.
حيّ يرزق

لبن الصراصير: نموذج الوجبة المتكاملة في المستقبل!

كتبت: مها طـه

طبعًا لو حضرتك بتقرأ المقال ده دلوقتي، فأكيد العنوان في حد ذاته أثار جواك حاجة من الاتنين يا الدهشة يا القرف. خلينا نقول في الأول وبمنتهى البساطة إن إحنا بنعيش في عالم بيزيد فيه السكان في نفس الوقت اللي بتتراجع فيه موارد الغذاء والطاقة وكله، العالم ممكن بحلول عام 2050 يمر بأزمة غذاء طاحنة، وطبعًا اللي هيروح فيها هما الشعوب في الدول الفقيرة والنامية تحديدًا.

في الوقت اللي فيه بعض العلماء بيشتغلوا على أفكار زي اللحوم المُصنعة معمليًا، أو فكرة استخدام المحاصيل المُعدلة وراثيًا اللي بيتوقع العلماء إنها تكون حلول للأزمة دي، في علماء تانيين بيقولوا إن الحل موجود أصلًا في الطبيعية حوالينا، الحل في الحشرات! أيوه يا جماعة زي ما قريتوا وده لأن الحشرات ببساطة بتحتوي على كميات عالية جدًا من المُغذيات، سواء أحماض أمينية أو بروتينات أو فيتامينات ومعادن.

لبن الصراصير .. الغذاء المتكامل!

طبعًا فكرة لبن الصراصير دي غريبة في حد ذاتها، الصراصير من الحشرات ومفيش حشرات بتنتج لبن، معظم أنواع الصراصير مش بتُنتج لبن، لكن الصرصار المنقط ”Diploptera punctate“ يُعتبر النوع الوحيد للصراصير المعروف بإنه ”بيولد“، عادي صرصارة خلفت صراصير صغيرة، وتبين إنها بتُنتج نوع من ”اللبن“ اللي بيحتوي على بللورات بروتينية لتغذية الصغار، وبيتم إفرازه من القناة الهضمية.

الصرصار المنقط لبن الصراصير

الغريب في النوع ده من اللبن إنه بيحتوي على مُغذيات بمثابة أربع أضعاف الموجود في لبن البقر، وبالتالي فقيمته الغذائية تُعتبر كبيرة جدًا. حقيقة إنتاج الصراصير للّبن في حد ذاتها حقيقة مُبهرة، لكن الحقيقة اللي أبهرت الباحثين أكتر هي إن البللورة الواحدة من البروتين الموجود في اللبن ده، بتحتوي على طاقة أكتر بـ3 مرات من الموجودة في ألبان الأبقار، وبالمناسبة ده معناه كمان إن نسبة السعرات الحرارية فيه أعلى!

طبعًا فكرة إننا ”نحلب“ صرصار تُعتبر غير مُجدية بالمرة، بالمنطق مش هنمسك صرصار صرصار نحلبه يعني، وعشان كده كان الحل على إيد فريق دولي من الباحثين بقيادة باحثي معهد بيولوجيا الخلايا الجذعية والطب التجديدي في الهند، اللي قرروا إنهم يعرفوا التسلسل الجيني المسئول عن إنتاج بللورات اللبن البروتينية، عشان يقدروا يحددوا إمكانية استخدامه معمليًا عن طريق تكرار نفس التتابعات الجينية دي وإنتاج اللبن منها.

Print

بللورات اللبن دي تُعتبر وجبة متكاملة، بتحتوي على بروتينات ودهون وسكريات كمان، وبالنظر لتتابعات البورتين الموجودة فيه، هنلاقي إنها بتحتوي على كل الأحماض الامينية الأساسية، وده اللي صرّح بيه ”سانشاري بانيرجي“ أحد أعضاء الفريق، في مقابلة مع صحيفة تايمز الهند.

النوع ده من اللبن مش بس غني بالسعرات الحرارية والعناصر الغذائية، لكنه كمان بيستمر لوقت طويل، أو بمعنى تاني فهو بيساعد على عملية الهضم، لأنه طول وقت الهضم، بتفضل بللورات اللبن تنتج بروتينات بشكل يسمح باستمرار عملية الهضم والاستفادة من كل المحتوى البروتيني. ومن المعروف إن كل ما كان الهضم أبطأ وعلى مراحل، كل ما كان نوع الغذاء أفضل، لإنه بيحافظ على الهضم وعلى مستوى السكر في الدم لمدة طويلة.

”سوبرامانيان راماسوامي“، قائد فريق البحث، قال إن لو الشخص محتاج لقيمة غذائية عالية بالإضافة لسعرات حرارية مرتفعة، وفي نفس الوقت يكون بيتهضم بشكل بطئ بحيث يسمح بالهضم والاستفادة الكاملة، يبقى كل اللي محتاجه هو النوع ده من اللبن.

طبعًأ هنا لازم نوضح نقطة مهمة جدًا، إن اللبن ده بيُعتبر غني بالسعرات الحرارية اللي طبعًا تخليه غير مناسب للأشخاص اللي بيحاولوا يقللوا من وزنهم، ولا حتى يتواكب مع أي نظام أكل صحي، لأنه عبارة عن جرعة مُكثفة من البروتينات والسعرات الحرارية، ده غير إننا في العادي أصلًا بنستهلك عدد كبير من السعرات الحرارية يوميًا، فأكيد لا ينقصنا كمان لبن الصراصير. سمعاك ياللي بتقول الحمدلله! 😀

لكن كمان لازم نقول إنه مناسب جدًا للأشخاص اللي بيعانوا من نحافة شديدة، وجسمهم مش بيقدر ياخد احتياجاته الكاملة من العناصر الغذائية والسعرات الحرارية، طبعًا في الحالة دي فهو يُعتبر علاج سريع وسهل للمشكلة دي، ده غير كمان إنه يٌعتبر مُكمل غذائي بروتيني رائع، وده معناه إن إخواتنا من محبي الجيم والعضلات، اللبن ده يُعتبر بالنسبة لهم كنز.

حاليًا الباحثين حصلوا على التسلسل الجيني المسئول عن إنتاج اللبن، وبياملوا إنهم يقدروا ينتجوه بكميات كبيرة، صحيح الطريقة دي ممكن تقلل شوية من كفاءته_هو أصلًا قيمته عالية جدًا_، لكنها في الوقت نفسه هتساعد في إنتاج كميات كبيرة منه، مقارنة باللي ممكن يتم استخراجه من الصراصير نفسها بشكل مباشر. عمومًا ربنا يُستر من اللي جاي ولازم من دلوقتي نتعامل مع الواقع الجديد، وهو إن الحشرات ممكن تدخل في كل حاجة في نظام الغذاء العالمي، واللي فعليًا بيعتمد عليها ملايين من البشر في العالم حاليًا.

المصادر:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى