.
ليه وإزاي؟

نية التنفيذ: أنا اللي هحط الخطة وأنا اللي هقول يلا

لماذا لا تتحقق الأهداف دون خطة مسبقة؟!

كتبت: مها طــه

من حوالي سنتين، كان في اقتراح لطيف من صديقة ليا إني أحاول أكتب كل يوم ولو خاطرة بسيطة من 5 سطور مثلا، بس لازم أكتبها بشكل يومي، ومش بس كده دي قالتلي أحدد وقت معين لكتابتها في اليوم. مع بداية السنة الجديدة بدأت في الكتابة، يوم ورا يوم، لقيت نفسي حتى وأنا في أسوء حالاتي بقوم في الميعاد المحدد، أكتب، والـ5 سطور بقوا صفحة كاملة.

ومن يومين تقريبًا، اتفاجئت بإني وللسنة التانية على التوالي لسه بكتب كل يوم خواطر عن نفسي وشغلي وحياتي، وبدأت أسأل نفسي إزاي وأنا شخص ملول جدًا قدرت أخلق لنفسي نمط محدد وثابت بالشكل ده، وليه المرة دي بالذات نجحت مع إني بحاول بقى لي سنين طويلة إني أكتب ولو كل يوم كلمتين بس.

صورة: Unsplash

نية التنفيذ كلمة السر لخلق روتين سليم

وقبل ما أجاوبكم على السؤال، أحب أقول إن الروتين قيمة مهمة جدًا في الحياة. على الرغم من كل محاولات جعلها كلمة تدل على الملل وفقدان الشغف، لكنها حقيقي كلمة بتعبر عن النظام والرغبة في النجاح (أي نجاح مش بس من الناحية العملية).

بداية الإجابة عن السؤال ده كانت عند عالِم النفس الألماني “بيتر جولفيتزر”، اللي حاول من خلال مجموعة من الأبحاث والدراسات إنه يدرس مجموعة عوامل بهدف واحد بس، وهو إنه يجاوب على سؤال مهم جدًا “إزاي الأهداف والخطط بتأثر على الإدراك والسلوك؟”.

وفي سنة 1997، قام “جولفيتزر” بدراسة لاختبار التأثير ده. وطلب من مجموعة من طلبة الجامعة إنهم يكتبوا مقال في فترة أجازة الكريسماس يحكوا فيه عن تفاصيل تجربتهم مع الأجازة بشرط إنهم يبعتوه خلال 48 ساعة من يوم عيد الميلاد.

وقبل ما يتوجه الطلبة لبيوتهم عشان يقضوا الأجازة طلب من نصهم بس إنهم يكتبوا في المقال الوقت والمكان اللي خططوا للعمل على المقال فيه. وبعد فترة قصيرة من عيد الميلاد، كان “جولفيتزر” حصل على المقالات و عمل جدولة للنتايج كمان.

وكانت النتايج كالآتي:

  • الطلبة اللي كانوا من المفترض يكتبوا المقال بدون تحديد زمان ومكان ليهم، 32% منهم بس اللي نجحوا في كتابة المقال.
  • أما اللي طلب منهم يكتبوا فين وإمتى، 71% منهم نجحوا في كتابة المقال.

طبعًا فرق النتايج واضح ما بين الحالتين، يعني تخيل إن مجرد الإجابة عن سؤالين بالسهولة دي، كان كفيل بمضاعفة فرصة النجاح في أداء المهمة. ومن هنا بدأ البحث ياخد منحى تاني، إزاي تمرين بسيط محتاج دقايق عشان تنجزه ممكن ينتج عنه فرق كبير بالشكل ده.

اعرف أكتر| وإنت بتخطط لمستقبلك ماتنساش الموبايل والنبي!

صورة: jeffkavanaugh

النوايا الجيدة لا تكفي

كلنا عندنا عدد من الأهداف اللي عايزين نحققها سواء عشان نحس بالنجاح، أو عشان تحقيق رغبتنا في التحقق والشعور بالإنجاز، أو حتى عشان ناخد مرتب آخر الشهر ونحقق التارجت، وكل الكلام الجميل/ المرهق ده. الحقيقة كلنا عندنا الرغبة في الأغلب، لكن الأزمة مش في الرغبة الأزمة في التنفيذ.

وفقًا لـ”هايدي هالفورسون” عالمة النفس الاجتماعي، فحوالي 70 – 80 % من الوقت بيكون عندنا فيه التزامات معينة لازم نؤديها، وفي النهاية إحنا اللي بنختار. لما الأمر يكون متعلق بتحقيق الأهداف، فالاعتماد على النوايا بيكون زي اللي رايح يحارب بسكينة قدام مدافع ورشاشات.

مهما كانت إرادتنا قوية لتحقيق هدف معين، فالإغراءات والحاجات اللي بتلهينا كمان يتكون قوية، وده أحد الأسباب الرئيسية في ثقافة تأجيل كل حاجة لآخر وقت، نبدأ السنة بكلام عن تنظيم الوقت ونقول هنذاكر من الأول، وبعدين نتزنق في آخر 4 أيام قبل الأمتحان، فنفضل نضيع وقت لحد ما نتزنق تمامًا ليلة الامتحان ونطبق، وقيس على كدة الشغل والدايت وكل حاجة تانية.

على الناحية التانية، واستنادًا للنتيجة اللي وصل لها “جولفيتزر”، فمجرد تحديد مكان وزمان لأداء المهمة البسيطة دي، كان كافي عشان العقل اللا واعي يستجيب لتحقيق الهدف. المكان والزمان في التجربة كانوا مجرد تجسيد لمصطلح بيستخدمه علماء النفس اسمه “نية التنفيذ”، وده نوع من البرمجة العقلية اللي بتخلي المخ يربط ما بين حدث معين وسلوك معين، ولذلك أول ما جه الوقت وبقى الشخص في المكان اللي حدده، اشتغل السلوك تلقائي.

طبعًا مش محتاجين نقول إن توافر نية التنفيذ لا يعتبر ضمان لتحقيق الأهداف، لإن حتى في التجربة دي في حوالي 29% من الطلبة اللي حددوا زمان ومكان، مانجحوش في تقديم المقال في ميعاده. لكن برضه ولحد دلوقتي في حوالي 100 دراسة اتعملت عن نفس الموضوع وكلها بتقول إن نية التنفيذ بتحسن بشكل كبير جدًا من فرص النجاح، سواء كان في الشغل أو في تغيير نظام الحياة وفي حاجات تانية كتير ممكن نعتبرها أهداف صعبة.

في النهاية، لو حابب تحقق هدف معين، لازم تستغل قدرات مخك العظيمة على خلق النوع ده من الروابط عن طريق تحفيز نية التنفيذ. اصحى من بكرة رتب أفكارك، حدد وقت/ مكان/ عدد، أو أيًا كان الظرف وقول لنفسك هبدأ حقيقي وغالبًا هتلاقي المخ تلقائي بيقولك دلوقتي يلا قوم عشان نحقق أهدافنا، وغالبًا هي دي الطريقة اللي بيقدر بيها أي شخص يخلق نمط معين لنفسه وينجح فيه. طبيعي ماتنجحش في أول محاولة، كرر تاني وخلي نية التنفيذ جواك أقوى، وخد بالك متتكلمش عن أهدافك دي قصاد حد عشان ممكن ماتتحققش زي ما قلنا لك قبل كده.. مش فاكر؟! ادخل هنا طيب عشان تفتكر..  “داري على شمعتك تقيد”: 3 أسباب علمية عشان ما تحكيش عن أهدافك لحد!


المصادر:   sphweb  opentextbc  ncbi  personalityresearch  psych

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى