اشمعنى «نيون».. ليه مش شجرة العلم المباركة مثلًا؟
كتبت: يارا كمال
لما مامت «نيون» ولدته، سألوها هتسميه إيه؟ المهم هي قررت إنها هتسميه «نيون». يا ستي يهديكي يرضيكي، العيال هيتريقوا عليه لما يكبر، وهي راسها وألف سيف أبدًا، لازم «نيون». المهم جدوده سألوها اشمعنا الاسم ده يعني، فقالت لهم عشان يبقى منوّر كده زي اللمبة النيون 😀
في الحقيقة، الست تعرف أكتر عن غاز النيون، بس محبتش تدخلهم في متاهات، مع ذلك الكلام ماكلش معاهم. مش لو كانت قالت لهم إن «نيون» ده اسم واحد من جبال الأوليمب أو نهر في الجنة، مش كانوا وافقوا على الاسم فورًا. اشمعنا يعني البنات اللي هنسميهم أسامي غريبة. ولولا ستر ربنا الموضوع كان هيوصل للمحاكم وقضايا ضم وبلاوي سودة بس ربنا ستر يعني وولاد الحلال اتدخلوا.
المهم «نيون» لما كبر، اكتشف إن اسمه فعلًا غريب وإن الناس بتستغربه، فراح لأمه وسألها: «اشمعنا الاسم ده يا ماما؟»، فقعدت تشرح له.
النيون بينتمي لشلة عناصر برنسة جدًا في نفسها اسمها الغازات النبيلة أو الخاملة، واللي بتتكون من ست غازات بس. موجودين في أقصى اليمين في الجدول الدوري. الغازات دي بيتقال عليها خاملة لإنها قليل جدًا لما بتتفاعل مع عنصر تاني، وده بسبب إنها مش محتاجة لحد لإن بطنها شبعانة وعينها مليانة، لإن غلاف التكافؤ عندها (المدار الأخير اللي بيحصل فيه تبادل الإلكترونات) كامل العدد، يعني مكتفي بالإلكترونات اللي فيه وباتالي مش هيحتاج حد يديله حاجة ولا ياخد منه حاجة.
عشان كده تلاقي مركبات قليلة جدًا اللي بتتكون من الغازات الخاملة. عندك النيون، تحت ظروف معملية معينة، ممكن يكوّن مركّب مع الفلورين، بس غير كده ماتلاقيش. النيون غاز مالوش لا طعم ولا ريحة، زيه زي بقية الغازات الخاملة، اللي هما الهليوم والكربتون والزينون والأرجون والرادون.
النيون اسمه مشتق من الكلمة اليونانية «neos» بمعنى جديد. أول مرة اتفصل فيها الغاز ده كانت سنة 1898 وده على إيد «وليام رامزي» و«موريس ترافرز»، واللي كانوا مشغولين باكتشاف الغازات الخاملة عن طريق تبخير الهواء السائل. وبدأوا الأول بالأرجون السائل، واللي لما اتخبر، طلع لنا الكريبتون.
لما جربوا بقى يستخدموا الأرجون المتجمد ويبخروه تحت ضغط منخفض جدًا، طلع لنا النيون. (يعني لو «نيون» كان سأل مامته أنا جيت الدنيا إزاي، كانت هتقول له بمنتهى الأريحية بخّرنا أرجون متجمد، طلعت انت يا حبيبي).
الاستخدام الأكثر شيوعًا للنيون كان يفط الإعلانات زي اللي ظاهرة في الصورة دي من فيلم «الحريف». المهندس الفرنسي «جورج كلود» هو اللي اخترع أنوار النيون سنة 1902. الضوء ده بيطلع نتيجة مرور الكهرباء على النيون أو الأرجون في أنبوبة زجاجية مغلقة. الأرجون هو اللي بيعمل الضوء الأزرق لما بتمر فيه الكهربا، والنيون بيعمل ضوء برتقاني محمر كده.
طب إزاي النيون والأرجون بينوروا؟
في اللمبة النيون، الأقطاب الكهربائية في كل ناحية من الأنبوبة الزجاجية بتكون مليانة غاز النيون أو الأرجون وبتتوصل بالتيار المتردد. الشحنة في كل قطب بتتردد بين الموجب والسالب خمسين مرة في الثانية. الإلكترونات الحرة في الأنبوبة محكمة الغلق بتكون شحنتها سالبة، وبالتالي بتنجذب ناحية القطب الموجب. في الحركة دي، الإلكترونات بتخبط جزيئات النيون والأرجون وبتخبط معاها إلكترونات أكتر.
فقدان الإلكترونات بيخلي جزيئات الغاز تبقى شحنتها موجبة. والجزيئات بتحاول ترجع لحالتها الحيادية أو المتعادلة، وبالتالي بتقبض على الإلكترونات عشان ده يحصل، ومن هنا بيصدر الضوء. طبعًا الألوان المختلفة للمبات النيون زي الأخضر والأصفر والبنفسجي مرتبطة بلون الأنبوبة الإزاز ومساحيق الطلاء الفلورسنت اللي ممكن يتعمل بيها الإزاز.
النيون كمان في حالته السائلة ليه 3 أضعاف قدرة التبريد بتاع الهيدروجين السائل، و40 ضعف قدرة الهيليوم السائل، وده بيخلي النيون مبرد مهم في التبريد الفائق (cryogenics)، وبالتالي ممكن يُستخدم في تجميد الجثث على أمل إعادة إحياءها عند ظهور تقنيات طبية جديدة تعالج الحالة المرضية (cryonics).
دلوقتي النيون بيستخدم في صناعة ليزر هيليوم – نيون، واللي بيعتبر مش غالي نسبيًا. الشحنة الكهربائية بتثير النيون، فذراته بتصدر ضوء وهي بتحاول ترجع لحالتها المتعادلة. المرايات بتركّز الضوء وتخليه شعاع ليزر. ليزر هيليوم – نيون بيستخدم في قراية الباركود (زي اللي في السوبرماركت ده) وفي قراية السيديهات وفي التطبيقات الطبية زي عمليات العين اللي بتتعمل بالليزر وتحليل خلايا الدم، ده غير إنهم بيستخدموه في البحث العلمي.
من الآخر، أم «نيون» قالت له إنها عايزاه يبقى زي النيون، منير ومفيد للي حواليه ودافي زي لونه، ومايبقاش محتاج حاجة من حد، من الآخر برنس في نفسه.
المصادر: livescience nature lanl ncbi bbc