عن النسبة الذهبية وسر انجذابنا لمارلين مونرو!
كتب: أحمد حسين
في إحدى محاضرات التنمية البشرية اللي كنت بحضرها – الحمد لله الذي عافانا- علشان أكون أكثر ثقة في نفسي – وده كان عنوان المحاضرة المفروض-، خرجت الحقيقة من المحاضرة دي مش واثق من نفسي أكتر، والسبب كان إنه في نص المحاضرة كده مدربة التنمية البشرية اللي كانت بتكلمنا عن الثقة قررت إنها تطلّع كل واحد مننا قدام الباقيين علشان يحكي قصة أو موضوع، أي حاجة تيجي في دماغه المفروض يكلمنا عنها.
طبعًا كان المفروض إنه في الأول الموضوع اختياري، ولما كلنا رفضنا نتكلم بطبيعة الحال يعني المحاضرة كلها ناس عايزة تزوّد ثقتها بنفسها، قررت هي تختار مننا ناس يطلعوا يتكلموا، طبعًا طلع أكتر من شخص اتلخبطوا وماعرفوش يتكلموا أوي، ومفيش غير بنت واحدة قدرت إنها تتكلم كويس إلى حدٍ كبير وتشرح موضوعها اللي كان بيدور حوالين «النسبة الذهبية»، ودي كانت أول مرة أسمع عن المُصطلح ده تقريبًا.
هي إيه النسبة الذهبية دي؟
رياضيًا هي مجموع قيمتين عدديتين الأكبر بينهم بتساوي النسبة بين أكبر العددين والأصغر بينهم. تقول لي إيه الكلام الملخبط ده! أنا مافهمتش حاجة.
أبسطها لك، تخيل إن في خط وليكن اسمه (أ).. اشمعنى (أ) يعني؟ هو اسمه كده.. المهم الخط ده متقسّم جزئين واحد أكبر من التاني، الكبير اسمه (ب) والصغير اسمه (ج)، لو كانت نسبة (ب) على (ج) بتساوي نسبة (أ) على (ب)، يبقى ده معناه إن الخط ده بيُمثّل النسبة الذهبية واللي بنرمز لها بالرمز الإغريقي (فاي – φ) واللي بتساوي 1.618 كرقم.
طيب جات منين النسبة دي؟
سنة 1202 عالم رياضيات إيطالي اسمه «ليوناردو بيسانو» واللي معروف باسم «فيبوناتشي»، سأل سؤال كده وحاول يجاوب عليه، والسؤال كان كام زوج من الأرانب ممكن يُنتج عن طريق تزاوج زوج واحد بس من الأرانب خلال سنة واحدة؟ وفضل يحاول يلاقي إجابة لحد ما ابتكر المتتالية اللي أُطلق عليها اسم «متتالية فيبوناتشي»، المتتالية دي ليها نسق واضح وهو إن كل عدد بيُضاف على اللي قبله بينتج الرقم اللي بعده، يعني إيه الكلام ده؟ يعني 1 + 1 هيساوي 2 و2 + 1 هيساوا 3 وهكذا، لحد ما اصبحت المتتالية (1، 1، 2، 3، 5، 8، 13، 21، 34، 55، 89، 144) وهكذا إلى ما لا نهاية.
إيه علاقة ده كله بالنسبة الذهبية بقى؟ علاقته إن النسبة بين الأرقام دي كلها بتساوي 1.618 اللي هو رقم النسبة الذهبية. تقريبًا أول واحد أشار لها بعد فيبوناتشي كان ليوناردو دافنشي، واستخدمها بالفعل في رسم بعض رسوماته، أشهرها طبعًا الموناليزا ولوحة الرجل الفيتروفي اللي شرح فيها دافنشي أنساب جسم الإنسان.
«أدريان بيجان»، أستاذ الهندسة الميكانيكية في كلية ديوك برات للهندسة، قال إن السبب في وجود النسبة الذهبية في كل مكان وتفضيل الناس ليها واعتبارها جزء من الجمال، إن العين تقدر تفحص الأشكال بصورة أسرع بكتير لما بتكون مبنية على النسبة الذهبية، بمعنى إن التصميم الطبيعي للبشر والحيوانات بيربط الرؤية والإدراك بنظرية تُسمى تدفق الأنظمة، من الشعب الهوائية في الرئتين لتشكيل الأنهار والبحار، وكل ده بيتطوّر حسب منظومة واحدة، وده قانون كتبه بيجان سنة 1996 باسم «قانون البناء».
طبعًا الكلام ده مش معناه إننا هنلاقي النسبة الذهبية في كل الحيوانات والنباتات والبشر، يعني مش فين ما تبص في الطبيعة هتلاقي أرقام النسبة الذهبية محفورة في كل مكان، أبعاد وأنساب كل شيء مختلفة، والتباين الحسابي بينهم واسع جدًا، لكن كل ما كان الشيء نسبه أقرب للنسبة الذهبية كل ما كان أكثر أُلفة على العين، وده السبب اللي خلّى كل الحضارات القديمة تبني مبانيها وتنحت تماثيلها بشكل أقرب للنسبة دي.
لكن النظرية دي لها مُعارضين وناس مش موافقين عليها وشايفين إن الجمال نسبي، ومش بالضرورة كل الأشياء اللي تكون أقرب للنسبة الذهبية دي تكون شكلها جميل، وكل الأشياء اللي تكون أبعد عنها بالضرورة تكون وحشة. جون ألين باولوس، باحث في الرياضيات في جامعة تمبل بيقول إن موضوع الجمال ده صُدفة، وعلاقته بالنسبة الذهبية شيء مالوش أي أساس علمي ومايقدرش يحدد إعجاب الناس بأي حاجة أساسًا.
الكلام ده فيه شيء من المنطق، لكن النسبة الذهبية بالفعل لما بتدخل في حاجة بتكون مألوفة للعين، لذلك ممكن تشوف الحاجة بشكل أجمل شوية، وفيه بعض الأمثلة على كده، سواء في المِعمار أو في نحت التماثيل أو في السينما والتصوير، بالذات في السينما والتصوير مثلًا، فيه أفلام كتير لمخرجين زي بول توماس أندرسون وستانلي كوبريك ظاهر وواضح فيهم استخدامهم للأبعاد والنِسب الخاصة بالنسبة الذهبية، ومش هما بس غيرهم ناس في كل المجالات الإبداعية بيستخدموها علشان يخلوا المشاهد والصور أكثر أُلفة للي بيتفرج عليها. ودي بعض من الأمثلة في مجالات مختلفة.
في التصوير:
في العمارة والمباني:
في الطبيعة:
في البشر:
(أبعاد وجه اليزابيث تايلور ومارلين مونرو تقترب من أبعاد النسبة الذهبية)
في السينما:
طبعًا بعد ما تشوف كل ده مش بالضرورة تقتنع بفكرة إن النسبة الذهبية هي سر جمال الكون، لكن على الأقل هتبقى فاهم ليه في أشياء بيبقى «خفيفة» على العين في رؤيتها.
المصادر: livescience businessinsider intmath sciencedaily howstuffworks