الستات بتعجز أسرع : ماما تولد من هنا، تعجز قبل بابا من هنا!
كتبت: مها طه
من أكتر الجمل الشايعة اللي بنسمعها جملة ”الستات بتعجز أسرع من الرجالة“، فالاعتقاد الشائع إن الست بتعجز عشان الحمل والولادة بياخدوا من قوتها والكالسيوم اللى فى جسمها. من فترة انتشر على السوشيال ميديا كلام كتير عن الموضوع ده في محاولة لربط فضل الأم بأسباب افترض أصحاب الكلام كونها علمية عشان يثبت بيها إن الست بتعجز قبل الراجل، فكان السؤال هل فعلًا الكلام ده علمي؟
عشان كده كان الأفضل إننا ناخد الكلام اللي بيتم تناقله، ونبدأ نفند نقطة نقطة فيه ونردها للعلم.
أولًا: فى الرحم وضع الله الطفل فى سائل ملحي شديد الملوحة ليطفو جسمه ويخف ثقله!
داخل الرحم فعلًا بيكون فى سائل اسمه السائل الأمنيوسى ”amniotic fluid“، السائل ده درجة ملوحته حوالي 2%، يعني نسبة الأملاح الذائبة فيه حوالي 2% فى حين إن مثلًا الأملاح الذائبة فى المحيطات حوالي 3.5%، فلفظ شديد الملوحة هنا مش دقيق وغريب! السائل ده بيحيط بالجنين وبتكون له وظايف كتير معظمها له علاقة بنمو الجنين وحمايته، فمثلًا السائل الجنينى بيحمى الجنين من البيئة المحيطة بيه سواء خارج الرحم أو خارج جسم الأم، كما إنه بيحافظ على درجة حرارة الجنين طول الوقت، بالإضافة إلى إنه بيساعد الجنين على الحركة طول الوقت، وده اللي بيخلى العظام والعضلات في الجنين تنمو بشكل سليم، والحقيقة إن لا ملوحة السائل ده لا لها علاقة بإن الأم تعجز ولا حتى بتتدخل فى تكوين العظام نفسها.(1)
ثانيًا: الحبل السري اللى بيربط الأم بالجنين بينقل كل أسباب الرزق للجنين
الحبل السري هو اللي بيربط الأم بالجنين، بيكون خارج من المشيمة اللي بتكون متصلة بجدار الرحم، وبيتصل ببطن الجنين فى المنطقة اللى بتتسمى بعد كده بالسُرة. الحبل السرى بينقل الأكسجين والمغذيات من أملاح وفيتامينات وغيرها من المشيمة للجنين عن طريق إنه بياخدها من دم الأم و يوصلها لدم الجنين لكن من غير ما يحصل أى اختلاط ما بين الاتنين.
الحبل السُرى طوله بيبقى حوالي 50 سم عشان يسمح للجنين بحرية الحركة. قبل الولادة بيبدأ الحبل السري ينقل أجسام مضادة من دم الأم لدم الجنين عشان يزود قدرة جهازه المناعي على مواجهة العدوى خلال أول 3 شهور من حياة الطفل، لكن الحقيقة برضه ومع كل الوظايف العظيمة دي فالحبل السُرى مالوش علاقة بإن الأم بتعجز، وعظامها بتضعف عشان توصل للجنين احتياجاته.(2)
ثالثًا: إذا قصرت الأم فى طعامها لم ينقص على الجنين شئ لوجود غدد تقوم بإذابة العظام و الأسنان لتعويض هذا النقص ولذلك نجد الأمهات مع تقدم السن يعانون من ألم فى العظام.
صحيح إن لو الأم كانت بتعانى من سوء تغذية، فالجنين غالبًا احتياجاته مش بتتأثر بده، لأن جسم الأم بيبذل أقصى مجهوده عشان الجنين توصل له كل احتياجاته، لكن ده برضه بيكون فى إطار عدم حدوث ضرر للأم، يعنى مثلًا مستحيل أم تُضرب عن الطعام ويفضل الجنين عايش و زي الفل و هى تموت!
أما عن وجود غدد بتذيب العظام والأسنان، فالموضوع وما فيه إن الجسم بطبيعته بيحتاج لعنصر الكالسيوم مش بس عشان بناء وتقوية العظام و الأسنان لكن عنصر الكالسيوم مهم فى عملية انتقال السيّال العصبى _نقل الإشارات العصبية من وإلى المخ، ده طبعًا بالإضافة لدور الكالسيوم فى آلية انقباض وانبساط العضلات.
الكالسيوم اللى الجسم محتاجه بياخده من الكالسيوم الموجود فى الأمعاء بشكل طبيعى، كما إنه لازم يكون متوازن مع عنصر الفوسفور وإلا يحصل خلل. فى حالة زيادة عنصر الفوسفور أو نقص عنصر الكالسيوم فى الأمعاء، بيبدأ الجسم ينظم كمية الكالسيوم ويرجع التوازن الطبيعي ده، عشان يقدر يوفر عنصر الكالسيوم عشان يقوم بوظايفه. طب ده بقى بيحصل إزاي؟!
الغدة الجاردرقية هى الغدة المسئولة عن تنظيم نسبة الكالسيوم فى الدم، وظيفة الغدة دي إنها تراقب مستوى الكالسيوم فى الدم طول الوقت، وبمجرد ما تقل نسبته تبدأ الغدة الجاردرقية تفرز هرمون اسمه (parathyroid hormone (PTH، بعدها الهرمون ده بيروح على العظام اللي طبعًا بتُعتبر مخزن مهم لعنصر الكالسيوم، ويبدأ الهرمون يخرج عنصر الكالسيوم من العظام للدم عشان يظبط مستويات الكالسيوم فى الدم، وبمجرد ما توصل نسبة الكالسيوم فى الدم للمعدل الطبيعي بيتوقف إفراز الهرمون ده من الغدة، كل اللي شرحناه ده بيحصل بشكل طبيعي وعادي فى أجسامنا كلنا طول الوقت، فالطبيعي إن لو الأم مستوى الكالسيوم قليل فى دمها إن الغدة دى تشتغل و تفرز الهرمون.(3)
وهنا بقى ييجى سؤالنا الرئيسي، هل الستات بتعجز أسرع من الرجالة فعلًا؟
فى دراسة اتعملت فى أبريل 2015 اتكلمت عن إن الحمل بيبطئ عملية العجز ”Cell Aging“، أو بمعنى أصح بيأخر ظهور علامات الشيخوخة على السيدات، وده لأن أجسام السيدات بتتعرض لعملية تجدد خلال فترة الحمل حسب اللى ذكرته الدراسة اللي قامت بنشرها صحيفة ”التليجراف“.
عملية التجدد دي بتحصل بإنه فى أثناء فترة الحمل بيكون مجرى الدم مشترك جزئيًا بين الأم وجنينها، فبالتالي زي ما الأم بتنقل المغذيات للجنين، فالجنين هو كمان بينقل بعض المغذيات الموجودة فى دمه لأمه، المغذيات دي بتساعد الجنين نفسه، ولما بتدخل لمجرى دم الأم بتحفز خلاياها إنها تتجدد وكإن الجنين ببساطة بيهدي أمه ”أكسير الشباب“.
أرجعت الدراسة إحساس الأمهات بإنهم عجزوا بعد الحمل والولادة لحدوث تغيرات هرمونية كتيرة خلال فترات الحمل وما بعدها واللي بالتالي بتؤثر على أجسامهم، فبتبدأ الام تحس إنها كبرت أو عجزت لمجرد إن جسمها طرأت عليه بعض التغيرات.(4)
أما عن الفكرة السائدة عن إن الستات بتعجز أسرع، فالعلم بيقول إنه الخلايا كلها فى جسم الإنسان أيًا كان نوعه ذكر أم أنثى بتتأثر تقريبًا بنفس العوامل سواء كانت خارجية أو داخلية، وبالتالي الخلية نفسها لو اتعرضت لظروف معينة هي نفسها في راجل أو في ست ممكن ده يخليها تعجز أسرع، وده في حالة لو إحنا بنتكلم عن العمر الفسيولوجي (عمر خلايا الجسم وأجهزته)، إنما لو بنتكلم عن العمر العقلي، فإنت ممكن تستنى مقالنا عن فرق العمر العقلي بين الرجال والسيدات. وأكيد طبعًا كل اللي قلناه ده مايخليناش أبدًا ننسى أو ننكر أفضال أمهاتنا علينا كلنا.