.
هجص بلدي

استخدام الإنسان لـ10% من قدرة المخ بين العلم والخرافة!

كتب: أحمد حسين

في السنين الأخيرة، انتشرت فكرة إن الإنسان بيستخدم 10% بس من قدرة دماغه بشكل كبير، لدرجة إن الفرضية دي كانت واحدة من الركائز الأساسية في فيلمين من أشهر الأفلام في السنين اللي فاتت.

في فيلم ”Limitless “ بتدور الحبكة الأساسية للفيلم عن اختراع إحدى المعامل لعقار يسمى (NZT) بيقولوا إنه بيفتح المجال أمام الإنسان عشان يقدر يستخدم قدرات دماغه بنسبة 100%. وفيلم ”Lucy “ اللي تناول نفس الفكرة لكن المرة دي عن طريق عالم أعصاب قام بدوره الممثل الأمريكي مورجان فريمان، بيقول إن الإنسان بيستخدم 10% بس من قدرته الدماغية ويرجح بإن في حالة استخدام الـ100% من قدرته الكاملة – لو قدر يعني -، فالجسد مش هيقدر يتحمل الحالة دي وهيفنى تمامًا

زززززززز37 lucy_ver2

هل فعلًا بنستخدم 10% بس من قدرة دماغنا؟

في البداية لازم نقول إن المقصود بالدماغ هو المخ. وإنه إذا استخدم الإنسان 10% من مخّه، فهو بكدة بيستخدم 10% بس من انفعالاته وتفكيره والتحكم في الأعصاب، طب الفكرة دي في الأصل جت منين؟

الفرضية دي ظهرت في القرن التاسع عشر عن طريق عالم النفس البروفيسور ”ويليام جيمس“ اللي قال في كتاب (طاقات الإنسان) إن البشر بيستخدموا نسبة قليلة من قدرتهم الدماغية، والكلام ده نقله بعد كدة كتير من الكُتّاب والعلماء والمفكرين ومن ضمنهم ”ألبرت آينشتاين“. وإذا فرضنا فعلًا إننا بنستخدم بالفعل 10% من قدرة الدماغ، يبقى إيه فايدة الـ90% الباقية؟ وليه الكلام ده صمد من القرن التاسع عشر لحد دلوقتي ومازال متداول يالشكل الكبير ده؟

قبل ما نفترض إننا بنستخدم 10% بس من قدرة الدماغ، لازم نعرف إن المخ بيتكون من خلايا عصبية وأوردة دموية كتيرة، وكل جزء منه متصل بخلايا عصبية متصلة بالنخاع الشوكي بكل أعضاء الجسم التانية. فإذا فرضنا إن في 90% من الدماغ غير مستخدم، فده معناه إنه كم مهمل غير مفيد، وإننا لو حبينا نستئصله عادي مش هيحصل حاجة ومش نتأثر، لكن يا ترى نستئصل إيه؟ هل نستئصل الجزء المسئول عن إفراز هرمون السعادة؟ ولا الجزء المسئول عن الأدرنالين؟ ولا الخلايا العصبية المتصلة بالأطراف؟ ولا الخلايا العصبية المتصلة بالعين؟

تخيل بقى لو فعلًا 90% من قدرات الدماغ مهملة وملهاش دور، يبقى لو حد قدر يوصل لمرحلة إنه يشغلها كلها مع بعض هيبقى أذكى واحد في الدنيا ويقدر يعمل معجزات، يقدر يكسب فلوس كتير ويتعلم كل لغات العالم أو حتى يتحكم في الأشياء عن بُعد ويخليها تطير، وممكن يحكم العالم، ده لو فاضي يعني وعنده وقت فراغ كفاية.

خرافة خاطئة .. بل تكاد تكون مضحكة!

الخرافات دي تم ترويجها وتداولها وتناقلها لحد اللحظة دي لأنها بتخدم _بشكل فعّال_ مصلحة المهتمين بالتنمية الذاتية أو البشرية، وبتزةد من درجة وهم الناس، وتصديقهم بإن الناجحين هم ناس عادية بس عرفوا إزاي يستفيدوا من الـ90% الباقية من قدرة الدماغ. ويا سلام كمان لو الفكرة صادفت هوى في نفس الناس، وكانت دعوة للكسل المحبب للنفس، إنت كدة كدة مش هتعرف تعمل كل حاجة ما هي دمغاك يدوبك بتشتغل بطاقة 10% بس.

عالم الأعصاب ”باري جوردن“، بيقول إن الخرافة دي خاطئة لدرجة إنها ممكن تكون مضحكة. لأن الإنسان بحسب علماء الأعصاب بيستخدم أكتر بكتير من مجرد 10% من قدرة دماغه لما بس يضم كف إيده ويرجع يرخيه تاني، وقدرة المخ أعلى بكتير من كونها بس مجرد نسبة صغيرة بيستخدمها البشر، وممكن معرفة الكلام ده بسهولة من خلال الرنين المغناطيسي اللي بيُظهر إن الأنسان يقدر يستعمل أجزاء كثيرة من دماغه وهو بيعمل حاجات عادية جدًا زي الكلام أو المشي. مخ الإنسان واللي وزنه أقل من 3% من وزن الإنسان الكلي بيستهلك طاقة كبيرة جدًا، حيث إنه بيستخدم حوالي 20% من الأكسجين الموجود في الجسم.

مخ الإنسان قادر على صنع المعجزات فعلًا، مين يصدق إن الإنسان اللي بيستخدم 10% بس من قدرة دماغه يقدر يصنع الطائرات والأجهزة المحمولة والتكنولوجيا والتقدم المعرفي في مجالات الطب والهندسة والصناعة وغيرها، مين يصدق إن الإنسان ده ممكن يكتشف ويخترع ويحلل ويغيّر في الكون وهو مش قادر حتى يتحكم في نفسه ويشغل الـ90% الباقيين من دماغه.

عبقرية تصميم الدماغ البشري .. حقيقة فعل المعجزات

عبقرية التصميم في الدماغ البشرية بتدل عليها 3 قصص، القصة الأولى قصة العامل ”فينياس كادج“ اللي أصيب بعامود حديدي دخل من فمه لدماغه وأدى إلى كسر الجمجمة من الداخل والخارج، لكن للغرابة أنه لم يمت، وإنه عاش بعدها ولكن _زي ما قال كتير من معارفه_ اتغيرت شخصيته، وأصبح مختلف من حيث التفكير والانفعال وغيرها من وظائف المخ.

القصة الثانية، هي قصة ”كلايف ويرنج“، عازف البيانو والموسيقي الإنجليزي الشهير، اللي أصيب بمرض في الجزء المسئول عن الذاكرة (Hippocampus)، ومبقاش قادر على تذكر أي شئ إلا زوجته، وكمان مبقاش قادر  على تخزين أي أحداث في الذاكرة إلا لمدة 30 ثانية بس. الرجل ده كانت مشكلته هتبقى شديدة البساطة لو كان الجزء المسئول عن الذاكرة بيقع ضمن نطاق الـ90% المهملة من الدماغ لأن إستئصالها هيكون سهلًا، والذاكرة مش هتتأثر بأي حاجة بعد كدة.

كلايف ويرينج وزوجته – صورة: BBC

أما القصة التالتة فهي قصة ”لتيري شيافو“، اللي أصيبت بغيبوبة لمدة ثلاث سنوات بعد إصابتها بسكتة قلبية. وفي الوقت ده عانت “لتيري” من الحرمان من الأكسجين، وأدى ده إلى تدمير 50% من المخ، جعلها غير قادرة على التمييز بين الأشياء من خلال الحواس ولا قادرة على التفكير أو الإدراك أو استرجاع الذكريات، مع إن نسبة الـ50% ممكن تقع _بالصدفة_ ضمن نسبة الـ90% المهملة وميحصلش ولا حاجة، لكنها عانت من فقدان كتير من قدرة المخ لأنها فقدت فقط حوالي 50% من قدرة دماغها.

الدماغ البشري شيء معجز حقيقي، والبشر بيقدروا في الأغلب يستخدموا قدرة دماغهم بنسبة 100%، وإحنا قادرين على التفكير والإدراك والشعور وترتيب الصور والأحداث والأشكال، زده كله طبعًا لا يمكن تقدر تعمله بس بـ10% من قدرات المخ.


المصادر: scientificamerican  –syr-res  arageek

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى