علماء الآثار يستخدمون أشعة إكس لقراءة ما بداخل توابيت المومياوات المصرية
كتبت: مها طـه
كان المصريون القدماء مُعيدي تدوير، على الرغم من عدم وجود مرافق وأجهزة مُعقدة كالموجودة حاليًا، ولكن الكهنة في مصر القديمة استخدموا بقايا ورق البردي المُستخدمة في المُكاتبات العامة كالمصالح الحكومية وغيرها في صناعة الجص المُستخدم في أكفان المومياوات.
لسنوات طويلة، سعى الباحثون لمعرفة ما تحويه هذه الكتابات، والتي يُمكن أن تُضيف إلى المعرفة بشأن الحضارة المصرية القديمة، ولكن ظلت مشكلة واحدة تُمثل عائقًا، وهي كيفية الوصول إلى داخل التابوت دون تدمير محتوياته.
حاليًا، تغير كل شئ بفضل تقنيات الأشعة السينية X المتقدمة وتقنيات التصوير التي تسمح لعلماء الآثار بقراءة هذه الوثائق المفقودة منذ فترات طويلة. قاد فريق البحث الباحث ”مايك توث“، خبير التصوير في مختبر بيركلي لمصدر الضوء المتقدم، والذي يعمل مع فريق من علماء الآثار من بيركلي وجامعة ديك وجامعة كوليدج في لندن وجامعة ستنافورد، وذلك بهدف الكشف عما اعتاد المصريون القدماء كتابته عن حياتهم اليومية.
المثير بشأن هذه الكتابات هو أنها تُمثل الحياة اليومية للمصريين القدماء، حيث يتم عادةً دراسة الكتابات القديمة الموجودة في الكتب والمخطوطات وعلى جدران المعابد، والتي قام بكتابتها مجموعة معينة من العلماء والملوك والكهنة وغيرهم.
وعلى الرغم من أهمية الكتابات على جدران المعابد وغيرها، إلا أنها لا تمنع ضرورة دراسة كتابات الأشخاص العاديين، حيث أنها يُمكن أن تُعطي الباحث لمحة فريدة من نوعها عن كيفية معيشة المواطن العادي في الدولة المصرية القديمة.
قال ”جوشوا سوسين“، الباحث في جامعة ديوك، أن هذه الكتابات تُمثل تحديات الحياة اليومية في حياة المواطنين العاديين، حيث تم العثور على رسائل كراهية ومذكرات يومية مشتتة لمريض بالوسواس القهري، بالإضافة لعقود وفواتير بيع وشراء.
للحصول على كل هذه الكتابات ابتكر فريق البحث نظام مُعقد من الأشعة السينية باستخدام مُعجِّل الجسيمات في مختبر بيركلي، والذي يُمكنه أن يجعل الإلكترونات تسافر بسرعة قريبة من سرعة الضوء. هذه الأشعة المُستخدمة تمكنت من اختراق التوابيت بضوء تتزايد أطواله الموجية، والذي تفاعل مع عنصر الحديد الموجود في الحبر المُستخدم في الكتابة، وبذلك نتجت صورة مُفصلة للغاية من طبقات من ورق البردي.
السبب وراء استعمال مثل هذه الآلات القوية في هذا النوع من الدراسات، هو أنه وعلى الرغم من القدرة الكبيرة للأشعة السينية العادية على النفاذ وتصوير العظام والأسنان وغيرها، إلا أنها غير ناجحة في إنتاج صور مُفصلة من البرديات المرصوصة في شكل طبقات تم لحمها ببعضها عن طريق طبقات من الطلاء على مدار 2500 عام مضى.
هذا التداخل بين طبقات البردي والناتج عن انصهارها مع بعضها لصُنع الجص، خلق بعض الصعوبات في فهم الكتابات، وللتغلُب على هذا تم الاستعانة بالفيزيائي ”أوي برجمان“ من جامعة ستانفورد، لمساعدة فريق البحث لاستخدام الأشعة السينية في خلق بصمات موجية مُعينة للمواد المختلفة داخل طبقات البردي، مثلًا الحديد المُستخدم في الحبر له بصمة وهكذا، وهو ما أتاح للباحثين المزيد من التحليل.
حاليًا يعل فريق البحث على تطوير وتعديل هذا النظام، للوصول للدقة اللازمة لإنتاج صورة عالية الجودة، وهو ما يتطلب تطوير واستخدام العديد من التقنيات المختلفة. في النهاية سيؤدي هذا التطوير إلى الكشف عن كثير من أسرار الحضارة المصرية القديمة، وتحديدًا حياة المواطنين العاديين.
المصادر: