الجريمة الكاملة: مين فينا الحرامي؟
كتب: أحمد حسين
التمانينات والتسعينات كانوا على الصعيد السينمائي فترات ممتازة لعادل إمام، كان نجم الشباك ومحبوب الجماهير. أحد الأفلام اللي عملها عادل إمام في التمانينات كان فيلم اسمه مين فين الحرامي؟ وكان عامل فيه دور توأم متطابق واحد فيهم حرامي والتاني شخص طيب، قصة كلاسيكية يقدر أي سيناريست يحولها لفيلم لطيف، لأ ويكرروها في أفلان تانية زي فيلم أحمد عز «بدل فاقد» كده 😀
مين فينا الحرامي النسخة الألمانية
في ألمانيا حصلت حاجة شبه الفيلم ده شوية كده، جريمة سرقة مجوهرات بقيمة 6.8 مليون دولار من أحد المحلات التجارية الكبيرة في برلين، دخل المحل تلاتة مُسلّحين لابسين أقنعة. نزلوا عن طريق حِبال بس الكاميرات جابتهم. المهم السرقة اتعرفت والتحقيقات بدأت والبوليس قدر يوصل لهويتهم عن طريق نقطة عرق لقوها في جوانتي حد من الحرامية سابه جنب الحبل اللي نزلوا عليه.
البوليس طبعًا عمل إجراءته للكشف عن هوية المجرم، فمرروا الحمض النووي الخاص بنقطة العرق دي على الكمبيوتر، فالكمبيوتر طلع لهم نتيجتين مش نتيجة واحدة، توأم متطابق اسمهم حسن وعباس، عمرهم 27 سنة اتولدوا في لبنان بس عايشين في ألمانيا من وقت ما كان عندهم سنة. الفكرة بقى في إيه؟ إن حسن وعباس الاتنين سوابق وعندهم سجل إجرامي سرقة ونصب.. يا حلااااوة! *بصوت مظهر أبو النجا*
البوليس طبعًا قبض عليهم وقدمهم للمحاكمة بتهمة السرقة ودي ممكن ياخدوا فيها 10 سنين سجن. لكن بعد شهر خرجوا من السجن وهما بيضحكوا على قوانين البلد حسب اللي مكتوب في صحيفة «بيلد» الألمانية.
النكتة اللي كانوا بيضحكوا عليها هي إيه بقى؟ إن السُلطات ماكانش عندها أي حل غير إنهم يتبرّأوا هما الاتنين ويخرجوا، وده ليه؟ لأنهم بحسب بيان المحكمة مفيش أي دليل على إنهم هما الاتنين كانوا مشتركين في الجريمة، لأن الأدلة بتشير لوجود واحد منهم بس مش الاتنين، والمحكمة مش قادرة تتعرف على مرتكب الجريمة منهم، لأنهم بيشتركوا في 99.99% من صفاتهم الوراثية، فولة واتقسمت نُصّين فعليًا.
القانون لا يحمي الـDNA
الخبير الجنائي «بيتر شنايدر» قال إنهم علشان يتعرفوا على الفروقات اللي ما بينهم لازم يشرّحوهم. أما «هانز أولريش بيفجين » الخبير في القانون الجنائي فقال إن إيديهم مُكبّلة تمامًا في جريمة زي دي، وأضاف إن القانون في ألمانيا مابيسمحش بإنك تعتقل شخص إلى أجل غير مسمى لمجرد إنك اشتبهت فيه في جريمة ما، ده ممكن يكون مختلف في بلاد وأماكن تانية، بس هانز بحسب كلامه بيفضل يعيش في بلد لا يُدان فيها شخص بذنب ما طالما مفيش أدلة قطعية تقول إنه كان مشترك في الذنب ده.
دي ماكنتش أول قضية تبوظ علشان الخبراء الجنائيين مش عارفين يحددوا مين الحرامي أو القاتل بين التوائم المتطابقة، فكرة تطابق الحمض النووي بالظبط بين شخصين ممكن يكونوا مجرمين مُحيرة جدًا بالنسبة للكثير من الحكومات. مثلًا في ماليزيا في توأم متطابق اتحكم عليهم بالإعدام، بس لعدم ثبوت أي أدلة تقول إنهم هما الاتنين نفذوا الجريمة مع بعض، المحكمة اضطرت تُطلق صراحهم في النهاية، والموضوع ده حصل في أماكن تانية كتير من العالم.
حاليًا، كل اللي يقدر يعمله البوليس الألماني هو إنه يراقب حسن وعباس لمدة 10 سنوات قادمة، وأي جريمة سرقة هيتمسكوا فيها هتتفتح تلقائيًا القضية القديمة، وساعتها واحد فيهم هيتكلم ويقول مين اللي كان مشترك في الجريمة بقى. لكن في الوقت الحالي عباس وحسن بيستمتعوا بحريتهم تمامًا ويقدروا يسافروا، مش ممنوعين من السفر ولا الحكومة مراقبة تليفوناتهم ولا حساباتهم البنكية.
في النهاية، عباس وحسن قالوا إنهم ممتنّين جدًا للقانون الألماني <3 وطبعًا لازم يتبسطوا بيه.. أومال!