فيزياء الرقص: ودي يبقى اسمها فيزيا برضه يا راجل؟
كتب: أحمد حسين
أظن كلمة الرقص حاليًا بتبعث في مخيلة كل شخص فينا برسالة بصرية معينة، يعني مثلًا في ناس هييجي في دماغهم الرسالة البصرية لصافيناز/صوفينار وهي بترقص على أغنية على رمش عيونها، وفي ناس هييجي في دماغهم صورة سعاد حُسني وهي بترقص بحزن في خلي بالك من زوزو، في ناس هييجي في دماغهم صورة فرق الرقص الأمريكية، أو مثلًا صورة بالية بحيرة البجع، بس على رأي المعلم سلطان السكّري، بالية؟ هو ده برضه رقص يا راجل؟ 😀
بس إحنا بنتكلم عن الرقص بشكل عام، الرقص بكل أشكاله، التعبير الحركي الجسدي المتناغم مع الموسيقى _كلام كبير ده_ وعلاقته بالفيزياء، إيه اللي ممكن يكون رابط مشترك بين الفيزياء والرقص؟ في حاجة اسمها فيزياء الرقص فعلًا؟ الحقيقة وباختصار، أيوة فيه، بس إزاي بالظبط ده اللي هنحاول نعرفه.
الرقص، في أفضل حالاته، يبان للجميع على إنه مجرد حركات لا إرادية مع الموسيقى وخلاص، بس لأساتذة الفيزياء المهتمين بالرقص، الموضوع بيكون فيه انحناءات مضادة للجاذبية، ونقاط التفاف لها قطر دائري مُعيّن، وانطلاق له قوة دفع قوية. والشخص اللي بيرقص المفروض يكون عارف مبدأ ميكانيكا الحركة علشان يقدروا ينفذوا الحركات صح.
الشغلانة دي مش محتاجة ليونة محتاجة جاذبية
يعني مثلًا، القوة اللي بتأثر على الراقص بشكل أساسي هي قوة الجاذبية، واللي بتعمل علاقة شد وجذب بينه وبين الأرض. طيب، القوة اللي بتأثر على الراقص، بتتأثر بالضرورة باتجاه وقوة الجاذبية تمام؟ فعشان راقصة البالية تقدر تتزّن على صوابعها، ده معناه إنها لازم تُطلق قوة مُعاكسة لقوة الجاذبية وفي نفس اتجاهها بالظبط، ساعة ماتقدر بقى تُتقن الموضوع ده، هتبقى قادرة بكل بساطة تقف على صوابعها وتتحرك زي ما بنشوف في حفلات البالية.
أو مثلًا، يكون _الراقص/الراقصة_ على علم بمبادئ الحركة. يعني لما يكون عايز يعمل أكتر من حركة رقص في اتجاه واحد، لازم يكون عارف إنه كده بيخلق زخم (Momentum)، والزخم ده هو حاصل ضرب كتلة الجسم (Mass) في سرعته (Velocity).
أيوه يعني إيه اللي هيأثر عليه لو مش عارف موضوع الزخم ده؟ ببساطة لو مش متدرّب كويس ولا عنده القوة العضلية اللي تستحمل هيقع ويتكفي على وشه. ولو عرف بقى، ساعتها هيبقى قادر يدرك امتى يعمل الحركة الفلانية، أو امتى يلف في الهوا وهو بيجري من غير ما يقع لأنه عرف يظبط عزم الدوران (Torque) مع القصور الذاتي _أو مقاومة الجسم الساكن_ (Inertia).
لغز الـ32 لفة بتوع بحيرة البجع
الكلام ده كله بيتحقق بالظبط في رقصة بحيرة البجع الشهيرة. في الرقصة المفروض إن راقصة البالية بتقف على صوابع رجل واحدة، وبتبدأ تلف لحد ما توصل عدد لفاتها لـ 32 لفة، وده يُعتبر عدد كبير جدًا، طيب إيه اللي بيحصل بقى؟ تعالوا نشرح الموضوع واحدة واحدة.
الراقصة بتبدأ ترتكز على صوابع رجلها، وبعدين بتضرب برجلها التانية في الهوا وتلف، بس مش طبيعي لو فضلت على الوضع ده إنها تلف 32 مرة، بالتأكيد هتقف أو هتقع. اللي بيخليها تلف كده، هي إنها عملت تلات حاجات:
– أولًا: ظبطت وقفتها على اتجاه الجاذبية، وبالتالي ظبطت قوة دفعها عكس اتجاه الجاذبية
– ثانيًا: وهي بتلف بتفرد دراعها، وده بيخليها تتوازن بشكل أفضل
– ثالثًا: بتقف لمدة ثانية تنزّل كعب رجلها يلمس الأرض وتضرب برجلها التانية في الهوا وبعدين ترجع تلف تاني، بتعمل كده ليه بقى؟ بتعمل كده علشان تحافظ على عزم الدوران، فماتقفش أو تقع أو يحصل لها أي حاجة تبوّظ بيها الرقصة.
الموضوع مش سهل خالص، إنت عارف يعني إيه راقص مايعرفش يظبط عزم الدوران؟ كارثة! أيوة يعني، هل ده معناه إن كل راقصة بالية مثلًا، لازم تبقى دارسة فيزياء؟ الحقيقة لأ، الموضوع ببساطة بيجي عن طريق التدريب المستمر زيّه زي أي شيء، بس مش ده المقصود، المقصود هنا إن الفيزياء أم العلوم فعلًا، وإن العلاقة بين كل الأشياء في الطبيعة بتمس الفيزياء بشكل أو بأخر.
يعني بعد كده لما نشوف صافيناز/صوفينار أو دينا أو آلا كوشنير، خليك عارف إن الشغلانة دي مش محتاجة ليونة بس، دي محتاجة علم بمبادئ وأساسيات الميكانيكا والفيزياء والجاذبية وكده.
المصادر: livestrong uiuc TED-Ed