.
هجص بلدي

البراند : أبو قرش زي أبو قرشين؟!

كتبت: مها طـه

حاليًا الوضع الاقتصادي لا يخفى على حد، وبناءًا عليه زادت أسعار سلع كتير في الفترة الأخيرة، سواء بسبب ارتفاع الدولار في مقابل الجنيه، أو لاعتبارها سلع استفزازية فزادت أسعار الجمارك عليها. وكانت النتيجة المباشرة هي إنك تستغنى عن المنتج المعروف المشهور (البراند) وتتجه للمنتج المحلي واللي ممكن مايكونش له علامة تجارية أصلًا. ولذلك وجب إننا نسأل سؤال مهم، هل فعلًا في فرق بين البراند والمحلي؟

البراند والثقافة الاستهلاكية

عادةً بيتوصم المنتج المحلي بإنه أقل جودة من البراند، طعمه أسوء، أو خامات تصنيعه أردأ، أو تأثيره أقل، حتى لو كان البراند ذات نفسه برضه بيتصنع هنا في مصر، وكفاية إننا بنسمي معظم ماركات المواد الغذائية غير المشهورة أو اللي ملهاش إعلانات مغرقة الفضائيات، إنها منتجات ((تحت بير السلم)).

بس الحقيقة إن البراند بيكلفك فلوس أكتر، لأنه بيبيع باسمه، ولأن الثقافة العامة عند الناس بتقول إن اللي تعرفه أحسن من اللي متعرفوش. وعشان نجاوب على سؤال هل فعلًا في فرق بين البراند واللي مش براند، خلينا ناخد مثالين للمنتجات دي، وهما الأكل والأدوية، ونقارن بينهم.

البراند

  • المواد الغذائية:

فيما يتعلق بالمواد الغذائية، طبعًا كلنا عارفين إن مع زيادة أسعار كتير من السلع، بدأت تظهر ليها بدايل محلية، زي مثلًا ((النوتيلا))، واللي مع ارتفاع سعرها ظهر منتج محلي نظير ليها اسمه ((مولتوبيلا))، والحقيقة إن كل اللي جرب حس إن الفرق بين الاتنين عادي ومقبول ومفيش شئ كبير مميز في واحدة عن التانية، لكن في فرق كبير جدا في السعر  بين الاتنين.

لكن المثير بقى هو إنه في أحيان كتير بيكون منشئ المنتج المحلي، هو حد كان بيشتغل في براند، وزي ما بيقولوا اتعلم سر الصنعة، وبدأ في تنفيذها بنفس الطريقة. في حالة وجود منتجين واحد فيهم بيمثل البراند والتاني لأ، قارن بين مكونات الاتنين اللي بتبقى مكتوبة على العبوة، ومش بس كدة لأ كمان قارن القيمة الغذائية للاتنين ببعض.

على الأغلب هتلاقي إن البراند واللي مش براند متطابقين تقريبًا، أو بينهم فروق بسيطة جدًا، مع إن كتير من الدراسات أثبتت إن في معظم الأحوال المنتجات اللي مش براند، بيكون سعرها أرخص بحوالي 30%، مع إنها بتحتوي على نفس قيمة البراند!

هل حضرتك تعرف الفرق بين سكر التموين وسكر الأسرة مثلًا؟ أو بين ملح الدولفين وملح كوكس؟ الحقيقة هي إن السكر والملح بالذات بيُعتبروا من المواد الغذائية الثابتة، كل ما هنالك إن السكر بتفرق درجة تكريره في سعره، وبالمناسبة ده عشان شكله يبقى حلو وأبيض مش أكتر، بالعكس عملية التكرير نفسها بتفقد السكر قدرته على التحلية.

أما بالنسبة للملح، واللي معروف تركيبه الكيميائي هو كلوريد الصوديوم NaCl، هل يا ترى لما يكون محطوط في غلاف البراند هيتحول لحاجة تانية؟ أو هيبقى الصوديوم لوحده والكلور لوحده؟! طب فيما يخص الطعم هل يا ترى بيفرق فعلًا؟

البراند

في دراسة اتعملت في إحدى الجامعات، وكان الهدف منها هو معرفة تأثير شكل التقديم على تقييم المنتج نفسه، الدراسة قامت على فكرة تقديم قهوة (مجانًا) للطلبة، في مقابل إنهم يقوموا بتقييم المنتج ده، وتم تقديم القهوة في شكلين، الأول على صينية معاها كريمة وسكر في أواني فضية، والتاني كانت نفس القهوة لكن الكريمة والسكر متقدمين في كوبايات من الفوم.

وبالطبع كانت نتيجة البحث هو إنه مع إن القهوة هي هي إلا إن الأكثرية فضّلت مذاق القهوة المتقدمة على صينية مع أواني فضة، تفسير اللي حصل ده، هو تأثير الوهم اللي بالفعل بيلعب دور في تقوية إحساسك بجودة الطعم، وبالتالي تتحدد التفضيلات على أساس الوهم اللي خلقه الشكل الحلو أو اللي باين إنه غالي أكتر.

