.
الملف

الطفرات الجينية سلاح القوى الخارقة لدى البشر!-الجزء الثاني

كتبت : مها طـه

استكمالًا للجزء الأول من مقالنا، واللي اتكلمنا فيه عن 5 أنواع مختلفة للطفرات الجينية اللي تسببت عند البشر المصابين بيها في تغيرات فسيولوجية وبيولوجية، وزودتهم بقدرات خارقة حقيقية، تخليهم يتكيفوا ويعيشوا مع البيئة اللي بيعيشوا فيها، هنكمل هنا كلامنا عن باقي الطفرات الجينية النادرة دي.

ألمجموعة التانية من الطفرات الجينية المسئولة عن بعض من القوى الخارقة لدى بعض البشر:

6. مناعة ضد أمراض المخ:

اعتقد إننا مش محتاجين نقول أسباب ليه مينفعش نبقى آكلي لحوم بشر. بالنسبة لي الكلمة دي في حد ذاتها فيلم رعب كامل وكنت بعتبرها من مبالغات أفلام الرعب السخيفة، لكن في ”غينيا الجديدة“ ظهر وباء في منتصف القرن العشرين، اسمه ”الكورو“، وهو مرض قاتل بيصيب المخ.

”الكورو“ شبه مرض جنون البقر كدة، بيعمل تهتك في المخ، عن طريق إنه يعمل جوا نسيج المخ حُفر، ويخلي نسيجه يشبه الإسفنج كده. الأشخاص المصابين بالمرض ده بيعانوا من فقدان في الذاكرة وتغيرات كبيرة في الشخصية ونوبات تشبه الصرع. المرض ده في بعض الأشخاص بيقدروا يعيشوا بيه والبعض التاني لأ، ونادرًا ما بيتورث المرض ده.

زمان، الأطباء والعلماء مكانوش عارفين ليه المرض ده انتشر كوباء بالشكل ده في قبيلة معينة، لحد ما اكتشفوا فى منتصف الخمسينات كدة، إن الناس دي كان عندهم شوية طقوس جنائزية غريبة كدة، عندهم إكرام الميت مش دفنه لأ أكله!

صورة حقيقية للقبيلة صورة حقيقية للقبيلة

طبعًا لو الشخص اللي مات ده، كان مصاب بالمرض أو حتى مات بسببه، فالمرض بيتنقل للناس اللي كلوه دول، وطبعًا لما بيموتوا أهاليهم هيكرروا الطقس وياكلوهم وهكذا بقى. الأطفال والنساء كانوا بيشاركوا في المراسم دي بشكل أكبر، وعشان كدة كانوا بيتضرروا أكتر، لحد ما انتهت تمامًا المراسم دي، لكن العلماء اكتشفوا إن في ناس من ضمن اللي أكلوا دول، المرض لم ينتقل ليهم. سبب عدم إصابتهم بالمرض كان إنهم عندهم طفرة في الجين ”G127V“، واللي منحهم مناعة ضد المرض، مازال الجين ده بطفرته موجود في الأجيال الجديدة وبيورث.

7. الدم الدهبي:

طبعًا معظمنا عارف إن اللي فصيلة دمه O ده شخص ممكن يتبرع بالدم لأي حد، لكن الحقيقة إن موضوع التبرع بالدم مش بالبساطة اللي يبدو عليها دي. الموضوع معقد شوية، وبيعتمد على وجود مواد مولدة للفصيلة في دم الشخص، مواد مولدة A  أو B أو لو مفيش فتبقى O، ومواد مضادة فحضرتك لو فصيلة دمك A تبقى عندك مواد مضادة للـB وهكذا بقى.

cd6c3bc0

كمان فصيلة الدم بتحددها حاجة تانية اسمها ”العامل الريسوسي“. أكيد سمعت قبل كدة حد بيقولك فصيلة دمي (A+) أو (O-)، أهو السالب والموجب دول، هما العامل الريسوسي، يا إما حضرتك عندك المادة المولدة للعامل ده، أو لأ، واللي مسئول عن ظهوره 3 أزواج من الجينات.

أغرب الحالات النادرة دي، هي الحالة اللي العلماء بيسموها ”الدم الدهبي“، الحالة دي معندهاش الجينات المولدة لعامل ريسس أو العامل الريسوسي أصلًا، وده مش معناه إنهم بيبقوا سالب، لأن الشخص اللي بيفقد الجين (D)، هو اللي بيُعتبر سالب، لكنه بيبقى عنده جينات. عدد الأشخاص اللي مفيش عندهم ولا جين مولد، حوالي 40 بس في العالم كله!

طبعًا الناس دول بيم اعتبارهم ككنز، لأنهم فعليًا ممكن يتبرعوا بالدم لأي حد، هما مفيش في دمهم أي نوع من المواد المولدة أصلًا، لا عامل ريسس ولا A ولا B، ولأن في العادي الجسم بيحمي الشخص صاحب الفصيلة من أنواع المواد المولدة المختلفة معاه، فهما ينفع يتبرعوا لأي حد، ومع ذلك هما نفسهم لو تعرضوا لأي أذى، ممكن جدًا مايلاقوش اللي يتبرع لهم أصلًا، لإن لو انتقل لهم دم من أي حد عادي، هيموتوا على طول.

8. رؤية واضحة تمامًا تحت المياه:

الرؤية في الحيوانات نوعين، يا إما بيشوفوا تحت المياه، يا إما في الهواء، ماينفعش فى الاتنين. الإنسان بقى مختلف شوية، عادي حضرتك بتشوف في الهواء، لكنك كمان ممكن تشوف تحت المياه، لكن بتبقى الرؤية ضبابية شوية، ومش بنفس الوضوح.

السبب في ده هو إن كثافة المياه تقريبًا مماثلة لكثافة السوائل الموجودة في العين، وده بيأثر على كمية الضوء المنكسر اللي بتخش العين، وبالتالي بتخلينا نشوف الرؤية مش واضحة اوي، الغريب فعلًا إن في مجموعة من البشر مش كدة، وبيشوفوا تحت المياه بشكل طبيعي وعادي جدًا وبمنتهى الوضوح.

المجموعة دي من البشر معروفين باسم ”شعب الموكين“، البشر دول بيقدروا يشوفوا تحت المياه لحد عمق 22 متر، الشعب ده بيعيش حوالي 8 شهور من السنة في البحر، وبيرجعوا على البر بس عشان يبيعوا اللي اصطادوه، أو يجيبوا بعض الأدوات أو المواد اللي نقصاهم، ويرجعوا تاني.

OLYMPUS DIGITAL CAMERA

الشعب ده بيعتمد في الصيد على الطرق التقليدية، والأطفال هما اللي مسؤلين عن جمع الغذاء، زي المحار وخيار البحر من قاع البحر، وبتكرار العملية دي، وعشان العين تتأقلم، حصلت طفرة في عيونهم، بتخلي شكلها يتغير تحت المياه، بحيث تزود من انكسار الضوء، وبالتالي الرؤية عندهم تبقى واضحة.

لما تمت مقارنة أطفال ”الموكين“ بالأطفال الأوروبين، العلماء لقوا إن أطفال ”الموكين“ نظرهم حاد أكتر بمرتين من الأوروبيين، لكن العلماء لما قرروا يخلوا الأطفال الأوروبيين يمروا بنفس التجربة ويعيشوا في نفس البيئة، لقوا إنهم بدأوا يتمتعوا بالرؤية الواضحة دي زيهم زي أطفال الموكين وده معناه إن كلنا ممكن عيوننا تتأقلم على ده، لو عيشنا في بيئة بالشكل ده.

9. العظام شديدة الكثافة:

كل ما نتقدم في العمر، كل ما بتزيد احتمالات المعاناة من أمراض كتير، أشهرها هشاشة العظام، واللي بتخلي العظام قابلة لإنها تتكسر بسهولة، وده لأنه مع العمر كثافة العظام بتقل. بالإضافة للعوامل التانية اللي ممكن تؤدي للهشاشة، في نوع بقى من البشر عندهم حماية ضد هشاشة العظام، وده عن طريق طفرة جينية فريدة من نوعها، بتحمل سر علاج هشاشة العظام.

osteoporosis-1

الجين ده اسمه ”SOST“ وموجود في عدد من سكان جنوب أفريقيا اللي من أصول هولندية. في حالة إن الجين المتحور ده موجود منه نسخة واحدة عند الشخص، فهو بيحافظ على ثبات كثافة العظام في جميع مراحل الحياة، لأن الجين ده بيتحكم في إفراز بروتين الـ”سكليروستين“ اللي بينظم نمو العظام.

لو الجين ده موجود منه نسختين متحورين، فالشخص ده هيعاني من حالة اسمها ”sclerosteosis“، واللي بتؤدي لفرط شديد في نمو العظام، عملقة، بروز لعظام الوجه، وأحيانًا الصمم والموت المبكر. طبعًا الحالة المرضية دي أسوء بكتير من الإصابة بهشاشة العظام، العلماء حاليًا بيبحثوا كيفية الاستفادة من التحوّر الجيني ده، عشان يلاقوا علاج لهشاشة العظام.

حالة عملقةحالة عملقة

10. قليلًا من النوم يكفي

في الوقت اللي فيه المفروض والطبيعي إننا ننام حوالي من 6 لـ8 ساعات في اليوم، والحقيقة إن في ناس أصلًا مش بيكفيهم الـ8 ساعات دول وبيحبوا يناموا اكتر، في نوع بقى من البشر بيكتفي يوميًا بأقل من 6 ساعات، وده مش عشان هما وراهم شئ مهم مثلًا، لأ هما فعلًا بيكفيهم العدد القليل من الساعات.

البشر دول عندهم طفرة جينية نادرة في الجين ”DEC2“، الطفرة دي بتخليهم يبقوا فعليًا محتاجين لعدد ساعات نوم أقل من العادي، الأشخاص الطبيعين لو ناموا أقل من 6 ساعات لمدة كام يوم، هيبان عليهم أثر سلبي مباشر، فمثلًا اضطرابات النوم والأرق المُزمن بتؤدي للإصابة بمشاكل صحية زي ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب.

sleep-clock-sleeping-woman

أما بقى الأشخاص اللي عندهم الطفرة الجينية دي، مش بيعانوا من أي أعراض ليها علاقة بنقص النوم، في الحقيقة أنا نفسي مكنتش أتخيل، إن تحوّر جين واحد كفيل إنه يقلل من حاجة أساسية عظيمة زي النوم، الشذوذ الجيني ده موجود في أقل من 1% من البشر.

المصادر:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى