”اللوكيميا“ غول قادم من النخاع!
كتبت: يارا كمال
صحيح، السينما بتحب تحصر ناس في أدوار الشر، أو تحصر أدوار الشر في ناس معينين، بس ده بقى شرير بجد، السرطان فعلًا مرض شرير، ومن الأمراض اللي لحد دلوقتي ملهاش علاج جذري.
السرطان حقيقي من أكتر الأمراض المخيفة برغم ذلك فيه ناس بتقدر تتغلب عليه وتكمل حياتها بطريقة طبيعية، بس إحنا مانعرفش إيه هو السرطان؟
السرطان مش مرض واحد ده شلة أمراض بتتكوّن من أكتر من 100 مرض بتصيب أنواع مختلفة من الخلايا. بس فيه نوع من الأنواع بيصيب الأطفال أكتر من أي نوع تاني وهو: ”اللوكيميا أو سرطان الدم“ السرطان اللي بيبدأ في الخلايا الجذعية الموجودة في نخاع العضم.
خلينا نشرح الموضوع حتة حتة. الخلايا الجذعية هي خلية عاملة زي الطفل اللي مابنبقاش عارفين هو هيعمل إيه في المستقبل بس بنبقى حاطين عليه أمل كبير. الخلية الجذعية بتبقى خلية لسه ماتطوّرتش، بس بعد كده بتتخصص وتبقى خلية لعضو معيّن في الجسم، يعني ممكن الخلية الجزعية تبقى خلية قلب أو مخ أو كبد، وهكذا. في بعض الأنسجة، الخلايا دي بتنقسم وتطلّع خلايا جديدة أثناء النمو عشان تواكب كل اللي الجسم محتاجه.
في نخاع العضم، الخلايا الجذعية دي بتتخصص لأنواع خلايا الدم المختلفة ومن ضمنها: كرات الدم الحمرا، اللي بتنقل الأوكسجين من الرئتين لكل أنسجة الجسم، والصفائح الدموية اللي بتساعد على وقف النزيف بإنها بتتجمّع وتمسك في الأماكن التالفة في الأوعية الدموية، وكرات الدم البيضا، اللي بتحرس الجسم وتدمّر أي معتدي عليه.
أحيانًا بتحصل غلطة أثناء العملية اللي بتتخصص فيها الخلية الجزعية لنوع خلية معينة، وبتحصل طفرات ضارة في الحمض النووي (DNA) بتاع الخلية. المفروض إن الخلايا اللي بيحصل تحوّر في الـ DNA بتاعها بتدمر نفسها بنفسها، بس من ضمنها خلايا بتكرر نفسها بدون تحكم فيها، حتى بعد ما بتفقد وظيفتها الأساسية. أهي الخلايا المتمردة دي هي الخلايا السرطانية.
طب إشمعنى اللوكيميا هو أكتر نوع سرطان بيصيب الأطفال؟
لحد دلوقتي مش واضح إيه السبب بس ممكن ده يكون بسبب إن اللوكيميا بتحصل بسبب تغيرين بيحصلوا في الـDNA، على عكس أغلب أنواع السرطان اللي بتحتاج تغييرات كتيرة، وده بيخلي اللوكيميا تظهر بسرعة بطبيعة الحال. كمان بعض التغييرات اللي بتحصل في الـDNA بتحصل في كرات الدم البيضا أثناء نمو الجنين، وده بيزوّد خطر الإصابة باللوكميا المبكرة. ومع إن اللوكميا هي أكتر نوع سرطان بيصيب الأطفال إلا إن البالغين بيمثلوا أغلبية مرضى اللوكميا.
لما اللوكميا بتصيب شخص، الخلايا التالفة دي بتفضل تتكاثر في الدم وفي نخاع العضم، لحد ما تاخد كل مساحة الخلايا الطبيعية والموارد اللي جاية لها كلها، وتزيد للدرجة اللي بيكون فيها نخاع العضم مش قادر ينتج الكمية المطلوبة من الخلايا اللي بتقوم بوظايف في الجسم، وده معناه إن نقص كرات الدم الحمرا هيخلي العضلات مايوصلهاش أوكسجين كفاية، ونقص الصفايح الدموية هيخليها مش كافية لالتئام الجروح، ونقص كرات الدم البيضا هيزوّد خطر الإصابة بالعدوى.
المشكلة بقى في اللوكيميا إنها مش أورام صلبة ممكن التخلص منها عن طريق إزالتها بالجراحة، لأ، البديل إننا نقتل الخلايا دي باستخدام علاجات مختلفة زي العلاج الكيماوي أو أدوية تدمّر الخلايا اللي عمالة تتكاثر دي بشكل جنوني لكن للأسف العلاجات دي ليها آثار جانبية لإنها بتقتل الخلايا السليمة زي بصيلات الشعر وخلايا الأمعاء. في بعض الحالات الجرعة المطلوبة من العلاج لازم تبقى كبيرة، وبالتالي ممكن تقتل كل الخلايا اللي في نخاع العضم بما فيها الخلايا الجذعية اللي بتتحوّل بعد كده لخلايا الدم المختلفة. لو ده حصل، الجسم مابيقدرش يعمل خلايا دم جديدة بنفسه.
الحل وقتها بيكون على شكل خلايا جذعية من نخاع متبرع. لما بتتزرع في جسم المريض، بتقدر تعيد ملء النخاع والدم لكن عملية الزرع دي بتكون معقدة جدًا لإنها بتحتاج توافق ما بين المتبرع والمريض، وده عشان جسم المريض مايرفضش الخلايا المزروعة، وارد جدًا إن قرايب المريض نفسه مايكونش عندهم نخاع عضم متوافق معاه.
مع ذلك، كل ما هيبقى فيه عدد متبرعين أكبر، كل ما هيزيد عدد الناس اللي هيتعالجوا من اللوكيميا، ده غير إننا محتاجين قاعدة بيانات بالبنية الجينية لملايين المتبرعين بنخاع عضمهم.
المصدر
مصدر الصور