  • الأدوية:

الموضوع مختلف شوية مع الأدوية، لأن الأدوية المحلية لازم تكون بنفس كفاءة وتأثير البراند، مثلًا ((الإيبوبروفين)) ده علاج مضاد الإلتهابات ومن المفترض إنه بيعالج الصداع والحمى وغيرها من الآلام اللي بتحتاج لمُسكن، نفس النوع ده بيتباع تحت مسميات تانية زي ((أدفيل)) و((نوروفين))، لكن الحقيقة إن كلهم في النهاية حاجة واحدة، نفس الجرعة والأمان وقوة التأثير، ودواعي الاستعمال.

وده لأن الأدوية بالذات المفروض فيها البديل يخضع لاختبارات كتير للتأكد من إنه بالفعل بديل ومكافئ حيوي لنفس الدواء البراند، وده طبعًا راجع لفكرة الرقابة اللي لازم تكون حاسمة جدًا فيما يخص النقطة دي بالذات.

الحاجة الوحيدة اللي المفروض تفرق بين الدواء البراند والبديل بتاعه هي شكل التقديم بس، يعني مثلًا أدوية الشُرب، ممكن حضرتك تفضل اللي له نكهة الموز عن اللي طعمه دواء صِرف، ممكن تفضل الدواء اللي بحشوة جيلاتينية عن اللي في شكل كبسولة، أو تفضل لون مُعين حتى على لون تاني.

وبما إني hشتغلت لفترة في مجال تسويق الأدوية، فالمعروف هو إن كل الأدوية اللي ليها نفس الاستخدام بتتصنع زي بعض وليها نفس التأثير، وكل الفرق في الشكل والتقديم بس، وهو ده اللي بتقوم عليه مهنة تسويق الأدوية، إن كل الأدوية نفس التأثير لكن أنا هخليك بدل ما تاخد الجرعة في صورة حقنة لأ خليها في شكل حباية، وبدل ما يكون طعمها وحش، هخليها بطعم الفانيليا.

البراند

وعلى الرغم من إن كتير من الدراسات أثبتت إن الدواء البراند بيكون له نفس تأثير البديل، لكن الحقيقة إن في دراسات تانية كتير أثبتت إنه فيما يخص الأدوية، فالمُستهلك بيلجأ للبديل أكتر من البراند نظرًا لإن البراند تكفلته مرتفعة أكتر.

وجب التنويه هنا عن نقطة مهمة جدًا، وهي إن في بعض الأدوية ليها دواعي استعمال خاصة جدًا وقاصرة على نوع واحد أو اتنين بس، وملهاش بدائل، ولذلك قبل ما تغير للبديل لازم تستشير الطبيب وتسأله: هل البراند هنا مطلوب ولا البديل هيكون له نفس التأثير بالظبط؟ وكمان وجب التنويه إنه لازم تكون في رقابة قوية على التصنيع عشان الدواء والبديل يكون الاتنين فيهم نفس النسبة من المادة الفعّالة.

وعلى الرغم من كل الكلام ده، لازال في بعض المرضى بيشككوا في جودة الدواء المحلي وبيفضلوا البراند عنه، مثلًا في واحدة من الدراسات، تم إعطاء المشاركين مسكنات واللي كانت في الحقيقة عبارة عن مجرد أقراص لعلاج وهمي ومش مسكنات ولا حاجة، وبعدها تم تعريض المشاركين لصدمة كهربية صغيرة.

الباحثين قالوا للمشاركين إن القرص ده تمنه 10 سنت، فنسبة 61% منهم قالوا إن المسكن فعلًا اشتغل معاهم وكان له تأثير في تخفيف الألم، لكن لما قالوا لمجموعة تانية إن تمن القرص 2.5 دولار، نسبة 84% قالوا إن الدواء كان فعّال في تخفيف الألم! مع إن في النهاية الأقراص دي ما هي إلا علاج بالوهم، وده اللي ممكن تعرفوا تفسيره من هنا.

البراند

في النهاية لازم نقول إن فكرة البراند أحيانًا بتكون مجرد خدعة إعلانية لأنك هتشتري البراند بسبب الثقة مش الجودة الحقيقة، والدليل على كدة كتير من مطاعم الأكل المشهورة جدًا، وليها فروع في العالم كله، ومع ذلك هي مش الأحسن، لكن الناس بتشتريها لمجرد الثقة في اسم البراند نفسه.

أحيانًا كمان البراند بينجح في الإعلان عن نفسه بشكل يخليك تربط اسمه بالسلعة اللي بيقدمها ولنا في كلمة ((شيبسي)) اللي بتتقال على أي منتج بطاطس مقلية، أو ((بيبسي)) اللي بتتقال على أي نوع من المياه الغازية، أو ((بامبرز)) اللي بتتقال على أي حفاضات أطفال، و((كلينكس)) اللي بتتقال على أي نوع مناديل ورقية، وغيرهم كتير جدًا، وده أحيانًا بيكون دافع لإن البراند يبقى أسوأ، ويعتمد بس على ثقة العميل في اسم المنتج.

لكن إحقاقًا للحق، لازم نقول إن كمان في أنواع من البراند بتقدم جودة مختلفة وأحسن، وبتجتذب المستهلك ليها بفضل الجودة، لكن في النهاية إنت بتدفع تمن الجودة دي غالي وأحيانًا مبالغ فيه، لمجرد إنك بشرائك للمنتج البراند ، ممكن تكون بتقلل من فرص المحلي في التطور وتقديم أحسن ما عنده.

المصادر: medicinenet webmd tonic youtube

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى