النرجسية: أنا علي بيه مظهر يا حمار!
كتب: أحمد حسين
في منتصف السبعينات تقريبًا، محمد صبحي عمل مسرحية مشهورة جدًا واتحولت لفيلمه في منتصف التمانينات ”علي بيه مظهر“، واللي كان عامل فيها دور شخصية نرجسية بمعنى إنه كان بيحب نفسه جدًا، وشايف إنه هيبقى ”هوب.. فوق“ ومعاه فلوس كتير جدًا في يوم من الأيام.
قصة النرجسية دي بدأت منين؟
كان في أسطورة بتقول إنه قديمًا في واحد اسمه نركسوس أو نرجس (على اسم الوردة) كان في بحث دائم عن الحب، نركسوس كان شخص وسيم جدًا لدرجة إنه لما شاف انعكاسه في النهر حب نفسه جدًا، وماقدرش يقاوم الحب ده خالص، لحد ما جيه في مره وغرق في النهر، ونبتت مكانه زهرة واللي أطلقوا عليها فيما بعد زهرة النرجس.
الأسطورة بترسم الخطوط العريضة لفكرة النرجسية أو حب الذات بشكل مرضي، يعني الشخص النرجسي بيكون شخص ذو ذات متضخمة جدًا لدرجة إنه بيشوف كل اللي حواليه أقل منه بشكلٍ ما، بيحس إنه أكثر وسامة وذكاءًا وأهمية من كل الناس، فهو من وجهة نظره يستحق معاملة أفضل من البشر كلهم بشكل عام.
علماء النفس والأطباء النفسيين قسّموا الإصابة بالنرجسية لنوعين، نوع يطلق عليه ”النرجسية الفخمة – Grandiose narcissism“، والنوع التاني يطلق عليه ”النرجسية الضعيفة – Vulnerable narcissism“. النرجسية الفخمة هو النوع الأشهر بينهم، الشخصية المصابة بالنرجسية الفخمة بيكون ليها عدة صفات، غالبًا بتكون شخصية مُنفتحة مش انطوائية، ومهيمنة ومحبة للسيطرة بشكل مرضي وكمان في طلب دائم وسعي لجذب الانتباه (Attention seekers).
الشخصية النرجسية الفخمة غالبًا بتدور على القوة والسُلطة والمال، مثلث الهيمنة في العالم. يعني ممكن تلاقي معظم السياسيين والفنانين والزعماء شخصيات نرجسية، طبعًا ده مش تعميم ومش شرط كل شخص بيعمل حاجة من دول لازم يكون نرجسي، في ناس بيكونوا عاوزين يوصلوا لحلمهم أو يحاولوا يخلوا حياة البشر أفضل. يعني بشكل أوضح، لو في لاعب نرجسي بيلعب في فريق كورة أو أي لعبة جماعية، هتلاقيه همه دائمًا على نفسه وعلى ألقابه الشخصية، مش على الفريق ككل.
أما النوع التاني ”النرجسية الضعيفة“ نوع مش منتشر بين البشر، وغير كده الشخص المصاب بالنوع ده بيكون هادئ ومش منفتح زي الشخصية النرجسية الفخمة، بس بيكون برضه دائمًا نفسه يبقى هو اللي في المقدمة ويطلع الأول في كل حاجة، ولو في مره حس إن في تهديد لمركزه ده بيُظهر على طول الجانب المُظلم منه.
عمومًا، الشخص النرجسي دائمًا بيظهر جانبه المظلم ده، فلو كان قائد أحد المجموعات شخص نرجسي، فغالبًا هيصدر قرارات أنانية جدًا وتفيده هو بس ومش هيهتم لمصلحة المجموعة. وكذلك شريك الحياة النرجسي، ممكن جدًا يكون غير صادق وغير مخلص لشريكه بسبب أنانيته المفرطة. المشكلة كمان إنهم لما بيحسوا بالتهديد في أي حاجة بيتمنوها، بيحولوا حياة كل الأشخاص اللي حواليهم لجحيم.
أما الجحيم الفعلي، فهتلاقيه في الشخص المُصاب بـ”اضطراب الشخصية النرجسية – Narcissistic personality disorder“، الأشخاص دول عددهم قليل، حوالي 2% من تعداد سُكان الكرة الأرضية، ومعظمهم رجالة. المرض ده بيتم تشخصيه في البالغين، لآن الأطفال بيكون فيهم شيء من الأنانية والإحساس العالي بالذات لكن ده بيكون جزء طبيعي من النمو، المشكلة لما الشخص يكبر وبيفضل يتعامل بعقلية الأطفال الأنانية.
الشخصية اللي عندها اضطراب النرجسية، بتكون ليها صفات مُحددة برضه، زي مثلًا إنه بيكون عنده مشاكل مع التعاطف مع أي شخص غيره، أو بيكون شايف إنه هو بس اللي يستحق التقدير والاحترام عكس البشر كلهم، وهو مش بيكون شايف كده وبس، لأ ده كمان بيطلب التقدير من البشر.
الموضوع ده طبعًا بيعمل مشاكل، يعني مثلًا، تخيل أب بيستخدم أولاده كمصدر فخر لنفسه مش هما اللي يكونوا فخر لنفسهم، أو مثلًا بدلًا من تقبل الرأي الآخر ومحاولة الاستفادة منه، بيلاقي نفسه _الشخص النرجسي_ في موضع تقييم وبيحس إنه مش في حاجة للمساعدة، وبيبدأ كل اللي حواليه إن رأيهم غلط وهو بس اللي صح.
الدراسات رجّحت إن سبب النرجسية ده ممكن يكون وراثي، بس البيئة عليها عوامل برضه، يعني الأباء اللي بيربوا أولادهم على إنهم أعظم أولاد في الكون وأحسن ناس في كل حاجة، ده بيخليهم يصابوا بالنرجسية من النوع الأول (النرجسية الفخمة). كذلك الأباء اللي بيكونوا حرصين على ولادهم جدًا ومتحكمين فيهم، ده ممكن يؤدي لإصابة أولادهم بالنوع التاني من النرجسية (النرجسية الضعيفة).
المشكلة حاليًا، إن مواقع التواصل الإجتماعي، ضاعفت احتماليات إصابة البشر بالنرجسية، وضاعفت الاحتمالية مش معناها إنها بتسبب النرجسية للبشر، هي بس معناها إنه الشخص النرجسي ممكن تزيد نرجسيته بشكل كبير جدًا بسبب مواقع التواصل الإجتماعي، فهي في النهاية بتقدم له خدمة إنه يبقى تحت الأضواء، فبيصيب النرجسي إحساس زائف بالأهمية، وهو ده اللي هو بيدوّر عليه بالظبط.
هل ممكن يتم علاج النرجسية؟ الإجابة أيوه، أي شيء ممكن يحط النرجسي في جحمه الطبيعي هيكون كويس. وغالبًا ده بيتم عن طريق الاستشارة النفسية أو المجموعات العلاجية اللي بيشرف عليها طبيب نفسي، يعني هو في النهاية موضوع قابل للعلاج.
المصادر