عن أنسنة الروبوتات: لا يا عم يفتح الله!
عدد أفلام الخيال العلمي اللي تناولت فكرة الإنسان الآلي لا حصر لها. تنوعت زاوية التناول بدايةَ من فكرة إن يكون في إنسان آلي، مرورًا بتطورات هذا الآلي وصلت لحد فين، انتهاءًا بتصوراتنا عنه في المستقبل، خاصةً إن العلم بيحصل فيه تطور جديد كل ثانية وأقل.
من أول ما قالوا صنعنا الروبوت عشان يساعد الرجل العجوز في تلبية احتياجاته اليومية، وما شابه من أغراض نبيلة لخدمة الناس والمجتمع، لحد ما تطور فكرنا الإنساني لعم الـTerminator وأخواته، ماكنش عندي مشكلة حقيقي، من منطلق لو ساعدونا يبقى خير وبركة، ولو قضوا علينا يبقى خلصونا وخلصوا الكوكب والكواكب الشقيقة من شرنا!
لكن المشكلة ظهرت، أول ما نوعية معينة من الأفلام لعبت في منطقة الإنسانيات، ابتديت أحس بخطر كده يا جماعة، واتوغوشت خالص الحقيقة!
ولأكن أكثر وضوحًا خلوني أجيب لكم الموضوع من الأول. شوفوا أنا واحدة كنت متأثرة بقصة الحب اللي بين Wall-E والعزيزة إيفا، وشايفاها حاجة عظيمة. كما كنت متشوقة جدًا وأنا بتابع العلاقة اللي بتجمع بين ”فرانك“ العجوز المتقاعد و”روبوت“، مدبر منزل فرانك افتراضيًا، وشريكه في الجريمة فعليًا.
ولا يُخفى عليكم تعاطفي مع Big Hero، اللي كنت شايفاه بطل حقيقي، واللي أثبت إن الاهتمام والحب الحقيقيين يعني التضحية عشان اللي بنحبهم. أما في الفيلم الرائع Artificial Intelligence، أعتقد إن أنا وغيري كتير تمنينا بكل ما فينا إن الكائنات الفضائية أو أيًا من كانوا، اللي جم بعد ما الإنسان والآلة خلصوا على بعض، يرجّعوا لـ ”ديفيد“ _الإنسان الآلي الطفل_ من يفترض إنها أمه البشرية، ويعيشوا مع بعض للأبد مش بس ليوم واحد!
لحد ما خبطت في فيلم Her إنتاج 2013، كلكم أكيد شفتوه وحبيتوه زيي تمام، بس أنا زيادة عليكم كنت مرعوبة من الفكرة نفسها في المطلق، وإزاي اتقدمت بطريقة حقيقية كده، بائسة كده ومخيفة كده، اللي هو يعني إيه ”ثيودور“ يقع في حب نظام تشغيل، بل إن حياته اليومية تتوقف عليها نظرًا إنه اختار نظام التشغيل يكون أنثى، واختار لها اسم ”سامانتا“. كان مرعب في الفيلم إظهار قد إيه روحنا تعاني من حالة خواء، لدرجة إن نظام تشغيل ذكي بيكون بديل عن إنسان طبيعي أحبه، ولأ ده كمان بيطور مهاراته ومشاعره! يعني مش مجرد إنسان آلي مبرمج وعنده القدرة إنه يطور من مهارات الذكاء عنده، لكنه قادر إنه يحب ويكره ويزعل ويفرح ..
على تيمة مشابهة قدم فيلم Ex Machina، اللي تم إنتاجه في 2015، فكرة الروبوت اللي صُمم بأعقد أساليب الذكاء الاصطناعي، حيث عمد أحد المبرمجين ”ناثان“ إلى صنع روبوت، واللي اختار إنها تكون أنثى برضه، بوعي حقيقي كالبشر، مش مجرد إدراك بيشتغل وفق برمجة تقليدية، وعي كان بإمكانه إنه يخلي ”إيف“ الروبوت تتلاعب ببطلي الفيلم ”ناثان“ المبرمج، و”كاليب“ العالم اللي بيجري عليها الاختبارات، وتتخلص منهم في النهاية!
من كام سنة لما اتفرجنا على فيلم Lars and The Real Girl، تعاملنا مع لارس _رايان جوسلينج_ إنه شخص غير طبيعي، عنده مشكلة نفسية قادته لتوهم علاقة مع عروسة اشتراها من على الإنترنت، وخلق لها عالم كامل، يعني تخيلوا هذا المسمسم الكيوت أخر حاجة، كان عنده مشكلة حقيقية في إنه يحب ويتحب بشكل طبيعي!
ومع خوض رحلة العرايس اللي بتتباع على الإنترنت، دخلت في تجربة أخرى قميئة ومش لطيفة على الإطلاق من خلال الفيلم الياباني Air-Doll، واللي بيدور حول الـsex dolls ، نوع آخر من العلاقات اللي بتقوم بين شخص يبدو في كامل قواه العقلية وهو بيتكلم قدامك، وبيمارس حياته وينزل كل يوم شغله وياكل ويشرب إلخ، لكن أخر الليل مش بينام على السرير وجنبه مراته أو حتى أي بيني آدمة _على رأي اللمبي_، لأ بينام جنبه عروسة مطاط، أساس استخدامها لأغراض جنسية، لكن منهم اللي بيتطور معاه الأمر إن العروسة دي بتكون رفيقة سكن وحياة لمدة لا بأس بها، إلا لو نزل منها version أحدث! جدير بالذكر إن نسبة المواليد في اليابان وغيرها من البلاد المنتشر فيها الصناعة الغريبة من نوعها دي في تناقص مستمر، وده بيهدد الأمة دي بحالة عجز نظرًا لقلة عدد المواليد وبالتالي الشباب عندهم.
كل الصناعات المتطورة والتطبيقات التكنولوجية دي كانت مرعبة بالنسبة لي، وهي في طور التخيل جوه فيلم، أو البعض منها اللي بقى حقيقة على أرض الواقع! أخر محطة في الرحلة المرعبة دي وصلتها من كام يوم، وأنا بشوف فيديو على قناة ”Sci –Show“ ، بيعرضوا فيه أخر ما توصل له العلماء في إحدى جامعات سنغافورة، ألا وهي ”نادين“!
نادين روبوتة لطيفة، صممت لتكون أقرب ما تكون لهيئة البشر بشعر حقيقي، وجلد طبيعي، ليها القدرة على التواصل معاك زيها زيك، بتكون فكرة عنك من خلال لغة جسدك وتعبيرات وشك، غير إنها كمان صممت بشكل ما يخليها تظهر لك إحساسها بالفرح والحزن أو الحيرة وغيره من خلال تواصلك معاها، كما إنها حساسة للمس من خلال مادة معينة تشبه الجلد مصممة بتقنية معينة.
تقنية صنع نادين قائمة على الذكاء الاصطناعي كغيرها، عندنا العزيزة ”Siri“ واحدة من تطبيقات شركة ”أبل“ كمثال، وغيرها من تطبيقات متحدثة بتسألها وترد عليك، تنظم لك جدولك، تقدم لك اقتراحات إلخ، سكرتيرة عبر الأثير بمعنى آخر. وكلهم عندهم القدرة إنهم يتعلموا ويطوروا من مهاراتهم بمرور الوقت.
في أخر الفيديو المذيع قال إن رد فعلنا واستجابتنا عاطفيًا بتكون أعلى لما هو بشري، وإنه بسبب وادي عظيم لحد دلوقتي بيتوه فيه العلماء والمصنعين اسمه الـ”Uncanny Valley“، عمرنا ما هنستجيب بصورة كاملة مع نادين وغيرها من الروبوتات، لأن رغم قدرتهم على إنهم يبدو في هيئة بشرية ممتازة، إلا إنهم على مستوى الحركة مش بيقدروا يعملوا ده بشكل طبيعي. يعني أنت كإنسان عادي، وانت قاعد قدام “نادين” أول ما هي تتحرك أو تحرك مثلا إيديها، هتحس إن في حاجة غلط، إيه هيّ مش بالضرورة تكون عارف، بس الحاجة دي كفيلة إنها تشعرك إنك قدام شئ مخيف كفاية إنك تجري يا مجدي، وفقا لتعليمات المذيع!
بالنسبة لي الموضوع يتلخص في إني مؤمنة إن التجارب والمحاولات دي كلها هامة في إثراء البشرية وخدمتها، لكن في أوقات معينة الإنسان بيخيل له إنه ملك الأرض وما عليها، إنه قادر على الخلق بشكل كامل، في الوقت نفسه اللي بيكون من الهشاشة والبؤس إنه يتورط عاطفيا مع اللي صنعه، اللي هو متيقن تمامًا إنه مش بشر زيه، ولكنه أصبح يحل محلهم عنده. أحيانًا بحس إننا بنغفل حقيقة إن حقيقتنا وحريتنا تنبع من تواصلنا البشري، وإننا في غنى عن وجود روبوتات مانقدرش نفرق بينها وبين الناس العادية اللي ماشية في الشارع، وإن ”ما هو خارج اللُحمة الإنسانية لا يعد سوى سجن من نوع آخر“، كما اقتبس من أحد أصدقائي.