بحث جديد: الحشيش يُمكنه أن يُعزز الرؤية الليلية
كتبت: مها طـه
أشار بحث جديد إلى وجود فوائد محتملة لنبات القنب (الحشيش) في تحسين الرؤية الليلية، حيث أظهرت دراسة جديدة أُجريت على الضفادع الصغيرة، أن الحشيش أو الماريجوانا يُمكنها أن تجعل خلايا شبكية العين أكثر حساسية للضوء، وأنه لا يقتصر استخدامها فقط في تحسين الرؤية عند الأشخاص الذين يعانون في الإضاءة الخافتة، بل يُمكن استخدامها في علاج حالات أخرى أيضًا مثل التهاب الشبكية الصباغي (retinitis pigmentosa).
هذه ليست المرة الأولى التي تُشير فيها الأبحاث إلى فائدة الماريجوانا أو الحشيش في تحسين الرؤية الليلية، حيث أشار تقرير نُشر في الجارديان، ذًكر فيه أن الصيادين المحليين الذين يدخنون أجزاء من أوراق أو سيقان نبات القنب، كانت لديهم قدرة خارقة على الرؤية في الظلام.
كما تردد نفس الشئ عن الصيادين وسكان الجبال المغاربة الذين يدخنون الحشيش _أحد منتجات نبات القنب_ حيث قام فريق من الباحثين من الولايات المتحدة وإسبانيا بدراسة هذه الظاهرة فيهم.
قام الباحثون بإجراء تجربة على أربعة من المتطوعين، الأول تم إيهامه بشرب الحشيش، في حين تم إعطاء الثلاثة الآخرين الحشيش، ثم جعلوهم يمرون باختبار للرؤية الليلية، وبالفعل وجد الباحثون أن من تعاطوا الحشيش تحسنت لديهم الرؤية الليلية، وقد نُشرت هذه النتائج عام 2004 في دورية Ethno-Pharmacology.
ولكن منذ ذلك الحين وحتى الآن، لم يستطيع أحد تفسير هذه الظاهرة على المستوى البيولوجي. كيف يُمكن للحشيش أن يُحسن من الرؤية الليلية. أقرب الأبحاث التي حاولت تفسير هذه الظاهرة، لاحظ الباحثون فيها وجود مُستقبلات (CB1) في العين أكثر منها في المخ، وهي المُستقبلات التي يرتبط بها مركبات نبات القنب المسئلة عن إحداث الأثر النفسي والعصبي. وهو ما يعني أن الحشيش يتجه إلى شبكية العين أو بالأحرى إلى القشرة البصرية في المخ.
للمزيد من التأكد، قرر فريق من الباحثين في معهد مونتريال للأمراض العصبية في كندا بقيادة ”لويس ميراكورت“ إلى دراسة هذا التأثير على الضفادع الصغيرة. في الجزء الأول من تجربتهم، استخدم الباحثون القنب الصناعي _مصنوع في مختبرات لتكثيف أثر الحشيش_ على عيون الضفادع الصغيرة، وتم قياس مدى استجابة العُقد العصبية التي تُشكل العصب البصري للضوء.
استطاع الباحثون إظهار قدرة الحشيش على جعل الخلايا أكثر حساسية واستجابةً للضوء سواءًا كان ساطعًأ أو خافتًا، وذلك عن طريق ارتباطه بمُستقبلات (CB1) وعرقلته لبروتين يُسمى (NKCC1)، وهو البروتين المسئول عن تنظيم دخول وخروج أيونات الكالسيوم من الخلايا العصبية لتحديد فرق الجهد الكهربي.
أظهرت هذه التجارب أن المواد المُخدرة الموجودة في الحشيش تقلل من تركيز أيونات الكلور داخل العُقد العصبية الموجودة في الشبكية، مما يجعلها أكثر حساسية وأستجابة للضوء. وللتأكُد من تأثير الحشيش على الرؤية عمومًا في الضفادع الصغيرة، عرّض الباحثون الضفادع لظروف مختلفة من الإضاءة، ورصدوا كيفية استجابتهم للنقاط المُظلمة، وذلك تحت تأثير الحشيش.
عادةً تقوم الضفادع الصغيرة بالابتعاد عن النقاط المُظلمة، لتجنُب المُفترسات، وأظهر فريق البحث أنه في ظل ظروف الإضاءة العادية، لم يكن هناك اختلاف في سلوك الضفادع الصغيرة سواء كانت تحت تأثير الحشيش أو لم تكن.
لكن في ظروف الإضاءة المنخفضة، تجنبت الضفادع الواقعة تحت تأثير الحشيش النقاط المُظلمة أكثر من غيرها، في حين لم تتجنبها الضفادع الطبيعية إلا عن طريق الصدفة. هذا يُشير إلى أن الضفادع الواقعة تحت تأثير الحشيش كانت أكثر حساسية للضوء وكانت قادرة على رؤية النقاط المُظلمة بشكل أفضل حتى في ظروف من الإضاءة الخافتة.
بالطبع، لا يُمكن القطع بحدوث نفس الشئ في البشر، وهو ما يجب أن تُجرى عليه الكثير من الأبحاث للتوصل للعديد من الأجوبة، على سبيل المثال، كم من الوقت يستمر هذا التأثير؟ هل يحتاج إلى جرعة كبيرة للوصول لهذه المرحلة، وهل لها أي آثار جانبية على النظام البصري.
هناك المزيد من الأبحاث التي يتعين على الباحثين القيام بها، ولكن النتائج تُشير إلى أن بعض مركبات نبات القنب يُمكن أن تكون مفيدة لعلاج أمراض مثل التهاب الشبكية الصباغي والمياه الزرقاء، والتي تُتلف خلايا شبكية العين ويتسبب في الإصابة بالعمي تدريجيًا.
المصادر: