.
ليه وإزاي؟

”ابن زهر“: طبيب ابن طبيب ابن طبيب

كتب: أحمد حسين

يعتبر ابن زهر _بحسب بعض أساتذة التاريخ العلمي يعني_ هو حامل راية تجديد الطب من بعد الرازي. اسمه الكامل ”أبو مروان بن عبد الملك بن زهر“، اتولد في إشبيلية _لذلك بيُطلق عليه ابن زهر الإشبيلي_ تقريبًا سنة 1090 ميلاديًا، وتقريبًا دي لأنه تكاثرت الأقاويل في المنطقة دي دون التأكد من التاريخ بدقة.

ابن زهر يعتبر من الناس اللي هما بيكمّلوا مسيرة العيلة، وابن الدكتور بيطلع دكتور وكده. فوالده ”أبو العلاء بن زهر“ كان طبيب وجدّه كمان كان طبيب. طبعًا الدراسة في الأندلس زمان كان ليها خط مُحدد، بيبدأ من أول دراستك للأدب والفقه والعلوم الشرعية، وبيكمّل لحد ما تدرس الشيء اللي عايز تتخصص فيه، وهنا ابن زهر قرر يكمّل يمشي على خطا والديه ويدرس الطب برضه.

المميز بقى في ابن زهر، إنه كان متمرد على كل النظريات والعلاجات اللي كان بيتم استخدامها في الوقت ده، سواء في الأندلس أو في بلاد الفُرس، أينعم اتسجن كام سنة كده بس مش مشكلة، الراجل خرج من السجن واستكمل طريقه. ساعتها بقى، بدأ يشتغل على فكرة إنه يكون له فكره الخاص، ويحاول يكتشف أشياء جديدة في الطب.

الملاحظات اللي كان بياخدها ابن زهر خلال شغله كانت ذكية جدًا، ووصلته لأنه يكتشف أمراض زي التهاب الأذن الوسطى، والتهابات الفم والأنف والعيون، وأنواع الحُمّى، وميّز بين التهاب غشاء القلب والتهاب الرئة. ده غير إنه وصف عملية استخراج الحصى من الكُلى، وعملية فتح القصبة الهوائية والتغذية من خلالها لما يكون فيه مشكلة في التغذية العادية/الطبيعية، ودي كانت طريقته في علاج مرض ”شلل البلعوم – Pharyngoplegia“.

العملية الجراحية دي كانت تعتبر صعبة جدًا بالإمكانيات الموجودة في ذلك الوقت، لدرجة إن الكلام ده أبهر أحد المؤرخين اللي تخصصوا في الطب، وقال إنه بيعتبر ابن زهر فنان في الجراحة والتشريح بكل تفاصيلهم، وده ألهم أطباء كتير جدًا في الشرق والغرب. ده غير إنه كان من أوائل الأطباء اللي درسوا تخصص الباطنة، وقدّر يكتشف علاج زي ”الملينات“ لحالات الإمساك الشديدة.

في قصة لطيفة _برضه تكاثرت فيها الأقاويل_ لابن زهر مع ابن رشد، الاتنين كانوا أصدقاء وفي بينهم مودة يعني، وابن رشد في الوقت ده كان بيؤلّف كتاب اسمه ”الكليات“ _وهو كتاب متخصص في علم الطب بالمناسبة_، وكان عايز يكمّل جزء كان حاسس إنه ناقص في الكتاب، فراح لابن زهر وطلب منه إنه يعمل كتاب متخصص أكتر، ويبقوا الاتنين زي كتاب شامل في الطب يعني.

وبما إن ابن رشد كان صديقه، وافق ابن زهر على الاقتراح ده، وعمل كتاب بيعتبر من أعظم مؤلفات الطب اسمه ”التيسير في المداواة والتدبير“، لدرجة إن ابن رشد نفسه أضاف جزء في كتاب الكليات بيشيد فيه بكتاب التيسير وبمؤلفه ابن زهر، أينعم ذكر برضه إن هو اللي اقترح عليه يعمل الكتاب ده بس مفيش مشكلة، حقّه برضه.

ابن زهر كان مميز كمان في منهجة لدراسة الطب، فكان بيعتمد على التجربة والتدقيق العلمي مش مجرد العلم النظري بس، لأنه كان مُقتنع دائمًا إن التجربة هي اللي بتثبت الحقائق مش العكس، وكان بينصح طلّابه إنهم ماياخدوش كل حاجة بيقرأوها صدق وثقة، حتى لو بيقرأوا له هو نفسه، وإنهم لازم يجربوا الكلام ده بنفسهم.

جدير بالذِكر برضه، إن ابن زهر ألف كُتب تانية زي كتاب الأغذية، وكتاب الجامع في الأدوية والمعجونات، وكتاب الاقتصاد في إصلاح الأنفس والأجساد (ده كان بالمناسبة من الاسهامات الأولى في دراسة الأمراض النفسية). ده غير إنه _جدير بالذِكر تاني_ كان بيكتب شعر كمان مش مجرد طبيب وخلاص، وده عمومًا ماكانش غريب على العصر الذهبي لدولة الإسلام يعني، لأن كل شخص كان له أكتر من مجال هو بارع فيه مش مجرد مجال واحد وبس.


المصادر:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى