.
ليه وإزاي؟

العلاج الوهمي: هو عايزك تخدعه

كتب: أحمد حسين

في مشهد من فيلم (The Prestige)، الممثل ”مايكل كين“ كان بيشرح فكرة عروض السحر بشكل عام، وكان بيقول إن المشاهد بيبقى غالبًا جاي العروض دي مش بغرض إنه يعرف الطريقة اللي اتعمل بيها السحر لكن هو جاي علشان يتخدع، جاي يتوهم باللي بيحصل قدامه من غير ما يكون حتى فاهم هو حصل إزاي!

العلاج بالوهم .. حسيت إني أحسن، ليه؟ ماعرفش!

تقريبًا دي نفس فكرة ”العلاج الوهمي – Placebo“، تلاقي مثلًا واحد صاحبك عنده صداع أو بيكح أو حاسس إنه سخن شوية، فتلاقي معاك دوا مثلًا مشهور إنه بيعالج كل حاجة تقريبًا، فتدي له حبّاية وبعد شوية تسأل على حالته فيقول لك إنه بقى تمام. أو زي ما كنت بتروح لدكتور المدرسة وتشرح له إنت عندك إيه فيديك دوا ما، وبعد كام يوم تروح له تاني تشرح له أعراض مختلفة تمامًا عن اللي فاتت فيديك نفس الدوا هو هو وتلاقي نفسك بتتحسن برضه!

غريب صح؟ هقول لك على اللي أغرب بقى. سنة 1996، في 56 شخص شاركوا في دراسة عن العلاج الوهمي لتجربة دوا مسكن للألم اسمه ”Trivariciane“. كل شخص في دول حط على صباع السبّابة اللي في إيده اليمين المسكن ده، وبدأوا الباحثين في الضغط بقوة مؤلمة على صباع السبّابة اللي عليه المسكن وعلى صباع السبابة اللي مفيش عليه مسكن أو أي حاجة في الإيد التانية.

النتيجة كانت إن المشاركين كلهم أجمعوا على إن الصباع اللي كان عليه المسكن حس بالألم أقل بكتير مما حس الصباع التاني، ده يبقى كلام طبيعي ومنطقي لو الدوا ده كان مسكن للألم فعلًا، لكن الدوا ده كان علاج وهمي عبارة عن مزيج من بعض المواد مع المياه وخلاص يعني مفيش فيه أي مادة مسكنة للألم ولا حاجة، طيب إيه اللي خلاهم يحسوا بالإحساس ده على الرغم من إنه مش حقيقي؟ الإجابة: تأثير الوهم.

تأثير الوهم أو العلاج الوهمي مالوش تفسير، بيخليك تحس بالأدوية والعلاجات الوهمية اللي مالهاش تأثير على أنها علاجات حقيقية، فبيبدأ عقلك _وبالضرورة جسمك_ يستجيب ليها ويقاوم الألم فعلًا. من سنة 1700 والأطباء بيستخدموا العلاج بالوهم مع نوعين من البشر، أول نوع دول اللي بيكونوا بيدّعوا المرض (عاملين فيها عيانين يعني) وطبعًا بعد ما بياخدوا العلاج الوهمي بيبقوا كويسين. تاني نوع هما الناس اللي بيكونوا مصابين بمرض مالوش علاج في الوقت ده، فبيعالجوهم بالعلاج الوهمي. في الحقيقة، كلمة (Placebo) معناها باللاتيني (I shall please)، والقصد منها إنه الدوا ده ممكن يرضي رغبة المريض في الشفاء.

في الخمسينات تقريبًا، بدأوا يستخدموا العلاج الوهمي ده في تجارب على الأدوية عان يقدروا يحددوا فعاليتها من عدمها، فكان الـPlacebo لازم يبقى على شكل الدوا فعلًا، يعني شبه الأقراص أو محلول مثلًا وبيتحط في أزايز شبه أزايز الدوا الحقيقية، وبدأ الباحثين في توزيعه على المشاركين في التجارب وتوزيع الدوا الحقيقي على عدد من  المشاركين. بعد انتهاء التجربة، بيبدأ العلماء يقارنوا بين تأثير الدوا الحقيقي وتأثير العلاج الوهمي، فلو لقوا إن الدوا فعلًا له تأثير إيجابي، يبقى الدوا فعّال وتمام، ولو لقوا تأثيره مشابه للعلاج الوهمي، فده معناه إن الدوا مش فعّال. الكلام ده طبعًا مابيحصلش حاليًا لأنه تم اعتباره شيء غير أخلاقي.

طيب هل العلاج بالوهم ده شيء كويس ولا مش كويس؟ الحقيقة إنه بيكون كويس في بعض حالات مرض القلب والربو والألم الشديد، اللي بيلعب الدور الأهم فيها المخ لأنه لما المريض بيبدأ ياخد العلاج، المخ بيبدأ يتعامل فعلًا مع العلاج على إنه حقيقي، فبيبدأ يبعت إشارات للقلب مثلًا إنه يضخ الدم بشكل أفضل للجسم، ويبدأ كمان يغير في ضغط الدم مع تحفيز الجسم على إطلاق الهرمونات المقاومة للألم زي الإندروفين.

على الجانب الآخر العلاج بالوهم أحيانًا بيبقى له أثر سلبي في حالات معينة، زي مثلًا إن المريض يخدع الدكتور بإن حالته اتحسنت وهي ماتحسنتش، أو إنه المريض نفسه يستغنى عن الأدوية الحقيقية والمفيدة في سبيل العلاج الوهمي ده على أساس إنه بدأ يحس بإنه أفضل لما استعمله. لكن للأسف، خطورة الموضوع ده في إنه بعد فترة بيبدأ المريض يحس بإنه لسه عيان، وكمان حالته بتفضل تسوء أكتر لأنه فعليًا مابيكونش اتعالج أصلًا. من الأمثلة على كده: بعض مرضى السرطان اللي توقفوا عن العلاج في مقابل الاعتماد على العلاج بالكاسات أو المعروف عندنا بالحِجامة فقط، في الأول حسوا بتحسن لكن مع استمرار التوقف عن العلاج ساءت حالتهم الصحية طبعًا، وفقًا لما ذكرته الجمعية الأمريكية للسرطان.

يعني باختصار، العلاج الوهمي بينفع فعلًا في بعض الحالات، وفي حالات مابينفعش فيها. وزي ما بنقول كل مره، لازم تستشير الطبيب في أي شيء له علاقة بالمرض أو بالأدوية قبل ما تعالج نفسك بيها، وزي ما ”مايكل كين“ قال: أحيانًا إنت بتبقى عايز تتخدع.. خلّي بالك!


المصدر

 webmd

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى