.
النشرة

طبقة ثانية من المعلومات مخبأة في الحمض النووي

كتبت: مها طـه

أكد علماء الفيزياء النظرية بجامعة ليدن في هولندا، أنه ليست فقط المعلومات الوراثية الموجودة على شريط الحمض النووي الخاص بنا هي من تحدد هويتنا، ولكنها أيضًا الطريقة التي يلتف بها الحمض النووي حول نفسه، هي التي تتحكم في تعبير الجينات عن نفسها داخل أجسامنا.

علماء الأحياء يعلمون هذه الأشياء منذ سنوات، كما أنهم قد تمكنوا من معرفة بعض البروتينات المسئولة عن التفاف الحمض النووي، ولكن حاليًا أصبحت مجموعة من علماء الفيزياء قادرة على الإثبات ولأول مرة من خلال محاكاة، كيف تتحكم هذه المعلومات الخفية في تطورنا.

الحمض النووي يتكون من تتابعات من القواعد النيتروجينية الممثلة في حرف (A-G-T-C)، والتي يمثل كل 3 منها جين معين، وهذه الجينات هي ما يتحكم في إنتاج بروتين معين، فمثلًا جين لون العين البني، يُحفز إنتاج البروتين الذي يحمل هذا اللون، فتبدو على الشخص هذه الصفة.

ولكن هذه ليست كل القصة، لأن كل خلايا الجسم تحمل نفس الشفرة الوراثية لنفس الحمض النووي، ولكن كل عضو له وظيفة تختلف عن غيره، فمثلًأ المعدة لا تحتاج لإنتاج بروتين لون العين البني، ولكنها تحتاج للبروتين المسئول عن إنزيمات الهضم.

منذ الثمانينيات وجد العلماء الطريقة التي يلتف بها الحمض النووي داخل خلايانا، وكيف يتحكم هذا في تعبير الجينات عن نفسها. العوامل البيئية يمكنها أيضًا أن تلعب دورًا كبيرًا في هذه العملية أيضًا. الحمض النووي يصل طولة في كل خلية لحوالي من 2لـ3 متر، وبالتالي يحتاج للالتفاف حول نفسه عدد كبير من المرات، وذلك حتى تستوعبه الخلية وفي هذه الحالة يُسمى بالنيوكلوسوم.

الطريقة التي يلتف بها الحمض النووي حول نفسه هي ما تتحكم في ”قراءة“ الخلايا المختلفة للجينات، بمعنى آخر فالجينات الموجودة للداخل لا يتم ترجمتها لبروتينات، أم الموجودة في الخارج فهي ما يتم ترجمته، وهو ما يُفسر وجود نفس الحمض النووي في الخلايا المختلفة وترجمة البروتينات المطلوبة فقط لكل نوع منها.

في السنوات الأخيرة تمكن علماء الأحياء من عزل الإشارات الميكانيكية التي تحدد الطريقة الملفوف بها الحمض النووي، وذلك من خلال الاستيلاء على أجزاء معينة من الشفرة الوراثية أو تغيير شكل التخزين المؤقت عن طريق التفاف الحمض النووي حولها.

ap070421048128

قام فريق الفيزياء بالعمل على هذا التصور على نطاق الجين الكامل، وقاموا بالتأكد من خلال محاكاة حاسوبية أن هذه الإشارات الميكانيكية تعود فعلًا للحمض النووي. قام عالم الفيزياء ”هيلموت شيسيل“، قائد فريق البحث، بعمل محاكاة للجينيوم الموجود في الخميرة ، ثم إدخاله للمستوى الثاني من معلومات الحمض النووي، لتكمل الإشارات الميكانيكية.

وجد الباحثون أن هذه الإشارات تحكمت في شكل التفاف الحمض النووي حول نفسه، وتعبير جينات معينة عن نفسها وبالتالي ترجمتها لبروتينات معينة، وهو ما يُعد دليلًا جديدًا على أن هذه الإشارات أيضًا موجودة على الحمض النووي لدينا، وهو ما لا يقل أهمية في تطورنا عن وجود الشفرة الوراثية نفسها.

أوضح هذا البحث أن الطفرة الوراثية يمكن أن تحدث بطرق مختلفة غما عن طريق تغيير الحروف الموجودة في الحمض النووي، او ببساطة عن طريق تغيير الاشارات الميكانيكية، التي تتحكم في التفاف الحمض النووي.

المصادر:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى