.
ليه وإزاي؟

ليه مفيش علاج للسرطان؟!

كتب: أحمد حسين

جرت العادة في مصر ألا يتم تسميه المرض باسمه مهما كان السبب، وذلك لاعتقاد الناس أن المرض سيصيبهم إذا نطقوا باسمه، فيطلق على مرض زي السرطان المرض الخبيث أو المرض الوحش مثلًا. وبالرغم من ذلك، فإن معدلات الإصابة بالمرض الوحش ده بتزداد _بشكلٍ كبير_ كل سنة في مصر والعالم، ومع ذلك فلم يتم اختراع علاج يقضي على السرطان تمامًا حتى الآن رغم إجراء أبحاث بمليارات الدولارات كل عام ليبقى المرض الذي لا ينبغي ذِكر اسمه لغزًا يشغل العالم كله.

المحاولات الأولى لعلاج السرطان

في عام 1971، تم إصدار القانون الوطني الأمريكي لمكافحة السرطان، وهو القانون الذي أعلن الحرب على مرض السرطان  بشكلٍ واضح. ”د.فينسنت ديفيتا“، واحد من أكثر المتحمسين للحرب على مرض السرطان بوصفه مدير ”المعهد الوطني الأمريكي للسرطان“ وصاحب كتاب ”موت السرطان – The death of cancer“ والذي كتبه مع ابنته الصحفية العلمية ”إليزابيث ديفيتا“ ليحكي تجربته مع مع أول حالة مريضة بالسرطان يتعرض لها.

بدأ ديفيتا كتابه بقصة صديقه ”لي“ وصراعه الطويل مع مرض سرطان البروستاتا، الذي أصيب به في وقت كانت طرق علاج السرطان نفسها تنقصها الخبرة والمعلومات لكن ”لي“ كان قد قرر العلاج، فاستجاب للعلاج في البداية، لكن مع الوقت، ومع تطوير المرض لمقاومته للعقاقير والأدوية، تحوّلت الخلايا السرطانية إلى مرض مستعصٍ ومميت. كان العلاج في ذلك الوقت بالإشعاع، فحاول ”ديفيتا“ التأكد من أن صديقه يتلقى علاجه الإشعاعي في أفضل مستشفيات السرطان، وبفضل هذا المجهود، بقى ”لي“ على قيد الحياة بالفعل لمدة 12 سنة لكنه في النهاية لم يستطع الصمود أكثر من ذلك.

ظل العلاج بالإشعاع مُستخدمًا حتى عام 1980، عندما تولى دكتور ديفيتا رئاسة المعهد القومي للأورام، فأشرف بنفسه على تطوير تركيبة العلاج الكيميائي، والتي كانت أول محاولات العلاج عن طريقها عام 1942 لكن المريض بالرغم من انكماش الورم السرطاني بداخله تمامًا إلا أن المريض مات بسبب تعرضه لكيماويات بجرعات زائدة عن الحد. وبالرغم من الخبرة التي اكتسبناها على مدار السنوات الماضية إلا أننا لازلنا لا نعرف سر مرض السرطان ونقاط ضعفه كي نستغل هذه النقاط في صُنع عقاقير تساعد على القضاء على هذا المرض بشكل نهائي، مازال السؤال قائما ”لماذا لا توجد وسيلة للقضاء على السرطان نهائيا؟“

مشاكل العلاج

مبدئيًا، السرطان أنواع، وطرق انتشاره مختلفة لذلك من الصعب صُنع دواء واحد مخصص لكل أنواعه، كما إن هناك مريض يتناول الدواء فيتحسن، وهناك مريض آخر بنفس نوع السرطان يتناول الدواء فلا تتحسن حالته. لذلك من الصعب جدًا اكتشاف علاج واحد ”سحري“ من الدواء لعلاج السرطان.

أحد العوامل المشتركة بين أنواع مرض السرطان المختلفة هو صعوبة التحكم في الخلايا السرطانية التي تنتشر بسرعة وبلا توقف. هذا الانتشار الغير منضبط غالبًا ما يبدأ عن طريق مجموعة من التغيرات أو التحولات الجينية. الجينات تتكون من سلسلة من الحمض النووي، ووحدة بناء الحمض النووي تسمى ”النوكليوتيد – Nucleotide“، وكل مجموعة من النيوكليتدات تعبر عن جين معين يحمل شفرة تخليق بروتين معين _جسم الإنسان في الأساس عبارة عن مجموعة من البروتينات_ فإذا حدث خلل في جين ما، نتج عنه تكوين بروتين مختلف أدى لتحول الخلية لخلية سرطانية.

“البروتين” مش لحمة وبس!

يوجد نوعان من الجينات مسئولان عن مقاومة الخلايا السرطانية قبل الانتشار، ”الجين الورمي – Oncogene“ و”الجين الكابت للورم – Tumor suppressor gene“، عندما يحدث أي خلل في هذه الجينات، فلا يمكن لأي شيء آخر مقاومة انتشار الخلايا السرطانية.

واحد من أشهر الجينات الورمية المقاومة للخلايا السرطانية هو جين ”RAS“، عندما يتغير هذا الجين يبدأ في تغيير البروتين الذي يتحكم فيه مما يعطله عن أداء مهامه للجسم، والتي من ضمنها إرسال اشارات للخلية كي تنمو أو لا تنمو. لذلك تبدأ الخلايا في الانتشار لأنها لا تستقبل إشارات تخبرها بالتوقف عن الانتشار والنمو أبدًا مما ينتج عنه آلاف التحولات والتركيبات الكيميائية والتي من الصعب على أي دواء معالجتها بالكامل، وإذا نجح الدواء في علاج شخصٍ ما تصادف أن تركيب الدواء الكيميائي يقاوم التحولات الكيميائية لجيناته، فإن الدواء نفسه يمكن أن يثبت عدم تأثيره بالنسبة لشخص آخر.

فكيف يمكنك علاج السرطان إذا كان الخلل الجيني لا يمكن تحديده بشكلٍ دقيق؟ هناك طريقة جراحية وهي ”الاستئصال“، بمعنى إزالة العضو المحمّل بالورم لكن هذا لا يمكن تحقيقه في جميع الحالات، وبعض الحالات تنمو بها الخلايا السرطانية مرة أخرى حتى بعد عملية الاستئصال. حتى الآن، لم نتمكن من اكتشاف طرق علاج للسرطان أفضل من طرق العلاج الحالية والتي تعتبر ”سامّة“ للجسم، فهي يهاجم جميع الخلايا التي تنتشر بسرعة حتى لو كانت هذه الخلايا غير سرطانية ولا تنتشر بشكل عشوائي.

طرق العلاج الحالية هي ”الإشعاع“ و”الكيماوي“:

يعمل العلاج بالإشعاع على تفتيت الحمض النووي المصاب كي تتوقف الخلايا السرطانية عن الانتشار لكن مشكلته الأساسية في أنه يفتت أيضًا الحمض النووي الغير مصاب المجاور للحمض النووي المصاب، لذلك يجد الطبيب صعوبة في توجيه الإشعاع لمكان الحمض النووي المصاب فقط دون إصابة بقية الأحماض النووية.

أما العلاج بالكيماوي، فتعمل الأدوية على مهاجمة الخلايا السرطانية الموجودة في الأوعية الدموية بشكلٍ مباشر، والأدوية أنواع، بعضها يهاجم الشكل البنائي للحمض النووي، والبعض الآخر يهاجم ”الهيكل الخلوي – Cytoskeleton“ والذي يعتبر الدعامة الأساسية للخلايا. لذلك فالعلاج بالكيماوي مؤثر بالفعل وبشكل إيجابي في القضاء على الخلايا السرطانية لكنه في نفس الوقت يقضي على جميع الخلايا التي تنتشر في الجسم، وهي خلايا غير مصابة وتحتاج للانتشار. أيضًا له تأثير على ”جريبات الشعر – Hair follicles“ مما يسبب تساقط الشعر بشكلٍ كبير خلال العلاج به.

محاولات جديدة

حاليًا، يحاول الأطباء اكتشاف طرق جديدة في العلاج (Genome sequencing) عن طريق تحديد الخلايا السرطانية وفصلها عن الخلايا غير المصابة ومحاولة إنتاج أدوية متعددة، كل دواء مسئول عن مهاجمة نوع مختلف من الخلايا السرطانية لكن مشاكل هذا الاكتشاف حتى الآن كانت في النتائج المختلفة التي ظهرت نتيجة مهاجمة نفس نوع الدواء لنفس نوع الخلية لأشخاص مختلفين، فالمحاولة الآن تدور حول الخروج بنتائج مشابهة لنجاح الدواء في علاج نفس الخلايا لأشخاص مختلفين.

وهناك محاولة أخرى، من الدكتور ”مصطفى السيد“ لعلاج الخلايا السرطانية عن طريق حقنها بجزيئات الذهب النانوية، وحتى الآن نجحت هذه التجربة على الفئران لكن لايزال التأكد من عدم وجود آثار جانبية نتيجة لترسب الذهب في أعضاء الجسم قيد البحث.


المصادر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى