العناكب الأسترالية ورحلة الهروب من الفيضانات!
كتبت: مها طـه
زمان قبل بناء السد العالي بيقولوا إن مصر كان الفيضان بيغرقها، وبيدمر في طريقه حاجات كتير. والفيضان هو ارتفاع في منسوب المياه بشكل فوق الطبيعي وعشان كده ممكن يكون مُدمر. البشر قدروا ياخدوا احتياطاتهم ضد الفيضانات زي السدود مثلًا لكن تفتكر لما الفيضان يهاجم العناكب ممكن يعملوا إيه؟
العناكب والفيضانات.. معركة محسومة!
خلال الأسبوعين اللي فاتوا الفيضانات ضربت مناطق مختلفة من أستراليا. المثير للدهشة كان رد فعل العناكب على الفيضانات دي، سكان المناطق دي فوجئوا بمساحة كبيرة جدًا بتغطيها خيوط العنكبوت يوصل طولها تقريبًا لـ800 متر!
الأهالي في المنطقة لاحظوا إن أول ما الفيضان بدأ، آلاف العناكب الصغيرة خرجت وراحت ناحية أعلى نقطة لقوها قدامهم _فوق الأشجار_ والموجودة على أطراف المدينة، وبمجرد ما صلوا للنقطة دي بدأوا في نسج خيوطهم اللي غطوا الشجر بيها لمساحة امتدت لمسافة حوالي 800 متر.
“كين بوكيتي” واحد من سكان المنطقة وهو اللي لقط الصورة المجنونة دي، قال إن جزمته وأيديه ورجليه اتغطت تمامًا بالخيوط عشان بس يعرف يلقط الصورة دي، ده غير إنه اضطر ينفض عناكب صغيرة كتيرة جدًا عن جسمه!
إيه السبب اللي خلى العناكب تعمل كده؟
العناكب لما لقت الفيضان بيضرب الأرض حست بالخطر، وكمان شافت إن البيئة اللي عايشة فيها مبقتش مناسبة، مع غزيرة فطرية بإنهم يحافظوا على النوع بتاعهم قرروا إنهم يغيروا البيئة اللي عايشين فيها أصلًا ويتجهوا لبيئة جديدة عشان يقدروا يبعدوا عن المياه، فاختاروا أعلى نقطة قدروا يوصلوا لها فوق الأشجار على حدود المدينة.
”جراهام ميلليدج“، مدير مجموعة علم العناكب في المتحف الأسترالي صرح في الصحف، بإن العناكب اتخذت السلوك ده لأنها الحشرة المفترسة الرئيسية في البيئة، فكان لازم إنها تحافظ على نفسها من خطر عظيم زي الفيضان بإنها تبعد عنه تمامًا. وهذا إن دلّ على شئ، فهيبقى بيدل على قدرة العناكب على حماية نفسها.
طبعًا بالنسبة للأشخاص اللي عندهم فوبيا من العناكب، فالمقال كله ممكن يكون مرعب جدًا لكن في الحقيقة العناكب جزء مهم ورئيسي في النظام البيئي البري. مفيش نظام بيئي بري تقريبًا العناكب مش موجودة فيه كجزء أساسي لكنهم في العادة مبيحبوش الظهور أوي عشان كده مش طول الوقت بتقدر تشوف عناكب حواليك _وبيني وبينكم ده شئ كويس .
مش أول مرة العناكب تعمل مفاجأة!
العناكب مش أول مرة يفاجئوا البشر بسلوكيات كده، يعني مثلًا في أستراليا برضه السنة اللي فاتت الناس فوجئت بالسما وكأنها بتمطر عناكب صغيرة! في نفس السنة في تكساس، العناكب اتجمعت وعملت شبكة ضخمة جدًا للصيد لدرجة إنها كانت فعلًا شئ مرعب لكل اللي شافها.
طبعًا بالنسبة لنا كبشر مش أفضل طريقة يعني عشان تهرب من الفيضان إنك تتعلق فوق شجرة، ببساطة الفيضان ممكن يقلع الشجرة نفسها من جذرها لو قوي، والحقيقة إن العناكب مكنتش تقصد أوي اللي هي عملته ده.
”مايكل جريشكو“، من ناشيونال جيوجرافيك، قال إنه في الحقيقة خيوط العناكب اللي غطت الأشجار دي ما هي إلا دليل على محاولات فاشلة من العناكب للهروب من الفيضان، بمعنى إن العناكب لما حست بالخطر بدأت في الهروب وفي أثناء محاولاتهم لإرسال الخيوط دي لمسافات بعيدة عشان يقدروا يبعدوا بدأت كل الخيوط اللي بتتعمل في نفس الوقت تتشابك وتكون الشبكة دي كلها.
حاليًا بدأت مياه الفيضان تنحسر ودي بشرى لكل العناكب الخايفة والمرعوبة إنها ممكن ترجع تاني لمكانها، بعد ما أثبتت لينا كبشر قدرتها على الهروب وحماية نفسها من الخطر ولو بالصدفة، وتعازينا لأصدقائنا في أستراليا المصابين بفوبيا العناكب.
في النهاية أهم حاجة في الموضوع ده إن قدرة البيئة نفسها وانسجامها مع حيواناتها، واستمرارها في حماية نفسها من أي تغيُر كبير في نظامها، هو اللي بيدفع الكائنات العايشة فيها للتصرف بالشكل ده، فعليًا التوازن البيئي هو أحد أهم أسرار الحياة.
المصادر:
