”قانون مورفي“ فلسفة التشاؤم والاحتمالات الرياضية
كتب: أحمد حسين
تعالوا نتخيل مثلًا، شخص رايح مقابلة شغل مهم. صحي الصبح، دخل الحمّام يغسل وشه لقى المياه مقطوعة، المهم اتصرف وراح يلبس هدومه، وهو بيلبس القميص زرار من الزراير طار، فحاول يخيطه اتعوّر في صباعه، المهم اتصرف برضه ولبس بدلة وبقى شكله شيك ونزل يجري علشان يروح المقابلة دي، وهو في الطريق داس على لبانة كبيرة شوية، فلزقت في جزمته ومابقاش عارف يشيلها، تجاهلها وكمّل جري علشان يلحق المترو. أول مترو قابله ركب فيه على طول، كويس؛ كده ممكن يلحق. بعد كام محطة المترو اتعطّل، وهو ناقص له على المكان اللي هو رايحه ده سبع محطات، ماقدرش يستنى تصليح العُطل وجري طلع برة المحطة علشان يركب ميكروباص ويوصل المكان، يا دوب الميكروباص مشي شوية وراحت العجلة الأمامية فرقعت، طبعًا السواق نزل يغيرها بس ده هياخد وقت!
قصة قصيرة حزينة لكن صاحبنا خرج منها ومتأكد طبعًا إنه في حاجة غلط، وإن كل الأمور عمّالة تنتقل من سيء لأسوء، وده اللي بيُطلقوا عليه اسم ”قانون مورفي“.
”احتمال حدوث خطأ يتناسب طرديًا مع الضرر الذي سيسببه هذا الخطأ“
البداية من عند كابتن مورفي
القانون ده بدأ من سنة 1949، في قاعدة جوية تابعة للجيش الأمريكي، القاعدة دي كان فيها مهندس طيران اسمه ”إدوارد مورفي“، المهندس ده ساعتها كان شغّال على مشروع قياس مدى احتمال الجسم للتباطؤ المفاجئ في السرعة، وكان ساعتها بيشرف على تجربة الأمر ده، لكن التجربة للأسف حصل فيها خطأ، والراجل اللي كان بيعمل التجربة اتبهدل خالص وأُصيب بكسور في مناطق مختلفة من جسمه.
ساعتها لما مورفي دوّر على السبب، عرف إن في عامل فنّي عمل شيء غلط في التجربة، فقال له إن لو في طريقتين بيتعمل بيهم الحاجة، واحدة فيهم غلط والتانية صح، فإنت غالبًا هتختار الغلط، بمعنى أكثر بساطة، إن لو في احتمال لحدوث خطأ ما فسوف يحدث. ومن ساعتها تحولت العبارة دي لقانون مورفي، قبل ما يتم تجميع الكثير من المقولات اللي اتصنفت تحت قانون مورفي، ومن الصعب حصر كل الناس اللي كتبتها لأن المقولات دي تقريبًا شبه إسهام عالمي كده.
قانون مورفي والتشاؤمية المحببة للنفس
قوانين مورفي حاليًا حاجة أشبه كده بالثابت الكوني. قانون مورفي في الأساس بيعتمد على فكرة الاحتمالات الرياضية، لو مثلًا بترمي كورة في سلّة، ففي احتمال تقريبًا 50% إنها تقع برّه السلة، وفي احتمال بنفس النسبة إنها تدخل، الأمر ده مش هيتحدد إلا لو رميت الكورة، أهُه ده بالظبط اللي بيعتمد عليه قانون مورفي، بس الفرق إنه غالبًا بيميل شوية للنظرة التشاؤمية، والموضوع ده له سبب.
إحنا في الغالب بنميل للنظرة التشاؤمية، لأنها النظرة اللي بتثير جوانا أسئلة. البشر بشكل عام بيتماهوا مع الأحداث السعيدة والعادية، لأنهم أصلًا بيتمنوا إن كل حاجة تمشي صح زي ما هما عايزين، فلما بتحصل حاجة غلط بيركّزوا عليهم وبيحاولوا يفهموا حصلت ليه.
”لابد أن يسقط التوست على الجانب الذي دهنته بالزبد“
يعني مثلًا، تخيل إنك نزلت من بيتك الصبح ومشيت لحد شغلك، في الأغلب أول ما توصل الشغل مش هتسأل نفسك أنا مشيت إزاي أو حتى هتفرح بالمشية وتقول أنا بعرف أمشي، ولا هتحكي لزمايلك إنك مشيت من البيت للشغل _إلا لو ده إجراء مش روتيني_، إنت في الغالب هتبدأ تحكي عن المشية، لو حصل حاجة مش كويسة، زي إنك تقع على ركبتك وتتعور، ساعتها هتسأل أولًا نفسك أنا وقعت ليه وتحاول تعرف السبب، وبعدها هتتكلم عن المشية علشان تقدر تشرح سبب وقوعك ده.
قانون مورفي بقى بيقول نفس الكلام ده، بس بطريقة ساخرة أشبه بالكوميديا السوداء، والنظرية الأولى للقانون ده بتقول: ”إذا توفرت الإمكانية لشيء سيء أن يحدث، فسوف يحدث“، وببساطة دي أكتر نظرية ممكن تشرح فكرة قانون الاحتمالات، يعني بالتأكيد لما بتحصل أي حاجة في الدنيا، في احتمالية _حتى لو ضئيلة جدًا_ إنه يحصل حاجة سيئة، فالكلام فعلًا مش غلط، بس هو مش بالضرورة إنه يحصل، لذلك في مقولة من مقولات قوانين مورفي بتقول إن معرفتك بقوانين مورفي مش هتفيدك في شيء، لأنها مقولات في النهاية لطيفة وكوميدية، أو على الأقل ده اللي بيبان منها في النظرة الأولى.
القدر وتأثيره على قانون مورفي
في بعض الباحثين المهتمين بفكرة قانون مورفي، قالوا إن سبب شهرة القوانين دي عالميًا واهتمام الناس بيها، هي إن القوانين بتلعب على فكرة ”القدر – Fatalism“، وهي إن أي شيء ممكن يحصل بفعل القدر هنكون غير قادرين على تغييره، يعني الشخص اللي اتأخر على مقابلة العمل وفي الأخر لقى إنها اتلغت، دي بيُطلق عليها تصاريف القدر، بمعنى إنها أفعال مالناش أي يد فيها ولا قدرة على تغييرها.
والفكرة دي بتناقض تمامًا فكرة الإرادة الحرة للأشياء، زي جملة من قانون مورفي بتقول: ”إذا تركت الأمور على عواهنها، فسوف تنتقل من سيء إلى أسوء“، وهو شيء ضروري يحصل، لأننا زي ما قولنا مابنركزش إلا لو حصلت حاجة سيئة، ولما بتحصل بنبدأ نفتكر كل الحاجات السيئة اللي حصلت قبلها، فبتفكر إنه كل شيء فعلًا أصبح بينتقل من سيء لأسوء دون أي تدخل أو إرادة منك.
”الرجل الذي يسبقك مباشرة في طابور المصرف، يقوم بأعقد إجراءات ممكنة“
يعني باختصار، قانون مورفي ممكن تبص له على إنه مجرد مقولة كوميدية، وممكن تبص له على إنه فيه شيء من الحكمة، وممكن تبص له على إنه معادلة رياضية، زي ما عمل المهندس ”جويل بيل“ من جامعة كولومبيا البريطانية، اللي عمل معادلة رياضية بتتكلم عن فكرة حدوث أشياء سيئة في وقت الأحداث الكبيرة وسماها معادلة مورفي. لذلك لك مُطلق الحرية تبص للقانون زي ما تحب، ممكن حتى تبص له على إنه تافه، بس غالبًا هتفضل شايف إنه فيه قدر من الوجاهة ومش بعيد تقفش عقلك الباطن بيقول ”آه والله مورفي ده كان عنده حق“.
بعض قوانين مورفي:
- يستحيل تحصين أي أمر ضد الأغبياء لأن غباءهم مبدع
- لو سار كل شيء على ما يرام، فأنت لم تلحظ الخطأ فقط
- أي سلك تقطعه حسب طول معين هو أقصر من اللازم
- لابد أن يسقط التوست على الجانب الذي دهنته بالزبد
- الأمر يستغرق وقتًا أكثر مما توقعت له
- من سوء الحظ أن تكون متشائمًا
- الشيء الذي يقع، يقع في المكان الذي يسبب فيه أكبر ضرر ممكن
- كل شيء ممتع في الحياة غير قانوني أو غير أخلاقي أو يسبب السمنة
- ابتسم.. فالغد أسوأ
- كل حل يخلق مشاكل جديدة!
- بمجرد شراء تلك السلعة النادرة، سوف تجدها معروضة في كل مكان وأرخص مما اشتريتها
- الغسالة لا تبتلع إلا فردة واحدة من كل زوج من الجوارب
وأخيرًا القوانين لازم تعرفه إن معرفتك بقوانين مورفي لن تساعدك في شيء!
المصادر: