الفيسبوك بيراقبك وطوب الأرض بيراقبك يا أحمد!
كتب: أحمد حسين
في أحد أيام رمضان اللي فات استضافنا صديقنا في بيته علشان نفطر مع بعض. كل واحد فينا قرر يجيب أكل على مزاجه، فقررت أجيب أكل سوري، وأنا أعز الأكل السوري جدًا الحقيقة 😀 المهم، وقفنا قدام أحد المطاعم اللي موجودة في ميدان الحُصري، وصديق من اللي كانوا واقفين معايا كلّم صديقنا التاني علشان يشوف هو وصل لفين في الطريق وإحنا قدام المطعم، وبعد شوية استلمنا الأكل وروحنا بيت صديقنا اللي مُستضيفنا عنده.
لحد هنا والقصة عادية جدًا ومفيهاش شيء يتحكي. بعد شوية صديقي اللي كان بيتكلم في التليفون قرّب منّي بالموبايل وقال لي: «مش هو ده المطعم اللي جبت الأكل منه؟»، الفيسبوك كان حاطط له إعلان للمطعم باسماء وأسعار الوجبات المشهورة للمطعم كإعلان يعني. ساعتها اتفتح نِقاش حوالين فكرة مراقبة الفيسبوك لينا، لأن أكتر من صديق كان لهم قصص مشابهة مع أصدقاء بيقابلوهم وبيظهروا لهم على الفيس بوك كأشخاص يعرفوهم وغيرها من المواقف.
الفيسبوك بيراقبك وبيراقبنا كلنا!
لما دوّرت أكتر ورا موضوع مراقبة الفيس بوك ده، لقيت إنه اتفتح نِقاش واسع على مواقع كتير عنّه، وناس كتير جكت عن مواقف أكثر غرابة، زي إن واحد يتكلم مع صديق له في الإنبوكس (رسالة خاصة) عن رغبته في طلوع رحلة سفاري في إفريقيا، فيظهر له إعلان على الفيسبوك لأفضل رحلات السفاري في إفريقيا وأسعارها وجنبهم كلمة «احجز الآن».
قصة مراقبة الفيسبوك للبشر دي، فكّرت البعض برواية «1984» لجورج أورويل اللي صدرت سنة 1948، اللي اتكلّم فيها عن مراقبة الحكومة والأخ الأكبر للناس عن طريق الأجهزة والتليفزيونات وكل شيء. نفس الكلام ينطبق على فيلم «2001: أوديسا الفضاء» اللي أخرجة ستانلي كوبريك سنة 1968، وكان فيه كمبيوتر اسمه «هال 9000» بيقدر يسمعهم ويراقبهم ويقرأ حركة الشفايف حتى لو كانوا على بُعد مسافة كبيرة منه.
الموضوع لم يتوقف عند هذا الحد، في ناس كتير أعلنوا إن الفيسبوك مش بس بيراقب المكان اللي إحنا فيه، ده بيراقب مكالماتنا كمان عن طريق المايكروفون الخاص بالموبايل، ومش بس مكالماتنا ده بيسمع كل الأصوات اللي حوالينا، الأفلام اللي بنتفرج عليها والأغاني اللي بنسمعها والأشياء اللي بنقول إننا بنفضّلها، كل ده بيتسجل في قاعدة البيانات علشان يقدر يقدم لنا الإعلانات اللي تليق بينا.
شخص ما كان بيحكي قصته مع الفيسبوك على موقع (Reddit) وبيقول إنه اتكلم مع أصدقائه عن وجبته الخفيفة المُفضّلة واسمها (Tamari)، بعد عدد من الساعات لقى الفيسبوك عنده قلب مصنع تاماري بإعلاناته بسلطاته ببابا غنوجه.
أسفين على الإعلانات نيّتنا كانت سليمة!
طيب، قبل ما نحاول نشوف الفيسبوك بيتجسس علينا وبيراقبنا ولا لأ، ممكن نحاول نعرف هل الإعلانات بتتطلّب إنه المواقع تتجسس علينا ولا لأ؟
سنة 2014 طلع «إيثان زوكرمان»، مُصمم الإعلانات اللي بيُطلق عليها اسم (Pop up ads)، واعتذر عن الإعلانات دي، واللي بتهجم عليك كل ما بتدخل على بعض الموقع بحاجات زي: إلحق الفيزا لأمريكا وكسبت مليون دولار اضغط هنا ولرؤية الفنانة مش عارف مين من غير فستان.
إيثان قال بالنص: «أسف، نيّتنا كانت سليمة»، لأنه في الأساس كان عامل الإعلانات دي لصاحب أحد شركات السيارات، بحيث لو ضغطت في أي مكان في صفحة الموقع تظهر لك نافذة جديدة فيها الإعلان. فين المشكلة بقى؟ المشكلة إن الإعلانات دي تطوّرت بعد كده وأصبحت مُزعجة جدًا لأنها مابتفتحش نافذة واحدة بس، دي ممكن تفتح 3 نوافذ أو صفحات يعني في ضغطة واحدة.
ومش بس كده، دي كمان بتتجسس علينا وبتعرف أخبارنا من خلال المواقع اللي بنتردد عليها، وبتعمل لنا إعلانات تخص المواقع دي. يعني مثلًا، لو بتتردد على مواقع التواصل هتظهر لك إعلانات لمواقع التواصل دي، ولو بتردد على مواقع الرياضة فهتظهر لك إعلانات مواقع الرياضة، وهكذا بقى. طبعًا الإعلانات دي أصبحت من أكتر الحاجات المكروهة على النت، وكمان بقى ليها برامج خاصة بمحاربتها لوحدها، ومنعها من التجسس على الخصوصيات.
إنت اللي سمحت له يراقبك يا أحمد
طيب، نرجع للسؤال، هل الفيسبوك بيعمل زي الإعلانات دي؟ يعني هل بيراقبنا علشان يعرض لنا الإعلانات اللي تناسب اهتماماتنا؟
يوم 2 يونيو سنة 2016، كتب الفيسبوك نفسه في الجزء المُخصص بالأخبار، إن الفيس بوك مابيراقبش حد عن طريق المايكروفون، ولا بيسجّل مكالمات الناس، وإن الإعلانات اللي بتظهر دي بتكون على أساس الاهتمامات اللي كل شخص بيعلن عنها في حسابه العام، زي الصفحات اللي عامل لها إعجاب، والأماكن اللي بيتردد عليها (لأنك سمحت له يعرف المكان أو الـ Location اللي إنت موجود فيه)، والفيس بوك بيحلل كمان أكتر الكلمات اللي بيقولها المشترك ضمن منشوراته أو بوستاته على الفيس بوك، مش اللي بيتكلم عنها مع أصدقائه.
أوضح الفيسبوك كمان إنه الحاجة الوحيدة اللي ليها علاقة بالصوت ويقدر يطّلع عليها، هي إنك تستخدم خواص الرسائل الصوتية أو تسجّل فيديو يبقى ظاهر فيه صوتك، وكل ده مكتوب في الإذن اللي بيطلبه منك برنامج رسايل الفيسبوك أو الماسنجر وإنت بتحمّله من الجوجل بلاي. يعني الفيسبوك مابيتجسسش علينا ولا حاجة، وإنما بيتيح لنا كل السُبل إننا نفضح نفسنا تمامًا حسب كلام القائمين على الموقع.
بيان الفيس بوك: Facebook
معنى كده باختصار، إن الفيسبوك مش هو اللي بيراقبك، هو بس بيطلب إنك «تسمح له» ببعض الصلاحيات، يعني مثلًا إنه يكون قادر يدخل على جهات الاتصال أو الـContacts على موبايلك، وإنه يقدر يعرف مكانك، ويقدر يدخل على صورك ورسايلك وكل حاجة تقريبًا، وإنت بتقر له بده وبتوافق علشان التطبيق يتحمّل عندك، وممكن تمنعه من الدخول على بعض الحاجات دي لو إنت عاوز، من خلال إنك تلغي طلب دخوله ده قبل ما تحمّل البرنامج أو التطبيق.
الكلام ده بالمناسبة ينطبق على قطاع كبير من مواقع وتطبيقات التواصل الاجتماعي. طبعًا كل ده بعيدًا عن الشِق الأمني في القصة، اللي اتقال كلام كده عن إنه بيتفق مع الحكومات يتيح ليهم الدخول على حسابات المُشتركين ورسايلهم، طبعًا الكلام ده عليه خِلاف وماحدش يقدر يثبته بشكل قاطع، لكن خلينا نقول إن الاحتياط واجب، فخلي بالك يا إنت متراقب، طوب الأرض بيراقبك يا أحمد!
المصادر: businessinsider pcadvisor washingtonpost theatlantic