الغراب كائن مدهش بصفات إنسانية!
كتب: أحمد حسين
من زمان جدًا، يمكن من قبل ما نتولد كلنا بنسمع كتير جملة “الغراب ده نذير شؤم”. واتربينا على إننا لما بنشوفه لازم نقول أعوذ بالله وخير اللهم اجعله خير. وفي الحقيقة مش إحنا لوحدنا، بعض الأوروبيين زمان كانوا بيعتبروه الشيطان أو الشر المطلق، وبعضهم بيعتبر الغراب روح شريرة لإنسان لم يكن صالحًا. بس في الحقيقة، الغراب كائن مدهش جدًا، وبيتشابه مع الإنسان في بعض الصفات هنتكلم هان عن 6 منها.
الصراعات في مجتمع الغربان
في دراسة حديثة عملها “جورج ماسن”، دكتور علم النفس المقارن بجامعة فيينا، بيقول فيها إن الغراب بيعيش داخل مجتمع، بس “ماسن” مش عارف إذا كان الغراب ذكي كفاية ومدرك لعلاقاته داخل المجتمع ده ولا لأ. كمان “ماسن” اكتشف إن مجتمع الغربان فيه تدرج طبقي، وإن الغراب اللي من الطبقات العليا له صلاحيات الوصول للأكل بسهولة. ده غير إنه مجتمع ذكوري _برضه_ والذكور فيه واخدين حقوق أكتر من الإناث.
طبعًا الطبقات دي بتتحدد على أساس القوة. لما الذكور يقابلوا بعض في معركة، اللي يكسب فيهم يبقى من الطبقة العليا. حاجة كده شبه قصص نجيب محفوظ عن الفتوات بتوع زمان. طبعًا الغراب الفتوة بيبقى مفتري، فممكن يقرر إنه يتحكم في أحد الغربان التانيين، اللي بينصاع منهم بيبقى حبيبه وكفاءة، واللي بيقرر يقف قصاده بتحصل بينهم معركة، ويا إما فاز وفضل فتوة، يا إما خسر واتاخد منه النبّوت وراح لغراب تاني، وهو بقى مجرد غراب عادي.
اعرف أكتر| ”التوالد البكري“ من النهاردة مافيش رجالة!
التوتر داخل مجتمع الغربان
بعد ما عرفنا قصة الترتيب في المجتمع والطبقات، وإزاي الغراب بيحدد علاقته بأبناء مجتمعه، نتكلم بقى عن التوتر اللي بينتُج عن الصراعات دي. لما بتحصل محاولة سيطرة من الغراب الفتوة، والغراب اللي قدامه يقف قصاده ويقول له: “انزل لي فارس لفارس”، بيبدأ التوتر والضغط ينتشر بين أبناء المجتمع، لأن الخناقة دي احتمال تتغير فيها الموازين خالص.
الغربان اللي بتُصاب بالتوتر، بتبدأ تجري بهلع، وبعضهم بيبدأ يشيل الريش من على جسمه بمنقاره، زي ما نبقى متوترين كده ونبدأ نشد شعرنا أو نشق هدومنا. ولأنه مجتمع ذكوري، التوتر ده مابيحصلش لما الإناث يتخانقوا، لأن الخناقة دي ببساطة مش هتغير من موازين المجتمع في شيء، اللي هتكسب فيهم أو هتخسر هتفضل جزء من المجتمع زي ما هي، لا هتبقى فتوة ولا هتبقى تابعة.
اعرف أكتر| «هوس نتف الشعر»: سيبي شعرك يا أنسة!
الغريب بقى، إن العلماء لما درسوا الظاهرة دي، اكتشفوا إنه خلال خناقات الذكور، الإناث بيكونوا متوترين أكتر، لأنهم زي ما قولنا بيُعتبروا في طبقة أقل من الذكور، والأكل بيوصل لهم بالعافية أساسًا، فما بيكونوش عارفين، لو الغراب الفتوة الجديدة جيه، هيكون حنين ويزوّد لهم الأكل، ولا هيقلله أكتر ما هو قليل ولا هيعمل إيه بالظبط.
مهارات إدراكية هايلة!
جورج ماسن، العالم اللي بيدرس مجتمع الغربان واتكلمنا عنه فوق، حب يشوف طب هل الغربان هيستجيبوا لو سمعوا صوت غربان بتتخانق مش من مجتمعهم لكن من مجتمع تاني بعيد عنهم، ولا مش هيستجيبوا ولا ياخدوا بالهم. فقام شغّل لهم تسجيل فيه نداء هيمنة (Domestic Call)، أو يعني خناقة بين اتنين غربان في مجتمع بعيد، ولقى إنهم في الأول اتوتروا بشكل بسيط أول ما سمعوا النداء ده، وبعدين عاشوا حياتهم عادي جدًا.
