.
حيّ يرزق

هل النباتات قادرة على التفكير؟ وهل ليها ذاكرة؟!

كتبت: مها طـه

بدايةً من رابعة ابتدائي هتلاقي نفسك بتدرس في منهج العلوم البناء الضوئي، وغالبًا بيفضل معاك كأهم حدث _من وجهة نظر كتب المدرسة_ عشان تدرس من خلاله النباتات، لو كنت عملي علوم في ثانوية عامة فغالبًا هتتنقل لمستوى تاني من دراسة النبات، فتبدأ تُدرك إن النبات كائن حي بيقوم بكل العمليات الحيوية اللي بيقوم بيها الإنسان والحيوانات، النبات بيتغذى ويتنفس ويُخرِج ويتكاثر، لكن هل عمرك سألت نفسك هل النبات بيفكر؟

تفكير النباتات .. طريقة التذكُر ورد الفعل!

للأسف كتير من الناس ماتعرفش إن النبات بيحس وبيفكر وبيتفاعل مع البيئة من حواليه، وبتكون له استجابات وردود أفعال تجاهها، كل المشكلة إننا كبشر غير مُدركين لفكرة تفكير النباتات دي، وبنتعامل مع النبات إنه لا عنده تفكير ولا حتى إحساس، طالما ماعندوش طرق مُباشرة للتعبير زي الحيوانات.

على الأرض بيعيش حوالي 300 ألف نوع من النباتات، وكقاعدة في بقاء الكائنات الحية، فلازم يكون الكائن متطور عشان يقدر يؤمن لنفسه البقاء على قيد الحياة. الكائنات الحية كلها من أول البكتيريا ولحد الإنسان ومرورًا بكل انواع النباتات والحيوانات، لازم يكون عندهم حواس ومميزات حيوية تمكنهم من البقاء، لأن الصراع دايمًا في الطبيعة محسوم للأصلح، واللي قادر يتعايش ويتفاعل أكتر مع باقي مكونات بيئته.

تفكير النباتات

النباتات تفرق عن كتير من أنواع الكائنات الحية، لأنها غير مُتحركة، وبالتالي هي متقدرش تهرب أو تجري من بيئتها لو هاجمها خطر ما، ده غير إنها متقدرش تسعى للغذاء زيها زي غيرها، لكن الحقيقة إن فكرة الثبات لا تُمثل عائق أمامها، لأنها قادرة تتأقلم وده بسبب تفكير النباتات وقدرتها على الاستفادة من كل حواسها ومميزاتها.

النبات زي أي كائن حي وبالرغم من إن مالوش جهاز عصبي يتحكم في كل أجزاءه اللي ممكن تكون بعيدة عن بعضها، زي بعض أنواع الأشجار اللي بيوصل طولها لعدة أمتار في الطول وأحيانًا العرض، لكنها في نفس الوقت عندها طريقتها الخاصة في التواصل بين أجزائها المختلفة.

مثلًا في عملية نُضج الثمار عشان كل الثمار تنضُج في نفس الوقت تقريبًا، النبات بيستخدم قدرته على إطلاق مادة الإيثيلين الكيميائية، المادة دي تبتقى بمثابة إشارة عصبية بتستقبلها الثمار في كل أجزاء النبات، وتتعامل معاها وكأنها أمر من النبات عشان كل الثمار تنضج في نفس الوقت ومع بعض، وده معناه وجود خلايا كل دورها هو إرسال واستقبال الإشارات دي، زي ما هو موجود في الأعصاب عند الحيوانات والإنسان.

شجرة السنط مثلًا بمجرد ما بيهاجمها حيوان مُعين، بتفرز مواد كيميائية على أوراقها، بتخلي طعمها غير مُستساغ للحيوانات، وكمان بيخليها صعبة جدًا في الهضم، وبكده فالنبات بيحمي نفسه من الحيوانات المختلفة حتى لو مش عارف يتحرك ويهرب منها، فهو باستخدامه طريقة تفكير النباتات دي قادر على حماية نفسه.

النباتات الآكلة للحوم هي كمان أحد أمثلة تفكير النباتات، وده لإنها بتفرز مواد كيميائية مُعينة عشان تقدر بيها تجتذب الحشرة اللي هتتغذى عليها، وتخدعها بوجود غذاء داخلها، وده معناه إن مش بس الحيوانات اللي ممكن تكون ماكرة وبتستغل ذكاءها، لأ ده كمان بعض النباتات ليها نفس القدرة. اعرف أكتر عن النباتات آكلة اللحوم من هنا.

النباتات والقدرة على التواصل

النباتات مش بس بتقدر تتواصل مع أجزائها المختلفة، دي كمان بتقدر تتواصل مع بعضها، وده اللي أثبتته تجارب كتير من العلماء اللي استخدموا فيها النظائر المُشعة _عناصر كيميائية بتُستخدم لتمييز المركبات الكيميائية عن طريق طيفها المُشع_، استخدام النظائر هنا كشف إن الأشجار المتقاربة بتمد جذورها وتتشابك مع بعضها، ومن خلال الشبكة دي بتنقل لبعضها المياه والعناصر الكيميائية والمُغذيات، على حسب احتياج كل نوع من النباتات. الشبكة اللي بتُربط النباتات دي ببعضها معروفة باسم “Wood Wide Web“.

النباتات والذاكرة

أحد أشهر الأمثلة اللي بتُستخدم في دراسة الإحساس في النبات هو نبات المستحية، وده نبات بمجرد لمس أوراقه بتقرب الأوراق من بعضها وكأنها بتذبل، وده سبب تسميته باسم “المستحية” _بيتكسف لما حد يلمسه_، النبات ده بيستجيب للمس بشكل ملحوظ وده بهدف حماية نفسه من أي كائن ممكن يهاجمه، زي ما غيره من النباتات بتستجيب بالانتحاء، وهي الانحناء ناحية الضوء أو المياه وغيرها من المؤثرات في البيئة.

تفكير النباتات

نبات المستحية مش بس نموذج للإحساس في النبات، لكنه كمان بقى مؤخرًا نموذج لدراسة فكرة الذاكرة في النباتات، لإنه اتضح إنه بيتمتع بذاكرة قوية. كان في تجارب أُجريت على النبات أسقطوه فيها من على ارتفاع 15 سم، وطبعًا في الحالة دي بيكون رد فعل النبات أول ما يلمس الأرض أو أي جسم إنه يقفل زي ما قولنا. التجربة دي لما كرروها، كانت النتيجة إنه بعد حوالي 5 أو 6 مرات، النبات بطل يعمل نفس الاستجابة، وكانه أدرك إن الوقعة دي مش مؤثرة يعني ومفيش منها ضرر. الأعجب بقى هو إن التأثير ده استمر لأسابيع، وده معناه إن النبات عنده ذاكرة بتمكنه من الاحتفاظ بمؤثرات البيئة حواليه.

من هنا ممكن نقول إنه النباتات وعلى الرغم من إنها لا ليها جهاز عصبي ولا عندها مخ، إلا إنها قادرة على التفكير والتواصل والتذكُر كمان، وفي منها المكّار، اللي بيجتذب كائنات حية أخرى ويتغذى عليها، وياريت بعد كدة لما حد يقولك WWW، قوله يا ترى تقصد الـWorld Wide Web ولا الـWood Wide Web. وابعتله لينك المقال بالمرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى