.
نوّرها

حبوب السعادة: «الأكسسة» علاجًا في المستقبل القريب!

كتبت: مها طـه

وقت عرض فيلم “مرجان أحمد مرجان” في السنيما كنت أنا في ثانوية عامة، وبالطبع بعد دوشة الامتحانات وظهور النتيجة، رحت أتفرج على الفيلم كنوع من الترفيه وبهدف الضحك، وخرجت من الفيلم _كعادتي_ معلمة معايا شوية مشاهد وجزء من الحوار. فاكرة كويس جدًا إني ضحكت أوي على هيثم دبور (أحمد مكي)، وبالذات المشهد اللي بيكونوا قاعدين فيه في نايت كلوب وفجاة بنت قاعدة معاهم بتتنفض، فبيقول لمرجان (عادل إمام) «مأكسسة»، وبعدها على طول بيتنفض هو وبيقول «مأكسس»، وبعدين بتبدأ البهجة تعم المكان وكلهم يبقوا مأكسسين.

حبوب السعادة
أحمد مكي وعادل إمام من فيلم “مرجان أحمد مرجان”

حبوب السعادة .. إديني شوية سيراتونين

اعتقادي وقت ما سمعت الكلمة دي، إنها زي كلمة مهيس أو ما شابه، لكن الحقيقة اتضح ليا بعد كدة إن لفظ مأكسس جاي من كلمة «إكساستي» وده نوع من الحبوب الكيميائية المخدرة واللي بتتسمى أحيانًا حبوب السعادة أو حبوب النشوة.

علميًا مادة (3,4 methylenedioxy –N-methylamphetalmine) أو الـMDMA هي مادة كيميائية  بيتم أخذها في شكل حبوب، واللي المفروض تكون مادة كيميائية خالصة، لكن «الإكستاسي» في الحقيقة هي مادة الـMDMA مضاف ليها بعض الإضافات التانية زي الأمفيتامين والكافيين.

مادة الـMDMA في شكلها الخام بتؤثر بشكل أساسي على النواقل العصبية في المخ. النواقل العصبية هي مواد كيميائية اللي بتقوم بتوصيل الإشارات العصبية ما بين الخلايا العصبية، وفي نفس الوقت بتتحكم في أشياء تانية، زي ردود الأفعال والمشاعر والذاكرة.

المادة دي بتشتغل تحديدًا على الناقل العصبي (السيراتونين)، وده اللي بيتحكم في الشهية والنوم والذاكرة والتعلُم وفي الحالة دي كمان المزاج. لما بيحصل حدث حلو أو سعيد في حياتك زي مثلًا إنك تحس بالحب، بيندفع السيراتونين في الخلايا العصبية، وده اللي بيحفز جسمك ويخليك تحس بالسعادة، وده نفسه اللي بيحصل لما تاخد حبوب السعادة وتبقى مأكسس.

اعرف أكتر| كلنا عاوزين سعادة.. بس إيه هي السعادة؟

الأهم بقى إنها مش بس بتحفز الخلايا لإفراز السيراتونين وبكميات كبيرة، لكن كمان بيحفز إفراز نواقل عصبية تانية زي الدوبامين والنورأدرينالين، ودول كلهم مع بعض هما اللي خلوا دبور يصرخ ويقول إنه مأكسس ، وكأن في صاروخ مولع في دماغه.

إحساس إنك مأكسس بالإضافة لإنه بيزود الإحساس بالسعادة فهو كمان بيزود من العاطفية وبيقلل القدرة على النوم، وده السبب في إنه بيتاخد في أماكن الحفلات الصاخبة واللي غالبًا بيكون جمهورها معظمه من الشباب الصغيرين، اللي حابيين يعيشوا كل حاجة لأقصاها للـ(إكستريم).

الآثار الجانبية لتعاطي حبوب السعادة

بيستمر تأثير الـMDMA لمدة تتراوح بين 3 و8 ساعات، لحد ما يقدر المخ يستوعب كل كميات السيراتونين دي ويفككها كيميائيًا. المشكلة بقى بتكمُن في إن الـMDMA بيخلي الجسم ينتج كميات كبيرة من السيراتونين _أكتر من الطبيعي_، فالجسم كمان بيبدأ يتأقلم على الكمية الجديدة، ويحرق أكتر، وده معناه إن وظائف المخ لما ترجع للحالة الطبيعية، حضرتك هتحس إن السيراتونين الطبيعي ده أقل من اللي مخك محتاجه عشان يتفاعل مع الأحداث الطبيعية من حواليك.

حبوب السعادة

المشكلة الناتجة عن الإحساس ده، هو إن الـMDMA زيها زي باقي أنواع المخدرات، هتخليك تحتاج للجرعة الزيادة عشان تعرف تتعامل عادي، وبعدها هتحتاج تزود الجرعات دي أكتر عشان طبيعي مخك هيكون اتعود على الجرعة القديمة وهكذا.

الآثار الجانبية لتعاطي حبوب النشوة الـMDMA ممكن تكون الاحساس بتعكر المزاج، والاحساس بالاكتئاب على فترات، زيادة الحساسية تجاه الأمور، ده غير الشعور الدائم بالإجهاد والتعب.

اعرف أكتر| السعادة والاكتئاب: نفس الجينات لكن التأثير مختلف

الغريب بقى إنه وعلى الرغم من الآثار الجانبية لإنك تبقى مأكسس وتتعاطى الـMDMA، إلا إنه تم دراسة استخدامه كعلاج مهم لحالات اضطراب ما بعد الصدمة والقلق المفرط.

المصابين باضطراب ما بعد الصدمة تحديدًا بيعانوا من نقص في الاتصال العصبي ما بين منطقتي اللوزة – Amygdala والحُصين –hippocampus ، واللي أظهرت الأشعة المقطعية على المخ إن استخدام مادة الـMDMA له أكبر تأثير على استعادة الاتصال بينها.

العلاج بالـMDMA يُعتبر من الأمور المثيرة للجدل، حيث أظهرت مجموعة من الدراسات اللي تم إجرائها على الفئران والقرود، إن كميات صغيرة من MDMA مش بس ممكن تدمر النهايات العصبية للخلايا الموجودة في المخ والمسئولة عن إفراز السيراتونين، لكن كمان ممكن تؤدي لتلف كامل في المخ.

حبوب السعادة كعلاج للصدمة 

وعلى الرغم من التجارب دي، إلا إن العلماء كملوا في تجاربهم على مادة الـMDMA لبحث إمكانية استخدامها كعلاج لاضطراب ما بعد الصدمة، ومش بس كدة دول تخطوا المرحلة الأولى من التجارب، ودخلوا على المرحلة التانية اللي بتتضمن مجموعات قليلة من البشر، وبالفعل كانت النتايج مُبشرة.

التطور الأخير في الموضوع ده، كان في القرار اللي اعتبره البعض تاريخيًا، واللي منحت فيه إدارة الأغذية الأدوية الأمريكية (FDA) الضوء الأخضر للعلماء عشان يقوموا بالتجارب السريرية على المادة دي، ودي المرحلة التالتة والأخيرة اللي بيمر بيها أي علاج جديد، عشان يتم إقرار استخدامه والسماح بيه للمرضى. ممكن تشوفوا الخبر من هنا

في حالة استمرار النتائج الإيجابية للتجارب العلاجية بالـMDMA، ممكن المادة دي تتحول من مخدر بيُستخدم عشان تبقى مأكسس ، لعلاج حقيقي بيصفوه الأطباء النفسيين بجانب جلسات العلاج التقليدية لكتير من المرضى اللي بيعانوا من اضطرابات عقلية خطيرة زي اضطراب ما بعد الصدمة، وده ممكن يحصل بحلول عام 2021.


المصادر: drugabuse  publications  dancesafe  fusion  drugfreeworld  drugpolicy  rcpsych  maps

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى