.
النشرة

المناعة القوية تتسبب في أمراض المناعة الذاتية

كتبت: مها طـه

أصبح البشر ولأول مرة يمتلكون أدلة على أن الأشخاص الأكثر عُرضة للإصابة بأمراض المناعة الذاتية كالذئبة والتصلب المتعدد والتهاب المفاصل الروماتيدي، يمتلكون أجهزة مناعية أقوى تُمكنهم من مكافحة العدوى الخطيرة وبالتالي العيش لمدة أطول.

قالت ”أندريا جراهام“، أستاذة علم الأحياء التطوري في جامعة بريستون، في الاجتماع السنوي للجمعية الدولية للتطور والطب والصحة العامة في دورهام بولاية نورث كارولينا، أن الاحتمال الأقوى لوجود كثير من أمراض المناعة الذاتية التي تؤثر على جميع أنواع الأنسجة في الجسم هو الجهاز المناعي، ببساطة كأنه الثمن الذي يجب أن ندفعه في مقابل الدفاع القوي والسريع للجسم ضد العدوى.

وجدت ”جراهام“ وزملائها الدليل على هذه الفكرة باستخدام دراسة طويلة المدى على مجموعة من كبار السن في تايوان، والتي تتبعت أكثر من ألف شخص ولدوا بين عامي 1892 و1953 لمدة الـ27 عامًا الماضية.

قام الفريق بتحليل عينات الدم التي تم جمعها من 639 شخص من هؤلاء الناس في عامي 2000 و2006، كما قاموا بقياس مستويات الأجسام المضادة ”ذاتية التفاعل“ القادرة على مهاجمة أنسجة الجسم نفسه_، فوجدوا أن الأشخاص الذين يعانون من مستويات أعلى من هذه الأجسام المضادة من المرجح أن يعيشوا لمدة أطول.

كان المشاركون أصحاب المستويات العالية من الأجسام المضادة ذاتية التفاعل غير المقتصرين على كبار السن أقل عرضة للموت بمُعدل 33% أقل من غيرهم، كما بدوا أقل عُرضة للإصابة بنوع من العدى الفيروسية المُزمنة.

الجانب السلبي لهذه الأجسام المضادة هي أنها تتسبب في أمراض المناعة الذاتية، على سبيل المثال الكُلى هي أحد الأعضاء الأولى التي تتأثر باضطرابات المناعة الذاتية (الذئبة)، ولذلك بدأ الفريق في النظر لعينات البول، التي تُشير إلى صحة الكُلى، ووجد الباحثون أن الأشخاص أصحاب المستويات العالية من الأجسام المضادة ذاتية التفاعل، قد يكونوا أكثر عُرضة لتطور مرض الذئبة لديهم.

قال ”جابرييل سورسي“، أستاذ علم الأحياء التطوري في جامعة بورجون في فرنسا، أن ما يجعل هذه الدراسة مُلفتة للنظر هو أنها تفسر من وجهة النظر التطورية لماذا فشل التطور البشري في التخلص من أمراض المناعة الذاتية.

2nd_rexfeatures_4452458a

تم استلهام هذه الدراسة من نتائج توصلت إليها ”جراهام“ من دراسة مماثلة في المملكة المتحدة ولكنها على الخراف وليس البشر، من خلال تحليل الأجسام المضادة في عينات دم الأغنام، وجد فريق البحث أن هناك علاقة بين مستويات الأجسام المضادة ذاتية التفاعل وتلك الأجسام المضادة ضد الطفيليات، وأن هذه المستويات العالية من الأجسام المضادة ذاتية التفاعل يتم توريثها بين الأجيال.

أشارت نتائج هذه الدراسة إلى أن الوراثة تؤثر على مستويات الأجسام المضادة ذاتية التفاعل، وهذا يرتبط بمناعة دفاعية أقوى ضد الطفيليات، وهو ما يبدو كميزة تطورية، فالأغنام ذات المستويات العالية من الاجسام المضادة ذاتية التفاعل تعيش لمدة أطول من غيرها.

المصادر:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى