عن الإيدز: أنا مربّي مرض!
كتبت: يارا كمال
هو مش أليف، ولكن فيه ناس كتير جدًا في العالم كله مضطرين يربوه ويعيشوا مع بعض إجبارًا لإن أحسن الأحوال إنهم يعيشوا مع بعض. لحد دلوقتي محدش لقى علاج نهائي لفيروس ”HIV“ اللي بيسبب مرض الإيدز أو نقص المناعة المكتسبة. مفيش حد اتعالج منه لحد دلوقتي نهائيًا إلا شخص واحد بس سنة 2008، ولحد دلوقتي مفيش حد اتعالج منه تاني من ضمن أكتر من 70 مليون حالة مصابة في العالم، ولحد دلوقتي احنا مانعرفش الحالة دي اتعالجت ازاي.
طب اشمعنا الإيدز تحديدًا اللي مالوش علاج؟
طيب، خلونا نفهم إزاي الفيروس ده بيصيبنا. فيروس ”HIV“ بينتقل عن طريق سوائل الجسم، يعني حد مثلًا يتنقل له دم ملوّث بالفيروس، أو يستخدم حقنة ملوثة، أو يمارس الجنس مع مريض من غير استخدام واقي ذكري مثلًا. الحمد لله إن فيروس خطير زي ده مابينتقلش عن طريق حاجات أسهل شوية زي التعامل العادي مع المريض أو عن طريق الهوا أو الميه. يعني لو مريض إيدز عطس في وشك أو لمسك أو سلّم عليك مش هيحصل لك حاجة، ولا هتحتاج تستخدم أدوات غير أدواته زي المعالق والشوك، ما عدا طبعًا الأدوات اللي ممكن يتنقل بيها الدم زي موس أو مقص أو فرشة أسنان، واللي المفروض أصلًا ماتشاركهاش مع أي حد سواء كان مريض أو لأ.
لو الفيروس دخل الجسم، مما يصيب نوع من خلايا الجهاز المناعي اسمها ”Helper T cells“ (خلايا تائية مساعدة)، والنوع ده من الخلايا بيحفّز مجموعة تانية من كرات الدم البيضا اسمها ”B cells“ إنها تنتج أجسام مضادة واللي بتقيّد أي مادة غريبة أو ضارة وتشلّها، وده بيمنع المواد دي من إنها تسبب الإصابة. يعني من الآخر، الخلايا التائية المساعدة دي بتساعد في الدفاع عن الجسم من العدوى والإصابات.
فيروس“HIV“ من الفيروسات القهقرية (retrovirus)، وده معناه إنه بيكتب كوده الجيني في الجينوم بتاع الخلايا المصابة، وده بيخلي الخلايا دي تعمل نسخ كتير منه.
في المرحلة الأولى من الإصابة بالمرض، الفيروس بيفضل ينسخ نفسه جوه النوع ده من الخلايا، وفي خلال العملية دي بيدمّر عدد كبير منهم. في خلال المرحلة دي، المريض بيحس بأعراض تشبه دور البرد، وطبعًا مابيجيش في باله إن ده إيدز.
ممكن المصاب بفيروس ”HIV“ يبقى عايش وهو مش عارف إنه مريض ويبان لنفسه وللناس وكإنه بكامل صحته لمدة تتراوح من شهور قليلة لسنوات كتيرة، في الوقت اللي الفيروس بيفضل فيه ينسخ نفسه و يدمّر الخلايا التائية، لحد ما عددها يقل جدًا. في الوقت ده، المريض بيبقى عرضة لخطر كبير من أي عدوى ممكن الجهاز المناعي في حالته الطبيعية يتعامل معاها، وهنا نقدر نقول عليه مريض إيدز.
لحسن الحظ، إن فيه أدوية بتسيطر على مستوى ”HIV“ في الجسم، بحيث تمنع الخلايا التائية المساعدة من إنها تقل أوي، وبالتالي الحالة ماتتطورش لمرحلة الإيدز. وبالعلاج ده، أغلب المصابين بالفيروس ممكن يعيشوا حياتهم بصحة ويتعايشوا مع المرض ومايموتوش، بس لازم يفضلوا ياخدوا العلاج طول حياتهم عشان يعيشوا.
طيب العلاجات دي بتعمل إيه؟
أغلب الأدوية دي بتمنع جينوم الفيروس من إنه يتنسخ ويندمج مع الـ DNA بتاع الخلية اللي بيصيبها. فيه أدوية تانية بتمنع الفيروس من إنه ينضج أو يتجمّع وبالتالي الفيروس مايقدرش يصيب خلايا جديدة في الجسم.
مع ذلك، فيروس”HIV“ بيستخبى في مكان الأدوية لحد دلوقتي مابتقدرش توصل له، وهو الـ DNA بتاع الخلايا التائية المساعدة. أغلب الخلايا دي بتموت بعد إصابتها بالفيروس، بس فيه نسبة صغيرة من الخلايا بيبقى فيها تعليمات بإنها تعمل نسخ جديدة من الـHIV، بس التعليمات دي بتكون خامدة، يمكن لمدة سنين. يعني حتى لو قدرنا نشيل كل فيروس “HIV” من جسم المصاب، ممكن واحدة من الخلايا المصابة تنشط وتبدأ تنشر الفيروس من جديد.
رضينا بالهم والهم مش راضي بينا
العزاء الوحيد لمرضى مصابين بمرض خطير زي الإيدز إنهم قادرين يتعايشوا معاه عن طريق الأدوية، بس للأسف مش كل مرضى الإيدز يقدروا يوصلوا للعلاج.
في جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا، فيه أكتر من 70% من مرضى الإيدز حول العالم. واحد من كل تلاتة بس من النسبة دي في 2012 اللي بيوصل لهم علاج. الموضوع معقّد جدًا، لإن فيه أسباب اقتصادية وثقافية وسياسية تمنع إن العلاج يوصل لمستحقيه في المكان ده من العالم.
بلاش أفريقيا، وده اسمه برضه مكان فقير والناس فيه بيعانوا من أمراض كتيرة، بل من كل حاجة. الولايات المتحدة الأمريكية اللي هي القوة العظمى الأولى في العالم، فيروس ”HIV“ بيحصد أرواح أكتر من 10 آلاف شخص من سكانها كل سنة.
بس لسه فيه أمل. الباحثين بيحاولوا يطوروا علاج نهائي للمرض. من ضمن المحاولات بتاعتهم، إنهم يطوروا دوا ينشّط كل الخلايا اللي فيه المعلومات الجينية بتاعة الفيروس، وبعد كده، الخلايا دي تتدمّر، والأدوية اللي موجودة دلوقتي تطرد الفيروس بره الجسم. وفيه محاولة تانية إنهم يستخدموا أدوات جينية في إنهم يقطعوا الـ DNA بتاع الفيروس ويشيلوه من الجينوم بتاع الخلايا.
وأخيرًا، ياما فيه أمراض استعصى على البشرية علاجها، وبعدين وصلوا لعلاج ليها في الآخر. ومادام عرفنا السبب يبقى أكيد هنوصل لحل، ومادام فيه حالة اتعالجت، يبقى الخيط هيكُر وراها، المهم إننا نفضل ورا هذا الفيروس اللعين لحد ما نقضي عليه زي باقي الأمراض اللي اتغلبنا عليها. والأهم بالنسبة لي، هو إننا نتعامل مع المرض كمرض، ونسيبنا من الخلفيات الثقافية اللي وراه زي ما حصل في فيلم ”أسماء“، ونبطّل نتعامل معاه كإنه وصمة عار لإن في الآخر المريض من حقه العلاج، وفهم طبيعة المرض وطرق انتقاله هتساعدنا في التعامل مع المريض لإنه مش عدوى بتمشي على الأرض. بالعكس، ده يمكن الفيروس ده بيتنقل من حاجات محددة أوي وسهل التعامل معاها.
المصدر
مصدر الصور