الراجل مابقاش عارف، هما اتوتروا علشان سمعوا الخناقة، ولا أي نداء ممكن يوترهم؟ وقرر يشغّل لهم تسجيل، لنداء عادي مش نداء هيمنة ولا خناقة، واكتشف إنهم ماتوتروش خالص، وكانوا ماشيين في طريقهم عادي ولا كأن حاجة حصلت. “ماسن” بيقول إن دي حاجة مبهرة، كونهم قادرين يتعرّفوا على نداءات مجتمعات تانية ماعاشوش فيها، وكمان يتفاعلوا معاها بشكل مختلف عن نداءات مجتمعهم. ووصف كمان الأمر ده، بإنه شبه الفرجة على التليفزيون عندنا، أه بتتفاعل مع اللي بيحصل على الشاشة، بس مدرك في نفس الوقت إنه مابيحصلكش إنت والخطر مش عليك.
اعرف أكتر| سيكولوجيا أفلام الرعب: إيه المثير في إنك تحس بالخوف؟
الغراب الذكي النصاب
الغراب يُعتبر من الحيوانات الذكية زي الشامبانزي والدولفين. لما بيحبوا يقيسوا درجة ذكاؤه، بيعملوا له ألعاب ذكاء وتحديات. منها إنه يحطوا له أكل في إزازة، ويبقى عليه إنه يشد حبل علشان يقدر يوقعها ويجيب الأكل، وفعلًا لقوا إن الغراب قدر يعمل كده في حوالي 30 ثانية بس! وهو مش ذكي في الاختبارات والتحديات بس، ده كمان في الطبيعة بيقدر يدافع عن عشه من الحيوانات والبشر بإنه يرمي عليهم صخور، فيبعدهم عن مكانه.
ذكاؤه كمان بيخليه ساعات نصاب. اللي بيحصل إن لما غراب نصاب كده يلاقي حيوان ميّت، ليكن مثلًا القندس (Beaver)، يقول حلو، صيدة سهلة وهناكل، ولما ييجي لسه يسمي وياكل، فيلاقي غراب تاني جاي، بيروح عامل إيه؟ يروح عامل ميت. لما بيعمل كده، الغراب اللي جاي ده، بيفتكر إن في خطر ما هنا، فبيبعد عن الجثة. يقوم الغراب النصاب صاحي، وواكلها عادي جدًا، ولا من شاف، ولا من دري.
تقليد كلام البشر
ذكاء الغراب مابيتوقفش عند النصب والدفاع عن نفسه، ده كمان بيقدر يقلد طريقة كلام البشر، زي ما بعض أنواع البغبغانات بتعمل وأحسن كمان. مش بس صوت البشر، دول مع التدريب والتقليد المستمر، بيقدروا كمان يقلدوا صوت موتور العربية، وسيفون الحمام، وأصوات الطيور والحيوانات التانية، زي التعالب والذئاب كمان.
اللي بيحصل إيه بقى؟ إنه مثلًا يلاقي جثة حيوان كبير، فيحاول ياكلها مايقدرش، يقوم مقلّد صوت الذئب مثلًا، فيجي الذئب البريء ده، يفتّح في الجثة دي وياكل فيها، وبعد شوية يشبع ويمشي. صاحبنا بقى يشوفه مشي، يروح نازل زي الباشا، واكل اللي اتبقى من الجثة دي بكل سهولة وماشي. نصاب برضه بس ذكي. شيء مدهش جدًا فعلًا!
السلام بالإيد!
البشر في لغة تواصلهم مع بعض، ممكن يستخدموا لغة الإشارة. زي مثلًا ما تكون عاوز تسلم على حد، فترفع إيديك في الهوا من بعيد، فيعرف إنك بتحيّه أو بتسلم عليه. وبما إن الغربان عندهم مجتمع، بيقدروا يتواصلوا مع بعض، فهما كمان بيقدروا يعملوا التحية بمخالبهم. دراسة اتعملت في النمسا، بتقول إن الغراب ممكن يشاور بمخالبه، علشان يرمي السلام على غراب تاني، أو يرفع حاجة بمخالبه، ويشاور له بيها علشان يلفت انتباهه، زي ما كنا بنعمل بالمناديل للمسافرين بالسُفن مثلًا.
بحسب الدراسة، دي حاجة أول مرة يلاحظوها على حيوان غير الرئيسيات (القرود بأنواعها)، مفيش حيوانات تانية تقدر تتواصل بالإشارة غير الغربان. فيعني بعد كل ده، لو ماحسيتوش إن الغراب فيه صفات وأفعال اجتماعية، قريبة جدًا من البشر، فمش عارف ممكن يعمل إيه تاني علشان نعرف ده، يعني ده ناقص يفرد جناحاته ويرقص والله.
المصادر: theconversation nature iflscience mentalfloss
