.
ليه وإزاي؟

الإحساس بالوحدة ينبع من الداخل .. الجينات هي السبب

كتبت: مها طـه

”الوحدة خير من جليس السوء“، افتكر إني طول عمري لما كنت أقرأ الجملة دي أو ألاقي حد بيقولهالي، كان رد فعلي إنه وليه اختار بين حاجتين أسوء من بعض، يا سيدي ليه الإحساس بالوحدة ده، ما ممكن ألاقي جليس خير وكل حاجة.

وفضلت شايفة دايمًا إن الإحساس بالوحدة ده، بيكون إحساس نابع من الظروف المحيطة بالشخص، وإنه أول ما يلاقي الفرصة وجليس الخير هيخرج من الوحدة على طول. لكن للأسف طلع ظني غلط، وطلع الإحساس بالوحدة بينبع من الداخل، من جيناتنا الوراثية.

الإحساس بالوحدة والجينات الوراثية

أشارت دراسة جديدة إلى إن مش بس الوضع الاجتماعي للشخص هو اللي بيتسبب في الإحساس بالوحدة، لكن كمان الجينات الوراثية بيكون ليها تأثيرها، صحيح العوامل البيئية بتلعب دور أكبر في الموضوع ده، لكن الدراسة الجديدة اللي أُجريت على حوالي أكتر من 10 آلاف شخص، قالت إن الإحساس بالوحدة بيكون وراثي ولو جزئيًا.

الإحساس بالوحدة بيغذي تقريبًا جميع أنواع المشاكل الصحية والجسدية وكمان العقلية، وبتُعتبر الوحدة عامل مهم جدًا في الوفيات المبكرة، وده اللي دفع كتير من العلماء للبحث عن أسبابها ومعرفتها، وبالتالي معرفة طرق التخلُص منها. فريق البحث هنا بقى كان هدفه واضح من الأول وهو الكشف عن احتمالية وجود عامل وراثي  للإحساس بالوحدة.

”إبراهام بالمر“، قائد فريق البحث والطبيب النفسي بجامعة كاليفورنيا، قال إنهم كفريق بحث كانوا عاوزين يعرفوا مدى تأثير الجينات الوراثية في جعل أشخاص مُعينين أكثر عُرضة للإحساس بالوحدة من غيرهم حتى لو بيعيشوا في نفس الظروف، يعني مثلًا شخصين عندهم نفس عدد الأصدقاء وأفراد العائلة، لكن واحد فيهم شايف إن وجود محيط إجتماعي حواليه مهم، والتاني عنده ميل وإحساس بالوحدة.

الإحساس بالوحدة

اشتغل الباحثون على دراسة طويلة، بلغ عدد المشاركين فيها 10760 شخص، تتراوح أعمارهم بين 50 وأكتر، وحاولوا دراسة الرابط بين الوراثة و الإحساس بالوحدة ، بناءًا على البيانات دي، توصل الباحثون لنتيجة وهي إن حوالي 14 لـ27% من خطر الإحساس بالوحدة مدى الحياة ممكن يكون وراثي. ودي بالمناسبة مش نسبة قليلة أبدًا.

لفظ الإحساس بالوحدة لم يتم ذكره في الاستبيان اللي اتعمل للمشتركين في الدراسة، وده لإن البشر غالبًا مش بيحبوا يقولوا إنهم بيحسوا بالوحدة، وده بالمناسبة السبب في تبرير بعض الأشخاص للوحدة وتصنيفها كنوع من الرغبة الشخصية.

اعرف أكتر عن: مزايا العزلة وجماليات الصمت

وبدلًا من كلمة الإحساس بالوحدة، استخدم الباحثون كلمة الافتقار للصُحبة، وما مدى إحساس المشاركين بكونهم مُهمَلين؟ وعدد المرات اللي حسوا فيها إنهم عاوزين يعتزلوا الناس؟ الدراسة نظرت بعين الإعتبار لكتير من العوامل المؤثرة زي العُمر والجنس والحالة الاجتماعية (غالبًا المتزوجين بيحسوا بالوحدة أقل من العزاب كأمر طبيعي).

قارن فريق البحث بين الحمض النووي للمشاركين، عشان يقدروا يوصلوا لأي نوع من الربط بين الإحساس بالوحدة وبعض المناطق الجينية.

الدراسة دي تُعتبر الأولى من نوعها واللي بتربط بين الجينات والإحساس بالوحدة على نطاق واسع، وعلى الرغم من إن الباحثين ماكنش هدفهم من الدراسة إيجاد تغيُرات جينية بعينها ليها علاقة بالإحساس بالوحدة، لكنهم بالفعل لقوا أدلة بتؤكد ارتباط المخاطر الجينية الخاصة بالإحساس بالوحدة بالعصابية والأعراض الاكتئابية.

بالمر وفريقه توصلوا لفرضية مبدئية بتقول إن الإحساس بالوحدة ممكن يكون بمثابة نظام إنذار بيولوجي، إنذار بتطلقه أجسامنا عشان تقولنا إننا محتاجين نتواصل مع غيرنا من البشر أكتر، ونزود من مدى تفاعلنا الاجتماعي.

فريق البحث عرف يوصل للنتايج دي عن طريق استخدامهم لتقنية ”chip heritability method“، واللي من خلالها بيتم فحص الاختلافات الجينية المشتركة مش النادرة والمختلفة. الحقيقة الدراسة دي مازالت برضة محتاجة تأكيدات تانية وأبحاث تانية، لأنها كانت محصورة في الولايات المتحدة الأمريكية، ومع ذلك فهي خطوة كبيرة جدًا في إثبات تدخل الجينات في كل شئ تقريبًا في سلوكياتنا، وإن كون حد عنده إحساس بالوحدة اكتر من غيره، ما هو إلا إختلاف جيني بين الاتنين.


المصادر:  nhs  health  nature  sciencealert

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى