قلق العيد.. هل هي أجمل أيام السنة فعلًا؟
كتب: أحمد حسين
كل سنة وإنتم طيبين جميعًا. الأيام دي في الكريسماس ورأس السنة، ولما السنة تتجدد هتتجدد معاها الأعياد والأجازات. طبعًا الأعياد مناسبات سعيدة وحاجة جميلة ده كفاية إنها بتكون أجازة، مفيش شغل ووجع دماغ، فيه أنتخة أو سفر أو خروجات. بس ساعات الوضع ده بيكون مختلف عند بعض الناس. في ناس مش بتحب وقت الأعياد وبتحس بالضيق لما بتقرب. ويمكن بعضنا حس بالشعور ده.. شعور بالقلق اللي بيسموه قلق العيد أو اكتئاب العيد، بس يا ترى بنحس بيه ليه؟ وده حاجة طبيعية ولا لأ؟
قلق العيد والضغط يزيد
لما بتقرّب الأعياد، بتبدأ القنوات تعرض الأغاني الخاصة بيها. يعني مثلًا في الكريسماس ورأس السنة، بتلاقي أغنية ليلة عيد لفيروز، واللي بتقول “مين اللي جاي بعيد، عم بيرش مواعيد، يدق أبواب الناس ويمشي، والخير علينا يزيد”. ولما تقرب أعياد الفطر والأضحى، تلاقي أغنية يا ليلة العيد لأم كلثوم، واللي بتقول “جمعت الأنس ع الخلّان، ودار الكاس على الندمان، وغنى الطير على الأغصان، يحيى الفجر ليلة عيد”.
كل ده بيحطك في حالة “هتفرح يعني هتفرح”، وتحاول على قد ما تقدر تعمل كل حاجة ممكن تفرّحك، ودي حاجة في حد ذاتها جميلة، بس لو في مننا اللي عنده مشاكل، هيعمل إيه؟ يعني لو أب وأم، علاقتهم بأولادهم سيئة وسامة (Toxic Relationship)، أو متطلقين والأولاد عايشين ما بينهم. كل دي حاجات تقلل من الاستمتاع بالعيد، والمقابلات مع الأهل والأصحاب. طب الحل إننا مانعرضش الأغاني دي ولا نفرح؟
منطقيًا، الكلام ده خاطئ، لأن ماحدش هيقول لحد ماتفرحش علشان أنا عندي مشكلة. طبيعي إنه يفرح زي كتير من الناس، ودوري أنا بقى إني أحاول أحمي نفسي من القلق ونوبات الاكتئاب. الفرح مش إجباري على أي حد لمجرد إن في مناسبة عامة سعيدة وهو عنده مشكلة، بس على الأقل أحمي نفسي، وهنحاول نعرف ممكن نعمل ده إزاي، على قد ما نقدر يعني.
قلق العيد وأسبابه
عالمة النفس “أنيتا سانز” شرحت أسباب الإصابة بقلق العيد، وقسّمتها لتلات أقسام، هنتكلم عنهم كلهم. أول سبب هو الإجهاد من الطلبات، لأنه خلال الأعياد بتزيد عدد الأنشطة والمقابلات العائلية والاجتماعية. من ضمن الأنشطة مثلًا شراء الهدايا، ودي حاجة مرهقة ماديًا وشعوريًا زي ما كلنا عارفين طبعًا. غير الضغط بتاع المقابلات الاجتماعية، والكلام عن اللي حصل السنة اللي فاتت، وشايفين السنة الجاية إزاي، وطبعًا لو في حاجة مخبيها على أصدقائك أو عيلتك، وكلنا بنخبي ساعات، بيبقى الكلام ده موتّر جدًا.
تاني سبب هو المشاكل العائلية. زي ما قولنا، الأعياد مناسبات اجتماعية، وبنقابل فيها العيلة والناس اللي مابنشوفهاش كتير. هنا بقى لو بنواجه مشاكل عائلية، زي طلاق مثلًا، سواء للأب والأم أو الزوج والزوجة نفسهم، أو مشكلة كبيرة في الشغل، أو التعرّض للفصل أو الاستقالة. كل ده بيزوّد العبء على الشخص، اللي المفروض يقعد مع عيلته يضحك ويهزر، ومش قادر يتكلم معاهم في اللي حصل، علشان مايزوّدش همومهم أو يزعّلهم يعني.
تالت سبب هو التوقعات. طبعًا لما بنكون داخلين على العيد، بنكون متوقعين إننا نتبسط، حتى بنهني بعض بإنه “عيد سعيد”. ساعتها بنكون حاطين في دماغنا إنه لازم يكون سعيد 100%، وماينفعش يحصل فيه أي حاجة غلط، فبنتوتر جدًا لما بتحصل حاجة مش سعيدة. طبعًا ده بيكون ضاغط أكتر على المصابين بالاكتئاب، لأنهم بيبقوا فاقدين الاهتمام بالأنشطة الممتعة، والعيد من ضمنهم طبعًا، لذلك بيكون الاحتفال بيه مُربك جدًا.
على جانب آخر، حابب أزوّد بعض الأسباب، اللي ممكن تكون مُتعبة على مستوى جسدي، فتخلينا مش مستمتعين أوي بالعيد، زي كمية الأكل المبالغ فيها اللي ممكن نستهلكها، واللي بتسبب إرهاق شديد علشان تتهضم. وزي الشُرب الكتير لو حد بيشرب، أو النوم قليل لو حد مسافر مثلًا، وحابب يستمتع بكل أيام السفر. كل ده بيصيبنا بالصداع والتعب، وده ممكن يقلل من محاولاتنا للاستمتاع بالعيد عكس ما كنا فاكرين.
إزاي أحمى نفسي من قلق العيد؟
خلونا ندخل في الموضوع على طول، ونكتب شوية نقط مهمة، ممكن تساعدنا نحمي نفسنا من قلق العيد ونوبات الاكتئاب فيه:
- أول حاجة، خلونا نحاول نحط توقعات واقعية شوية للعيد، ونقول إنه ممكن يبقى حلو وممكن لأ عادي. ممكن نحدد لنفسنا حاجات نعملها عشان تبسطنا، وده مش بالضرورة لكننا هنحاول.
- نحاول نرتب أولوياتنا، ومانحاولش نحط مسؤوليات إضافية على نفسنا، ونكون مدركين للي نقدر نعمله، واللي مانقدرش، والمقابلات اللي نقدر نحضرها، والمقابلات اللي هنعتذر عنها.
- نحاول مانزعلش لو العيد عدى علينا من غير ما نفرح، والقصد هنا مانزعلش لمدة أيام، على إننا ماعرفناش نفرح بالعيد، ونحاول نتقبّل الأمر ونفرح الأيام اللي بعدها على قد ما نقدر.
- نحاول نتواصل مع الناس اللطيفة اللي في حياتنا، علشان نتخلص من إحساسنا بالوحدة، لو متضايقين منه طبعًا.
- نحاول نقلل من الأكل والشرب شوية في الأعياد، ومانتقّلش في الغدا، ونكتّر من المشي والرياضة.
- نحاول نعمل حاجة جديدة، حاجة ماعملناهاش قبل كده في العيد، وبكده نفرح بيه ومايبقاش تقليدي، لو مشكلتنا يعني إننا بنزهق وبنحس بالملل في العيد.
- لو ماكنّاش بنعيّد على الناس، نحاول نعمل كده، فكرة إننا نسأل على بعض بعد فترة طويلة من عدم السؤال، ممكن تكون لطيفة ونتايجها مبهرة. طبعًا لو في إحساس بإن ده ضاغط بلاش نعمله، لكن لو مش ضاغط فخلونا نحاول.
في النهاية، وقبل ما تقفلوا المقال، حابب أدردش معاكم شوية، بكلام قالته الأخصائية النفسية “د. تامارا جرينبرج”، ممكن يخليكم تدركوا إنكم مش لوحدكم، وهو إن ناس كتير عندهم مشكلة مع الأعياد، وبيحسوا بقلق وضيق منهم. لذلك مفيش أي ضغط عليكم في التعبير عن مشاعركم، مفيش مشكلة في إنكم بتحسوا بالارتباك تجاهها، إنتم مش لوحدكم ومفيش داعي لإخفاء المشاعر دي.
ولو حاسين بإن عيلتكم بتمر بمشاكل، أو إنتم بتمروا بمشاكل، فده مش معناه إن فيه حاجة غلط فيكم بشكل شخصي، المشاكل منتشرة وبتطوّل كل الناس تقريبًا، وده مش كلام علشان يطمنكم، بقدر ما هو كلام واقعي وبيحصل، وكلنا بنحاول نتخطاه ونتخلص منه، مش علشان بس نفرح بالعيد، بس علشا مايفضلش مطاردنا طول حياتنا.
لو باباك ومامتك منفصلين ده مش عيب، لو إنت أو إنتي منفصلين ده مش شيء يعيبكم، في النهاية ده أمر بيحصل لناس كتير، الأهم بس نحاول نديره صح، ومانخليهوش يحسسنا بالمرارة والضيق. أتمنى لكم أعياد لطيفة، خالية من القلق والمشاعر المضطربة.
المصادر: webmd forbes psychologytoday health