كتبت: مها طــه
طبقًا لإحصائيات وزارة الصحة لسنة 2010، وصل عدد المواليد في مصر لحوالي 2 مليون و382 ألف مولود، حوالي 10–12% منهم بيتولودوا مبتسرين. الأطفال المبتسرين دول بيكونوا غالبًا أطفال اتولدوا قبل ميعاد الولادة الطبيعي ولذلك نموهم غير مكتمل ومايقدروش يتحملوا الحياة خارج الرحم، وعشان كده لازم بيقضوا فترة ما في الحضّانة لحد ما تكتمل أعضاءهم الداخلية -غالبًا الرئة- ويعدوا مرحلة الخطر ويعيشوا بشكل طبيعي.
وبعيدًا عن تفاصيل الأزمة اللي بقت موجودة حاليا من عدم توافر الحضّانات اللي تغطي العدد ده من الأطفال المبتسرين في المستشفيات التابعة لوزراة الصحة، ففي النهاية إحنا قدام إحصائيات صادرة عن وزراة الصحة بتقول إن عدد الاطفال المبتسرين اللي بيموتوا سنويًا كنتيجة لعدم اكتمال النمو أوعدم وجود حضّانة حوالي 100 ألف طفل سنويًا.
نجاح تجربة الرحم الصناعي في الخرفان .. والدور على البشر
الفترة اللي فاتت أغلب الصحف والمواقع العلمية وأعتقد كتير منكم شاف صور أو فيديو لجنين الخروف اللي عايش جوا كيس بلاستيك متوصل بأنابيب وكأنه جوا رحم أمه بالظبط ولكن الكيس ده ما هو إلا “الرحم الصناعي”. طبعًا للي منكم شاف الموضوع فهو أشبه شوية بأفلام الخيال العلمي، لكن الحقيقة إن ده نتيجة لنجاح تقنية الرحم الصناعي الجديدة اللي ممكن تكون أحد أهم تقنيات المستقبل للتعامل مع مشكلة الأطفال المبتسرين في العالم كله.
الأطفال اللي بيتولدوا في الأسبوع الـ25 أو قبله (تقريبا الشهر السادس وما قبله) بيكون معدل بقاءهم على قيد الحياة بعد الولادة ضعيف جدًا. دكتورة “إميلي بارتريدج”، طبيبة المبتسرين في مستشفى فيلادلفيا وأحد الباحثين المشاركين في الدراسة دي، قال إنا لأطفال اللي بيتولدوا قبل ميعادهم الطبيعي بيكونوا بالفعل غير مستعدين للحياة، لكن في وجود الرحم الصناعي ممكن الأطفال دول هيقدروا يستكملوا نموهم لأسابيع إضافية، ويتولدوا بمشاكل صحية أقل بكتير وأقرب لكونهم طبيعين تمامًا.
تجربة الخرفان مع الرحم الصناعي
التجربة دي قام بيها مجموعة من الباحثين في مستشفى فلادلفيا وفيها تم اختبار “كيس بيولوجي” أشبه ما يكون بالرحم الصناعي، وتم وضع 8 من أجنة الخرفان في الرحم الصناعي واللي مازالوا في مرحلة النمو وكان عمرهم ما بين 105 لـ120 يوم (ما يعادل عمر 23 أو 24 أسبوع في الأجنة البشرية).
الرحم الصناعي ده عبارة عن كيس كبير مُعقم ومحكم الغلق، بيكون مليان بمحلول أيوني مشابه للسائل الرهلي اللي بيحيط بالجنين داخل الرحم، وفيه الحبل السُري متوصل بجهاز خارجي لتبادل الغازات بره الكيس، ومن خلال ضخ الدم في قلب الخروف الجنين نفسه للحبل السُري، بيحصل تبادل الغازات وبيتم توصيل المُغذيات اللازمة لنمو الجنين.
الدراسة دي طبعًا اتعملت على الخرفان بس، لكن النتيجة كانت مُبشرة جدًا، لأن بعد أربع أسابيع من وضع أجنة الخرفان في الرحم الصناعي ، كانت الرئتين والمخ نموا بالفعل، ده غير إن الصوف كمان بدأ في النمو على أجسامهم وبدأوا في الحركة وفتحوا عيونهم وبقوا قادرين على البلع.
أهم النتايج اللي خرج بيها البحث ده، هو إن العلماء كانوا بالفعل قادرين على خلق ظروف مشابهة تمامًا للموجودة في الرحم الطبيعي للأم الحامل، يُذكر إن معظم الأطفال المبتسرين بيكون السبب الرئيسي لوفاتهم هو عدم اكتمال الرئة، وبالتالي كانت نتايج نمو الرئة والمخ في الخرفان بشكل طبيعي نتايج مبشرة جدًا.
على الرغم بقى من النتايج المبشرة دي، إلا إن فكرة إجراء التجربة على البشر مازالت بالتأكيد بعيدة شوية، ومحتاجة أبحاث كتير وإعادة للتجربة، ده غير طبعًا الاعتبارات الاخلاقية للموضوع. الباحثون اللي شاركوا في الدراسة دي قالوا إنهم مستعدين لاختبار الجهاز على الأجنة البشرية غير المكتملة في خلال من 3 لـ5 سنين من دلوقتي، وطبعًا لحد وقتها من المفترض إن البحث يكون مر بخطوات كتير وتجاوز كتير من العقبات في سبيل تحقيقه.
وبالمناسبة، تجربة الرحم الصناعي دي مش جديدة، وفقًا لصحيفة النيويورك تايمز، سنة 1996 أعلن مختبر للأبحاث في طوكيو عن فكرة الرحم الصناعي، لكن التجربة دي فشلت وقتها بسبب شوية مشاكل تقنية، والأجنة اللي تم وضعها في محلول شبه السائل الرهلي حصل فيها فشل في الدورة الدموية. وده إن دل على شئ، فهو التأكيد للمرة المليون على إن العلم عملية تراكمية وإن تحقيق أي إنجاز فيه بيسبقه مئات من التجارب وخطوات ما بين النجاح والفشل.
لو حبيتوا تشوفوا فيديو :