القلق: ولماذا طلب منّا كارنيجي أن ندعه ونبدأ الحياة؟
كتب: أحمد حسين
من أكثر الكتب مبيعًا في العالم كتاب اسمه ”دع القلق وابدأ الحياة“ للكاتب ديل كارنيجي وهو أشبه بمدربي التنمية البشرية شوية بس يعتبر من الروّاد.
المهم كارنيجي بيقول وباختصار في كتابه إن القلق ده مش أكتر من إحساس بالدوران في حلقة مفرغة، وإنه طول ما هو موجود، هيمنع الحياة بشكل أو بآخر. لذلك علينا أن ندعه ونبدأ الحياة بقى. كلام جميل، بس هل للقلق التأثير العظيم ده فعلًا؟
يعني إيه قلق؟
القلق (Anxiety) بتعرفيه البسيط هو اضطراب شديد يحدث انقباضًا في الصدر، شعور بعدم الاستقرار النفسي مصحوبًا بانزعاج وألم جسماني، شعور بعدم الطمأنينة والخوف، كالوقوف على طبقة رقيقة جدًا من الجليد، التحرّك فوقها ممكن يؤدي بيك للنزول إلى بحر مُظلم مش معروف له أول من أخر.
بالتأكيد ماحدش بيحب يكون قلقان، ماحدش بيحب احساس عدم الاتزان اللي بيخلقه القلق لكن في النهاية هو شعور ضروري جدًا في حياتنا كبشر، ولو إن كلمة ضروري تبدو غريبة لكن ده حقيقي لأنه بيعمل كمحفّز في أوقات كتير.
مثلًا، الأحداث الموتّرة بتؤدي على طول للقلق، يعني لو عندكم امتحان أو مقابلة شغل أو شغل مهم مطلوب منك أو تسليم مشروع، هتلاقي نفسك متوتر وقلقان، ده طبيعي جدًا ومحفز كمان لإنك تقدر تذاكر أكتر أو تلم معلومات أكتر عن الشيء اللي موترك ده، واللي بيكون عكسه شعور اللااكتراث أو إنك تلاقي الشخص بيقولك أنا بقى عندي لا مبالاة.
القلق في الأساس بيتم إنتاجه في منطقة في المخ اسمها ”اللوزة – Amygdala“، وهي منطقة مسئولة عن الاستجابات العاطفية. اللي بيحصل إن النواقل العصبية بتنقل إشارات للجهاز العصبي والقلب والرئتين، لذلك في أوقات القلق الشديد، بيزيد جدًا توتر الأعصاب، وبتزيد معدّلات ضربات القلب والتنفس، زائد كمان الشد العضلي وألم المعدة.
أنواع اضطرابات القلق
حاليًا في بعض الدراسات النفسية بتعتبر القلق مرض، بينما تم معارضة التوجه ده من دراسات أخرى لكن بدون تقديم ما يدعم الرفض ده، فالأدلة على اعتباره كمرض أقوى لحد دلوقتي، ولو تحوّل القلق لمرض، فله أكتر من نوع مش نوع واحد. الأنواع دي بتتنوع ما بين:
–اضطراب الهلع (Panic Disorder): والناس المصابين بهذا المرض بيكون عندهم مشاعر رعب بتضرب فجأة في المخ ودون أي سابق إنذار. وفي بعض الأعراض اللي بتدل على الاضطراب ده، زي التعرّق الشديد، واضطراب في عدد ضربات القلب، وشعور بالاختناق، أو ساعات بتوصل لنوبة قلبية.
–القلق الاجتماعي (Social Anxiety): بيطلق عليه برضه الرُهاب الاجتماعي، وبيضم بقى مجموعة لطيفة من الأعراض كده زي القلق الشديد جدًا تجاه المواقف الاجتماعية اليومية. غالبًا بيتركز القلق في النوع ده من الخوف من الحُكم عليك بشكل أو بآخر، أو بتخاف إنك تتصرف بشكل يكون مُحرج ليك أو محرج لحد معاك.
–مجموعة الرهابات المحددة (Specific Phobias): والنوع ده خاص بالمخاوف الشديدة من كائن أو حالة معينة، زي الارتفاعات والطيران وركوب العربيات مثلًا وغيرهم. في الحالة دي، بيكون مستوى الخوف في العادة أعلى كتير من بساطة المواقف نفسها.
–اضطراب القلق العام (Generalized anxiety disorder): في الحالة دي بيكون القلق مفرط وغير واقعي وموتّر على الفاضي، والمصابين بهذه الحالة ممكن يخافوا أو يقلقوا من أشياء بسيطة جدًا ومابتقلقش حد في الغالب غيرهم.
الأعراض.. وما أدراك ما الأعراض
وطبعًا كل ده مابيجيش عادي كده لأ، ده بييجي كمان مع مجموعة أعراض، ما هو مش معقول إن النواقل العصبية تبعت إشارات لكل الأعضاء دي، وتحط الجسم في حالة ”المواجهة أو الهروب – Fight or Flight“ الشهيرة، وتعلي نسبة السكر في الدم، والهرمونات تبدأ تغلي في المخ، وبعد كل ده مش عايز يحصل أعراض يعني.. صعب.
ممكن تعرف أكتر عن حالة المواجهة أو الهروب من هنا
المهم بقى إن الأعراض دي متنوعة جدًا منها: صعوبة البلع، والدوخة واضطراب ضربات القلب وصداع، وشعور بالغثيان وألم في المعدة، والتعرّق الشديد والرجفة.
تفتكر بقى الموضوع بيتوقّف لحد كده؟ أبدًا، للأسف لما الدم يفضل يسري في الجسم بكثرة، ومن غير ما يكون في سبب واضح للمخ عن الحكاية دي، بتبدأ بقى أعراض أمراض أكثر خطورة، زي قمع نظام المناعة، واضطرابات في الجهاز العضلي، وفقدان الذاكرة قصيرة المدى، وممكن توصل في النهاية للأسف لنوبة قلبية.
المشكلة الأكبر، إن القلق المفرط لو اتساب وماتعالجش، ممكن يؤدي للاكتئاب أو حتى يخلي المصاب بيه يفكر في الانتحار، علشان يتخلص من الألم النفسي والجسدي للقلق، لأن زي ما قُلت في الأول، النواقل العصبية بتوصّل إشارات إن في شيء خطر ولازم نقلق منه لأعضاء كتير في الجسم، وده بيسبب ألم رهيب. ومش بس الألم هو المشكلة، ده كمان القلق ممكن يأثر على أسلوب حياتك وشغلك وحتى على علاقتك بالناس بشكل عام.
طيب إيه الحل؟
الحقيقة في أكتر من حل:
-إنك تروح لدكتور، وده هيوفر لك الجزء بتاع العلاج البدني والنفسي، وهو الوحيد اللي هيكون قادر إنه يكتب لك دواء صح يكون مضاد للقلق، علشان يساعدك تحجّمه.
-ممكن تلعب رياضة، اتدرب كتير ويفضّل يكون يوميًا، من غير التدريبات، هتفضل هرمونات القلق (زي الكورتيزول) موجودة في الجسم لفترة طويلة. التدريب هيساعدك أولًا تفرز هرمونات سعادة زي الدوبامين، وكمان هتساعد في تحسين الجهاز المناعي.
-الأكل الصحي، يفضّل طبعًا يكون في نظام غذائي خاص، يكون متكون بالعناصر الأساسية اللي الجسم بيحتاجها، وفيه نسبة قليلة جدًا جدًا من أي حاجة تانية الجسم مايكونش محتاجها.
-ممكن تبدأ تقلل من استهلاكك للكافيين، لأن الكافيين محفز للجهاز العصبي، وبالتالي محفّز لهرمون زي الأدرينالين، وده هيخليك متوتر ومتعصب وقلقان أكتر.
-خليك مدرك تمامًا مخاوفك وأسباب قلقك، حاول تقعد كل يوم حوالي 15 دقيقة، تركز فيهم على مشاكلك ومخاوفك، علشان تقدر تتعرّف عليهم، وبعد كده ممكن تحاول تحلهم، سواء بنفسك أو بمساعدة الطبيب أو بمساعدة شخص ما يعني.
-حاول تهدى، خليك ريلاكس.
-حاول تكوّن روابط اجتماعية قوية، إحساسك بالوحدة مش هيعمل حاجة غير إنه هيزود القلق مش أكتر.
وبشكل عام يعني، لو حسيت إن عندك أي من أعراض القلق، أو حاسس إنك بتقلق بشكل مبالغ فيه، فالأفضل تستشير طبيب، علشان يقدر يوصف لك العلاج الصح، علشان تقدر تدع القلق.. وتبدأ الحياة.