.
نوّرها

”الهلوسة“ عين العقل طبعًا، أومااال؟!

كتب: أحمد حسين

سنة 1572، ظهر مصطلح جديد على يد عالم اللاهوت ”لودويج لافاتير“ اسمه الهلوسة، وبالأساس كان بيتكلم عنه في كتابه (Of Ghosts and Spirits). في الفترة دي كان اعتقاد الناس عن أي حد بيسمع أصوات لأشياء مش موجودة أو بيشوف ناس مش موجودين في الحقيقة ويتفاعل معاهم كمان، يبقى أكيد ملبوس بالأرواح الشريرة واللي بيشوفم دول أشباح.

الهلوسة، في تعريفها البسيط، هي إدراك صوت، ريحة، أو مشهد مش موجود في الواقع. لفظ هلوسة متكون من مقطعين ”الحلم“ و”الذهول“، وهي في الأصل كلمة لاتينية (Alucinari) ومعناها الطواف/التجوّل داخل العقل.

الهلوسة مش وهم ولا ضلالات

الهلوسة مش دايمًا شيء سلبي ومخيف، حتى في ظروف زي مثلًا إن يكون الشخص مصاب بالفصام (الشيزوفرينيا). فحوالي 70% من الأشخاص الأصحاء جربوا موضوع الهلوسة الحميدة مرة على الأقل في حياتهم. بمعنى إيه؟ إنك ممكن تتوهم إن حد بينادي عليك، أو إن تليفونك بيرن، أو تتخيل إنك شوفت شخص ما في الشارع أو حتى في البيت ومايكونش في حد. كل دي أشياء عادية، اللي مش عادي بقى، إنك تتفاعل معاها طول الوقت، يعني ترد عليها وتتعامل على إنها فعلًا موجودة في الواقع مش مجرد أوهام أو ضلالات.

وبالمناسبة، مصطلحات زي الأوهام والضلالات، مختلفة تمامًا في معناها عن الهلوسة:

  • الأوهام (illusions): هي رد فعل طبيعي، على موقف طبيعي تم التعامل معاه بشكل غير طبيعي. زي إيه؟ زي مثلًا عروض السحر والخدع البصرية، مش ساعات الساحر ده بيقنع الناس إنه يقدر يختفي ويظهر في مكان تاني، أو إنه يقسم شخص نصين ويرجعه تاني؟ هو ده بالظبط الوهم.
  • الضلالات (Delusion): رد فعل طبيعي، لإحساس حقيقي، لكنه بيتم عن طريق مواقف غير واقعية وغريبة. زي إنك تخاف تدخل مكان مثلًا لاعتقادك إن جواه أشباح أو كلاب مسعورة أو أي شيء بتخاف منه، وعلى الرغم من إنك ممكن تعرف إن ده مش حقيقي، إلا إنك ممكن تفضل خايف.

أما الهلوسة بقى، فهي سماع أصوات ناس ماتوا أو عايشين بس مستحيل يتواجدوا دلوقتي في المكان اللي إنت فيه، أو الإحساس بإن في حشرات بتجري تحت جلدك، أو إنك تشوف ظلال لملايكة في الضوء. كما بيرتبط ببعض الأشياء، منها مثلًا عدم النوم، تعاطي المخدرات، المرض العقلي، أو بعض أمراض الأعصاب.

الهلوسة

في أغلب الأحيان، الناس اللي بتستخدم بعض الأدوية المخدرة المحددة، ممكن يصيبهم نوع غريب من الهلوسة، وهو هلوسة ”الرؤية الملونة – Chromatopisa“، وده معناه إن المريض بيه بيتوهّم إنه بيشوف كل الناس بنفس اللون. وفي كمان هلوسة ”القزم – Liliputian“، ودي بتخليه يتوهّم إنه بيشوف الناس في خياله على شكل أقزام، أو هلوسة ”العملاق – Brodingnagian“، واللي بتخليه يتوهّم ناس كلهم عمالقة.

في نوع من أنواع الهلوسة برضه، اسمه ”الهلوسة الزائفة – Pseudo-hallucinations“،  ودي بتحصل لما شخص ما يواجه هلوسة ويبقى مدرك إنها هلوسة ومالهاش أي أصل في الواقع، بس هو مش قادر يتعامل معاها على إنها غير حقيقية في دماغه.

الهلوسة.. عين العقل والله!

الهلاوس الزائفة دي دايمًا بتتبع نمط معين، أوله إن المخ تتم إثارته بذاكرة معينة أو صوت. وبعد كده الشخص ده بيحاول يختبر إذا كان اللي هو شايفه/سامعه ده حقيقي ولا لأ، في الفترة دي بيدوب الخط الفاصل بين الواقع والخيال وبيمتزجوا ببعض لدرجة تصعب عندهم التفرقه بينهم.

طيب هو كل ده بيحصل ليه؟ بيحصل ببساطة لأننا نمتلك شيء اسمه ”عين العقل – Mind’s Eye“، ودي عبارة عن مجموعة من الحواس متجمعة في جزء من المخ اسمه ”القشرة الحسية – Sensory Cortex“، وهي اللي بيكون عندها القدرة على تخيل أحداث مش في الواقع، والأشياء دي ممكن توصل للـ”القشرة البصرية – Visual Cortex“، على أساس إنها أحداث حقيقية وواقعية، وهنا بقى يختلط الأمر تمامًا على الشخص نفسه، ومايبقاش عارف يفرق بين الواقع والخيال.

الهلوسة

اللي بيحصل بالظبط في وقت الهلوسة، هو إن ”الفص الجبهي – Frontal lobe“ بيتوقف _لأسباب هنذكرها بعدين_. الفص ده هو المسئول عن الإدراك للأشياء اللي حواليك، وكمان مسئول عن رد فعلك تجاه هذه الأشياء. ساعتها إنت بتسيب مساحة كبيرة للقشرة الحسية إنها تتخيل، وتبعت الخيالات دي للقشور الأخرى، زي القشرة البصرية والقشرة السمعية، ساعتها بتسمع وتشوف أشياء مش موجودة في الحقيقة، وبتتعامل معاها على إنها حقيقية.

طيب إيه اللي بيسبب الهلوسة؟

  • المخدرات والأدوية المخدرة
  • الحمى الشديدة
  • ضعف أو فقدان أحد الحواس
  • المرض الشديد
  • المرض النفسي اللي نتج عن حدث كارثي

في برضه بعض الأطباء أشاروا إلى إن في بعض الناس بيشعروا بالهلوسة دي في حفلات أو لما بيسمعوا موسيقى عالية لفترة طويلة، وده شيء طبيعي، لحد ما الشخص اللي سمع ده بقى، يتفاعل مع الصوت ومايشكش للحظة إنه مش حقيقي أو مجرد هلاوس أو أوهام أو ضلالات.

بشكل عام، المرض ده زيه زي أي مرض عقلي أو نفسي، يلزم له استشارة طبيب، وماينفعش يتاخد له أي أدوية غير موصوفة بمعرفة طبيب لأنها ببساطة ممكن تخلي الوضع أسوء مش تحسنه. فلو أدركت في مره شيء زي ده، أو عرفت إن حد تعرفه عنده هلاوس، حاول تشجعه يروح للطبيب النفسي علشان يقدر يساعده.


المصادر:

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى