اسمها كده، في الفيديو المُرفق بمقال جريدة الأهرام بيظهر شخص ما بيحرك إيد الموتور لحد ما الموتور يشتغل، يعني الشخص اللي في الفيديو  بذل شغل ميكانيكي (أحد أشكال الطاقة) ”عزم القصور – Moment of inertia“ في إنه يحافظ على دوران الموتور، وبعدها يبدأ في توصيل الدائرة الكهربائية علشان اللمبات تشتغل، باختصار يعني في طاقة تم تطبيقها على الموتور علشان يشتغل، فمنين بيقول إنه الطاقة الكهربائية وصلت للمبات من غير طاقة ولا وقود؟ بالإضافة إلى ذلك، في حالة طلب استمرار توليد الطاقة الكهربية، لازم تستمر التغذية بالشغل الميكانيكي وكمان يستمر المجال المغناطيسي (طبقًا لقاعدة اليد اليمنى لفليمنج)

ذكر المقال كمان إن هذا ”الاختراع“ عرضت شركة ألمانية على صاحبه شراءه لكنه رفض، وقال إنه يتمنى إن مصر تتبنى اختراعه وتنفذه، وبعدها على طول قال _حسب المقال_ إنه خايف يسجل الفكرة دي كبراءة اختراع علشان حلمه مايضيعش بين الروتين والبيروقراطية! يعني هو خايف من الروتين والبيروقراطية ومش خايف من إن حد يسرق فكرة ”الاختراع“ ويعملها باسمه هو؟!

في النهاية، كنا نتمنى فعلًا إن جريدة بحجم جريدة الأهرام وخاصةّ إنها من صحفنا الرسمية إنها لما تتناول ذكر أي من الأنجازات أو الاختراعات ، أنها تعرضها علي لجنة علمية أولا قبل نشرها ويكون اختراعات ليها ثِقل وقادرة فعلا تحقق حاجة لكن للأسف كل اللي اتقال في المقال شيء بيخالف أولى قوانين  الكون بداهةً، وحتى وهو بيخالفها اعتمد على كلام مش حقيقي لا من وجهة نظر العلم ولا من وجهة نظر المنطق.


المصادر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى